مدرسة عاتكة بنت زيد بخورفكان.. تزرع حب القراءة وتحصد تكريم الشيخ "محمد بن راشد"

رؤية تربوية حولت القراءة إلى عادة يومية وثقافة مستدامة فحصدت التميز وجائزة المليون درهم
مدرسة عاتكة بنت زيد بخورفكان.. تزرع حب القراءة وتحصد تكريم الشيخ "محمد بن راشد"
تاريخ النشر

عندما تُوّجت مدرسة عاتكة بنت زيد في خورفكان بلقب «المدرسة المتميزة» في الدورة التاسعة من تحدي القراءة العربي الأسبوع الماضي، كان ذلك تتويجاً لسنوات من العمل المخلص لبناء ثقافة قراءة تتجاوز حدود المنافسة.

حصلت المدرسة على الجائزة المرموقة ومبلغ مليون درهم من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.

يكمن سر نجاح المدرسة في نهجها الشمولي. فمنذ البداية، وضعت قيادتها رؤية واضحة تهدف إلى جعل القراءة ممارسة يومية وثقافة أصيلة داخل المدرسة، لا مشروعاً موسمياً.

وقد تُرجمت هذه الرؤية إلى 73 مبادرة فرعية موزعة على خمسة محاور رئيسية، لتشكل إطاراً منهجياً شاملاً شارك فيه جميع المعنيين في المنظومة التعليمية.

وقالت هند أحمد الشحي، مديرة المدرسة: «شكلنا فريق قيادة للقراءة يضم الإدارة والمعلمين وأولياء الأمور وكبار المواطنين وأصحاب الهمم ومختلف المؤسسات المجتمعية لدعم التنفيذ ومتابعته».

وقد وضع الفريق خططاً أسبوعية وشهرية لتعزيز القراءة داخل الصفوف والدروس، وربطها بالمسابقات الداخلية والواجبات المنزلية والأنشطة التعليمية واللامنهجية.

كما طبقت المدرسة برامج تحفيزية مبتكرة جعلت من القراءة نشاطاً ممتعاً لا يقاوم لدى الطلبة. شملت هذه البرامج مبادرة «سفير القراءة»، و«جواز القارئ»، وساعة قراءة يومية، وزوايا مكتبات في الممرات، وتحديات صفية بين الطلبة، وعرض أعمال الطلبة في ممرات وأجنحة المدرسة.

وكان تدريب المعلمين جزءاً أساسياً من هذا النهج. فقد نظمت المدرسة ورش عمل لتزويد المعلمين بالمهارات اللازمة لتوجيه الطلبة نحو القراءة النقدية وتقنيات تلخيص الكتب.

كما تم إشراك أولياء الأمور بشكل فعال من خلال مبادرة «أسرتي تقرأ»، مع متابعة دورية لأعداد الكتب المقروءة في المنازل.

وحرصت المدرسة كذلك على خلق بيئة قراءة جاذبة داخل الصفوف والمكتبة والممرات، لتشعر الطلبة بأن القراءة جزء من روتينهم اليومي وليس مجرد واجب مدرسي.

كما قامت المدرسة أيضًا بإنشاء بيئة قراءة جذابة داخل الفصول الدراسية والمكتبة والممرات، مما يضمن للطلاب الشعور بأن القراءة جزء من روتينهم اليومي وليس مجرد واجب منزلي.

وهذا هو الفوز الثاني للمدرسة في تحدي القراءة العربي. ففي الدورة الخامسة أثناء جائحة كوفيد-19، حصلت المدرسة على المركز الأول على مستوى الدولة، وكانت أول من حوّل جميع جوازات القراءة إلى صيغة إلكترونية — وهي فكرة تبنتها لاحقاً وزارة التربية والتعليم وعممتها على جميع المدارس في الدولة.

وقالت الشيهي: «لم يكن هدفنا الأسمى هو الفوز بحد ذاته، بل صناعة جيل من القرّاء والمفكرين يمتلك أدوات المستقبل. جاء الفوز كنتيجة طبيعية لثقافة غرسناها بإيمان وعمل دؤوب على مدى سنوات، من خلال خطط تركز على الاستدامة».

وكانت لحظة الفوز لا تُنسى في مجتمع المدرسة بأسره. قالت الشيهي: «كانت لحظة فخر لا تُنسى، اختلطت فيها دموع الفرح بدموع الإنجاز. شعر الطلبة بأن جهدهم تُوّج بالنجاح، وكانت فرحة المعلمين لا توصف، لأنهم رأوا ثمرة جهودهم تتجلى أمام العالم العربي بأسره».

وأضافت: «شعرنا جميعاً أننا لم نفز بلقب فقط، بل فزنا بقيمة ستبقى في أذهان أبنائنا مدى الحياة. حققنا إنجازاً وطنياً يضاف إلى إنجازات دولة الإمارات».

ويظهر أثر ثقافة القراءة في المدرسة على أكثر من صعيد. فقد ازدادت ثقة الطلبة بأنفسهم عند التحدث والعرض، بما في ذلك أثناء الطابور الصباحي.

كما تطورت مهاراتهم اللغوية والكتابية بشكل ملحوظ، وتحسّن أداؤهم الأكاديمي في جميع المواد، وليس اللغة فقط.

والأهم من ذلك، أن المدرسة نجحت في بناء شخصيات قارئة قادرة على اتخاذ قرارات واعية وفهم العالم من حولها بما يتناسب مع أعمارها ومراحلها التعليمية.

وتستمر المدرسة في التزامها بالقراءة على مدار العام، حيث تُقسَّم خطة القراءة إلى ثلاث مراحل: ما قبل التحدي، وأثناء التحدي، وما بعد التحدي — لضمان استمرارية التفاعل مع القراءة.

وقد وجهت الشيهي نصيحة لجميع الأطراف في المجتمع التعليمي، فقالت: «إلى الآباء: القراءة في المنزل هي أعظم هدية تقدمونها لأطفالكم. اجعلوا الكتب جزءاً من حياة العائلة مثل الطعام والنوم واللعب».

«إلى المعلمين: كلماتكم تخلق الشغف أو تطفئه. ازرعوا حب المعرفة قبل المنهاج، وستجدون طالباً متفوقاً مدفوعاً بالشغف لا بالضغط. إلى القادة: اصنعوا بيئات تثير الفضول لدى الطلبة. فالتعليم الحقيقي لا يقوم على الحفظ والتلقين، بل على القراءة التي توسّع الأفق وتبني الإنسان».

كما حصدت المدرسة جوائز مرموقة أخرى، من بينها جائزة خليفة التربوية لعام 2025، والمركز الأول في فئة «أجمل بيئة مدرسية».

يُذكر أن تحدي القراءة العربي، الذي أطلقه الشيخ محمد عام 2015، يُعد أكبر مبادرة عالمية للنهوض باللغة العربية والقراءة.

وقد شهدت النسخة الحالية مشاركة غير مسبوقة، حيث بلغ عدد الطلبة المشاركين أكثر من 32 مليون طالب من 50 دولة، يمثلون 132,112 مدرسة، بإشراف 161,004 مشرفين.

وبجانب مدرسة عاتكة بنت زيد، تقاسمت مدرسة طرابلس الحدادين في لبنان لقب «المدرسة المتميزة».

وبلغ إجمالي جوائز النسخة الحالية 11 مليون درهم، لتكون الأكبر والأشمل على الإطلاق.

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com