

فرضت محكمة مدنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي غرامة بقيمة 20 ألف درهم على رجل بعد إدانته بنشر صور ومقاطع فيديو لامرأة على وسائل التواصل الاجتماعي دون موافقتها، في انتهاك لخصوصيتها الرقمية.
وأوضحت المحكمة أن هذا الفعل تسبب في ضرر معنوي ونفسي للمرأة، نتيجة الإساءة لسمعتها والإخلال بحياتها الخاصة، مؤكدة أن اختراق الخصوصية يُعد عملاً غير مشروع يوجب التعويض، وفقًا للمادة (282) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي التي تنص على أن "كل ضرر يلحق بالغير يلزم من أحدثه ولو غير مميّز بضمان الضرر".
وبحسب الوثائق القضائية، كانت المدعية قد رفعت دعوى مدنية بعد أن نشر المدعى عليه صورها ومقاطعها عبر منصة تواصل اجتماعي، ما سبب لها أذى نفسيًا ومساسًا بسمعتها، وقد تمت إدانته مسبقًا جنائيًا في الدعوى ذاتها، حيث أيدت محكمة الاستئناف في مارس الماضي الحكم الصادر من محكمة الجنح، وأصبح نهائيًا بعدم تقديم أي طعن إضافي.
ورأت المحكمة المدنية أن مبلغ 20 ألف درهم كافٍ لتعويض الأضرار المعنوية والنفسية الناتجة عن الفعل، خاصة مع عدم ثبوت خسائر مالية أو تبعات اجتماعية بعيدة المدى، رغم أن المدعية طالبت بتعويض قدره 50 ألف درهم.
ويؤكد الحكم نهج دولة الإمارات الصارم في حماية الخصوصية الفردية في الفضاء الرقمي، مشددًا على أن نشر صور أو مقاطع لأي شخص دون رضاه يُعد مخالفة للقانون يمكن أن تؤدي إلى ملاحقة جنائية وتعويض مدني.
وأوضحت مصادر قانونية أن قوانين الدولة، وفي مقدمتها المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، والمرسوم رقم 45 لسنة 2021 بشأن حماية البيانات الشخصية، تضع أسسًا صارمة لضمان سرية المعلومات ومنع إساءة استخدامها أو تداولها دون إذن أصحابها.
كما حذر خبراء قانونيون من أن مشاركة بيانات أو صور أو رسائل خاصة عبر وسائل التواصل مثل "واتساب" أو "إنستغرام" دون إذن تعد جريمة إلكترونية، حتى وإن لم يُذكر اسم الشخص صراحة، ما دام بالإمكان التعرف عليه من السياق أو الصور المنشورة. العقوبات يمكن أن تصل إلى السجن والغرامة التي تصل إلى 500 ألف درهم، إضافة إلى الترحيل في حالات المقيمين غير المواطنين.
ويغطي تعريف التشهير في القانون الإماراتي أي فعل أو تصريح أو منشور من شأنه المساس بشرف أو سمعة أو مكانة شخص في المجتمع، حتى وإن كانت المعلومات صحيحة، طالما تم تداولها بلا مبرر قانوني وأدت إلى ضرر بسمعة الطرف المتضرر.
ويأتي هذا الحكم كتذكير للمجتمع بأهمية التفكير المسبق قبل النشر، والوعي بأن العالم الرقمي يخضع في الإمارات لمعايير قانونية وأخلاقية رفيعة تضع حماية الخصوصية في مقدمة أولوياتها.