الازدحام المروري: تأثيره على الصحة وكيفية التعامل معه
يؤكد الخبراء أن قضاء ساعات طويلة وسط الزحام المروري يومياً قد يكون له تأثير سلبي على صحة الإنسان، وأشاروا إلى أنه ينبغي على سائقي السيارات إدراك تداعيات هذه المعاناة التي يتسبب فيها هذا التحدي اليومي.
في حديثها مع صحيفة خليج تايمز، قالت فاطمة عبد الله التي تتنقل يومياً بين الشارقة ودبي إنها انفجرت بالبكاء ذات مرة أثناء قيادة سيارتها في طريق عودتها إلى المنزل، وذلك بعد أن وصلت إلى نقطة الانهيار نتيجة لعدة ليال من قلة النوم، حيث كانت تضطر للاستيقاظ مبكراً في الخامسة صباحاً لتجنب الزحام.
وقالت السائقة التي تقود سيارتها لمدة ساعة للوصول إلى مكتبها وتقضي ساعة ونصف أخرى في الطريق للعودة إلى المنزل: "في اليوم التالي، انتهى بي الأمر إلى النوم المتواصل لمدة 24 ساعة".
وقالت الدكتورة "هايك جاكوبس"، استشارية طب الأعصاب في مستشفى السعودي الألماني بدبي، إنه يجب على السكان أن يدركوا أن الازدحام المروري يؤثر سلباً على الصحة العقلية.
وأضافت أن "التعرض للمعاناة المرتبطة بحركة المرور لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم ويساهم في تفاقم الشعور بالعجز".
وقالت مقيمة أخرى في الشارقة تعمل في دبي إنها شعرت بالقلق باستمرار بعد حادثة واحدة لا تستطيع أن تنساها.
قالت الأم: "في ذلك اليوم، وقع حادث على الطريق أثر في حركة المرور، مما جعل وقت رحلتي يمتد من 90 دقيقة إلى ساعتين. كنت في طريقي إلى الحضانة لأخذ طفلي، وعندما وصلت، كان هو آخر من بقي هناك".
يمكن أن تؤدي هذه المشاعر إلى زيادة التوتر والعصبية في مكان العمل، كما قد تساهم في نشوب خلافات.
وحذرت جاكوبس من أن "الاحتراق الوظيفي يشكل مصدر قلق حقيقي"، كما أشارت إلى عوامل ضغط إضافية مثل الوظائف الشاقة وساعات العمل الطويلة. كما أن تنوع الثقافات فيما يتعلق بالقيادة في الإمارات العربية المتحدة يزيد من هذه الضغوط، مما يجعل تطبيق استراتيجيات التأقلم الفعّالة ضرورية للحفاظ على الصحة.
وأعربت موظفة أخرى في دبي عن استيائها من غيابها عن حصص الرياضة بسبب الازدحام المروري الشديد. فقد التحقت بصالة ألعاب رياضية تبعد 15 دقيقة فقط عن منزلها، لكن الرحلة إلى العمل تستغرق ساعة في كثير من الأحيان. وقد أدى هذا التأخير غير المتوقع إلى عدم توفر وقت لها لممارسة الرياضة، مما أدى إلى زيادة التوتر لديها وجعلها مترددة في مغادرة المنزل.
معالجة غضب الطريق
وتقول الدكتورة جاكوبس إن الازدحام المروري يمكن أن يؤثر سلباً على المزاج. "إن التعامل مع الازدحام على الطرق يثير هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول"، وهذا يؤدي إلى حالة من التوتر والعدوانية لدى السائقين، مما يتسبب غالباً في سلوكيات خطيرة على الطريق".
وتؤكد الخبيرة أنه في هذه الحالة، يصبح الغضب على الطريق مشكلة حقيقية .
قالت "ريتاشا فيرساني"، أخصائية علم النفس في عيادة أمان للعافية بدبي، إن غضب الطريق ينشأ بسبب الضغوط المرتبطة بالوقت، كما أن السمات الشخصية الفردية يمكن أن تزيد من التوتر.
قد يؤدي هذا الاستياء إلى سلوكيات قيادة غير آمنة، مثل التسرع في القيادة أو القيادة على مسافة قريبة من السيارة الأمامية. ويمكن أن تشمل علامات الغضب، ضرب المقود أو الضغط على الأسنان.
وقالت فيرساني: "إن التعرف على الأسباب وراء غضب الطريق أمر مهم، كما أن تطبيق استراتيجيات التكيف الصحية أمر ضروري".
والأسوأ من ذلك أن التوتر الذي لا يتم معالجته لفترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى تراكم العادات غير الصحية مثل الإفراط في تناول الطعام وزيادة تعاطي الكحول.
وأشارت فيرساني إلى أنه "عندما نسمح لحركة المرور بالتأثير على مزاجنا، فإننا نعرض صحتنا العامة للخطر".
كما أضافت أنه، من المهم أن يجد السائقون وسائل لاستعادة توازنهم العاطفي، لأن التعرض المستمر للازدحام المروري قد يؤثر على نومهم، وراحتهم، ووقت تواجدهم مع العائلة، مما ينعكس سلباً على أدائهم الوظيفي.
في حال تواجدك وسط الازدحام المروري، يوصي الخبراء بتطبيق ممارسات "اليقظة الذهنية". إليك بعض النصائح:
استغل وقت التنقل للعناية بنفسك من خلال الاستماع إلى الموسيقى أو البث الصوتي.
مارس تمارين التنفس العميق والحديث الإيجابي مع نفسك لتبقى هادئاً.
خذ لحظة للتنفس وعد إلى الرقم 10 قبل الاستجابة لأي مواقف عصيبة على الطريق.
جرب وسائل نقل بديلة مثل مشاركة السيارة أو استخدام وسائل النقل العامة، أو حتى العمل من المنزل، إذا كان هذا الخيار متاحاً لك.