

عندما يسيء طفل التصرف في المدرسة، قد لا تكون العقوبة هي الرد الأول، بل القلم والورقة.
في مدارس الإمارات، يعيد المعلمون والمستشارون التفكير في معنى "الانضباط" الحقيقي، متجاوزين التوبيخ إلى مساعدة الطلاب على التفكير في مشاعرهم وأفعالهم.
يأتي هذا التحول بينما تطلق وزارة التربية والتعليم (MoE) لائحة شاملة لسلوك الطلبة للعام الدراسي، تتضمن تصنيفات لـ 46 نوعًا من المخالفات والإجراءات التأديبية المقابلة لها.
تقسم هذه اللائحة المخالفات إلى أربعة مستويات من حيث الخطورة مع خطوات تدخل واضحة، تهدف جميعها إلى "تعزيز بيئة تعليمية قائمة على القيم" و"الحفاظ على المدارس آمنة ومحترمة".
وقد اكتسب النقاش حول الانضباط أهمية متزايدة في ضوء الأحداث الأخيرة. ففي ولاية كيرالا جنوب الهند، أثارت وفاة ابن أحد المقيمين في الإمارات، البالغ 14 عامًا، منتحرًا بعد تعرضه المزعوم للإهانة في المدرسة، احتجاجات وتعليق عمل معلمين اثنين.
تسلّط مثل هذه الحوادث الضوء أيضًا على أهمية التعامل مع الانضباط برعاية وتعاطف وذكاء عاطفي.
في بعض مدارس الإمارات، يحوّل المستشارون لحظات الاضطراب إلى فرص للتعبير عن الذات.
قال أروغيا ريدي، مدير مدرسة السفير في الشارقة: "يجب تقدير حتى الجهود الصغيرة التي يبذلها الأطفال. الطلاب الذين يتصرفون بشكل مزعج يبحثون عادةً عن الانتباه، وتقدير أفعالهم الإيجابية البسيطة يبني لديهم الدافع. في مدرستنا، يتم التعامل مع حالات الاضطراب أولًا من قبل المستشارين، الذين يساعدون الطلاب على التأمل في أنفسهم، والتعبير عن مشاعرهم، وتنمية الوعي الذاتي من خلال الكتابة والنقاش."
وأضاف أن هذا التمرين يؤدي غالبًا إلى تفريغ عاطفي.
"عندما يكتبون، يعبرون عن الكثير من مشاعرهم الداخلية ويهدؤون بشكل ملحوظ. بعض كتاباتهم تكون عدوانية أكثر، باستخدام لغة قوية، بينما تكون كتابات أخرى أكثر هدوءًا. قد يطلب المستشارون من الطلاب قراءة ما كتبوه بصوت عالٍ. أحيانًا يختار الطلاب مشاركة ما كتبوه، وأحيانًا لا. المدرسة لا تجبرهم على القراءة إن لم يرغبوا."
وقال مديرو المدارس إن جميع القضايا - بما في ذلك سوء السلوك عبر الإنترنت - يتم التعامل معها في إطار مدونة قواعد السلوك الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، ووفقًا للمبادئ التوجيهية المحددة التي وضعها المنظم التعليمي للإمارة المعنية، بما في ذلك الآباء والتحذيرات الرسمية.
وأشار ريدي إلى أن "عمل الوالدين لساعات طويلة والتعرض غير المراقب للإنترنت يسهمان غالبًا في التحديات السلوكية."
كما أوضح قادة التعليم الآخرون كيف أن الانضباط يتبع نظامًا منظمًا.
يُشكّل "ميثاق السلوك الطلابي" الجديد نظامًا تدريجيًا — يبدأ بالتحذيرات اللفظية ويتصاعد إلى الملاحظات الخطية أو خصم درجات السلوك. ويتبع ذلك إشراك أولياء الأمور ومتابعة سلوك الطالب إذا استمرت المشكلات.
قال برامود مهاجان، مدير المدرسة الهندية في الشارقة: "يميل الأطفال هنا إلى أن يكونوا أكثر انضباطًا، نظرًا لنشأتهم في بيئة ذات ثقافة تعليمية فريدة في الإمارات. بالنسبة للطلاب الذين ينحرفون أحيانًا، لدينا إجراءات تصحيحية بدرجات — الدرجة الأولى، الثانية، وهكذا — مما يترك مجالًا ضيقًا للانحراف."
وأضاف أن المستشارين والمعلمين يراقبون الطلاب عن كثب بمساعدة كاميرات المراقبة وضباط السلامة. "في الحالات المتصاعدة، تتدخل إدارة المدرسة والمعلمون الرئيسيون، كما يتم إشراك أولياء الأمور وتوجيههم حول كيفية تأديب أطفالهم. خلال سنوات عملي الطويلة، نادرًا ما واجهت حالة تستدعي الفصل المؤقت."
وأوضح أن فريق تقنية المعلومات الداخلي في المدرسة يراقب أيضًا نشاط الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي "لضمان ألا ينشر الطلاب أي محتوى غير لائق عن المعلمين أو المدرسة."
كما شدد بعض القادة التربويين على أن الانضباط يكون أكثر فاعلية عندما ينبع من الداخل.
قالت فينا ناير، رئيسة قسم الإعلام والمجتمع في مدرسة دلهي الخاصة (DPS) الشارقة: "في مدرستنا، لا يُفرض الانضباط، بل يُعزَّز كقيمة أساسية. يحافظ المعلمون على التوازن بين النظام والإخلاص من خلال غرس الاحترام والمسؤولية المتبادلين في كل متعلم."
ووصفت كيف تمتد هذه الثقافة إلى جميع جوانب الحياة المدرسية. "يلعب المجلس الطلابي دورًا ديناميكيًا في توجيه زملائهم، وضمان الحفاظ على الانضباط بروح من احترام الذات."
وأضافت ناير: "إن ثقافة الاحترام هذه تخلق بيئة آمنة وداعمة يشعر فيها الطلاب بالثقة للتعبير عن أنفسهم والتعلم من تجاربهم".