فقد لبنان والعالم العربي عميداً من أعمدته الفنية والثقافية برحيل زياد الرحباني، الابن الأكبر للأسطورة الموسيقية فيروز، الذي غادر هذا العالم عن عمر يناهز 69 عاماً بعد صراع مع المرض، مخلفاً إرثاً فنياً حافلاً ترك بصمة لا تُمحى في الموسيقى والمسرح السياسي الساخر.
وقد أعلنت الوكالة الرسمية اللبنانية نبأ الوفاة يوم السبت، حيث ودّع لبنان شخصيةً كانت بحق واحدة من أكثر المبدعين تأثيراً في عالم الموسيقى اللبنانية والمسرح النقدي، وهو ابن الفنان اللبناني الكبير عاصي الرحباني الذي رحل في عام 2021.
وُلد زياد الرحباني في الأول من يناير 1956 في بلدة أنطلياس بمقاطعة المتن، حيث غمرته الألحان منذ نعومة أظفاره، وكان غالباً ما ينقطع عن دراسته ليظل ملازماً لألحان والده، الذي شجعه منذ سن مبكرة على تطوير آرائه الفنية بحرية واستقلالية.
انطلق زياد في مسيرته الفنية في أوائل السبعينيات بمسرحيته الشهيرة "سهريّة"، التي لاقت استحسان الجماهير، وكتب ولحّن عدداً من الأغاني الخالدة لفيروز، منها "كيفك إنت" و"بلا ولا شي"، التي نالت شهرة واسعة ولا تزال حية في وجدان الجمهور.
عرف زياد الرحباني بأعماله المسرحية التي عبرت عن نقد اجتماعي وسياسي حاد، من بينها "نزول السرور" و"فيلم أمريكي طويل" و"بما إنو"، حيث مزج بين الموسيقى الشرقية وجماليات الجاز والكلاسيكيات، مشكلة تجربة فنية فريدة تحمل بصمة خاصة.
بدأ نشاطه الفني في عام 1973 عندما لحن لأول مرة الأغنية الشهيرة "سألوني الناس" لفيروز ضمن مشروع مشترك مع إخوة الرحباني، آنذاك كان في السابعة عشرة من عمره، وكانت تلك اللحظة انطلاقة تأكيد لموهبته الكبيرة.
كما شهد المسرح اللبناني مشاركاته التمثيلية في مسرحيات مثل "المحطة" بدور شرطي، و"ميس الريم" في 1975، مظهراً متعددة المواهب التي امتلكها.
مع انتشار خبر وفاة زياد الرحباني، نعى سياسيون ومشهورون من أنحاء العالم العربي الراحل، معبرين عن حزنهم الكبير لفقدان هذه القامة الثقافية.
الرئيس اللبناني جوزف عون قال في رسالة تأبين: "لم يكن زياد الرحباني مجرد فنان، بل كان ظاهرة فكرية وثقافية كاملة. أكثر من ذلك، كان الضمير الحي، والصوت المتمرد على الظلم، ومرآة حقيقية للمظلومين والمهمشين. لقد منح صوتاً لأوجاع الناس وعزف على أوتار الحقيقة بلا تردد."
وعبر الجمهور عن ألمهم في منصات التواصل، فقال أحد المستخدمين: "زياد الرحباني غيّر ثقافتنا، وشكّل أفكارنا وسياساتنا ودعابتنا. أعطى اللغة لرومانسياتنا المعقّدة. كلماته وصوته ونقده وسخريته متشابكة في كل الطرق الحميمة التي أحبّ بها بيروت."
وكتبت أخرى: "كان زياد الرحباني أيقونة ثقافية، ابن أيقونتين، فيروز وعاصي. ساعات من الضحك العائلي في أوقات كانت صعبة لشعبنا، كان بمثابة نور. فليرقد بسلام يا زياد."