متلازمة العودة إلى المدرسة..وسبل مساعدة الأطفال
عندما عاد "سامي عبدالله" البالغ من العمر 10 أعوام من إجازته في 23 أغسطس/آب، كان يظهر عليه علامات ما يسميه علماء النفس "متلازمة العودة إلى المدرسة"، وهي حالة يشعر فيها الأطفال بالاستنزاف العقلي والجسدي عند العودة إلى المدرسة بعد فترة انقطاع طويلة.
وأوضحت والدته سارة أن "الأطفال كانوا في مصر لمدة شهرين تقريباً، وأصبح سامي قريباً جداً من أبناء عمومته".
سامي، الذي عادة ما يكون حريصاً على العودة إلى المدرسة، لم يُظهر اهتماماً كبيراً بالأنشطة، وكان يعاني من مشاكل في النوم، وكان سريع الانفعال، ولم يكن يأكل جيدًا. ونتيجة لذلك، بدأت والدته سارة تشعر بالقلق. قالت: "كنت قلقة عليه حقاً. فهو عادة ما يكون مليئاً بالطاقة ومتحمساً دائماً للعودة إلى المدرسة".
بعد استشارة طبيب نفسي، علمت سارة أن أعراض سامي شائعة بين الأطفال الذين يعودون إلى روتينهم المدرسي بعد انقطاع طويل. أوصى الأطباء ببعض تقنيات الاسترخاء، والتواصل المفتوح، وبعض الاستشارات لمساعدة سامي على العودة إلى الحياة المدرسية.
وعلى نحو مماثل، واجه خالد السيد البالغ من العمر 8 سنوات أوقاتاً عصيبة مع استئناف الدراسة، فقد ظل يعاني من الصداع وآلام المعدة، وشعر بالقلق الشديد، مما دفعه إلى التغيب عن المدرسة بشكل متكرر. وبسبب القلق، اصطحبه والداه إلى مستشفى جامعة ثومبي. وبعد سلسلة من الفحوصات، أكد لهم الأطباء أنه لا يوجد مرض جسدي وراء مشاكل خالد.
وأوضح الدكتور عدنان أحمدي زاد، وهو طبيب نفسي متخصص في مستشفى جامعة ثومبي، أن "النتائج جاءت طبيعية، وهو ما يعني أن مشاكل خالد كانت على الأرجح ناجمة عن التوتر والقلق وليس عن أي مرض جسدي". ولمساعدة خالد، استخدموا العلاج السلوكي المعرفي للمساعدة في إدارة قلقه وتطوير استراتيجيات التأقلم.
وأضاف الدكتور أحمدي آزاد: "لقد قمنا أيضاً بإنشاء اتصال مفتوح حتى يتمكن خالد من التحدث عن مخاوفه، وخاصة عدم ارتياحه للأماكن والأشخاص الجدد". كما قدموا لخالد روتيناً يومياً منظماً بالإضافة إلى تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق للمساعدة في إدارة ضغوطه.
وتشير هذه الحالات إلى مشكلة شائعة تُعرف باسم "متلازمة العودة إلى المدرسة". ووصفها الدكتور أحمدي آزاد بأنها الإجهاد العقلي والجسدي الذي يعاني منه بعض الأطفال عند العودة إلى المدرسة بعد انقطاع طويل أو إجازة ممتدة. "قد يُظهر الأطفال أعراضاً جسدية مثل الصداع وآلام المعدة وصعوبة النوم إلى جانب أعراض عاطفية مثل القلق والانفعال والحزن".
هذه المشكلة شائعة جدًا بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 17 عامًا، والذين غالبًا ما يتعاملون مع الضغوط الأكاديمية والاجتماعية. وأوضح الدكتور شريف محمد مسعد كامل، استشاري طب الأطفال في مستشفى زليخة، أن "هذه المتلازمة هي استجابة للتوتر والقلق الذي يأتي مع العودة إلى البيئة المدرسية المنظمة، حيث يمكن أن تطفو الضغوط الأكاديمية والاجتماعية على السطح".
ولمساعدة الأطفال على التعامل مع ضغوط العودة إلى المدرسة، اقترح الأطباء عدة استراتيجيات. وقال الدكتور أحمدي آزاد: "إن إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة أمر مهم حقًا. فهو يساعد الأطفال على فهم أنه من الطبيعي أن يشعروا بالقلق أو الإرهاق". كما أن إنشاء روتين يومي منظم يمكن أن يمنح الأطفال الاستقرار ويقلل من إجهادهم. وأضاف: "إن تشجيع نمط حياة صحي أمر ضروري، لذا تأكد من حصول أطفالك على قسط كافٍ من الراحة وتناول نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام". ومن المهم أيضًا الحد من وقت الشاشة، حيث يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط إلى زيادة القلق وتعطيل أنماط النوم.
وقال الدكتور كامل إن أهمية نظام الدعم الذي يضم "الآباء والمعلمين والمدارس يلعبون دوراً حاسماً في دعم الطلاب خلال متلازمة العودة إلى المدرسة. والتواصل المفتوح هو المفتاح - يجب على الآباء الانخراط في مناقشات مع أطفالهم حول مشاعرهم وقلقهم، وطمأنتهم ومساعدتهم في تحديد أهداف واقعية للعام الدراسي".
إذا استمرت أعراض الطفل وبدأت تؤثر بشكل خطير على حياته اليومية أو أدائه المدرسي، فمن المستحسن طلب المساعدة المهنية. ونصحت الدكتورة كامل قائلة: "من خلال التعرف على علامات متلازمة العودة إلى المدرسة في وقت مبكر واتخاذ خطوات استباقية، يمكن للوالدين دعم أطفالهم خلال هذه الفترة الانتقالية ومساعدتهم على الحصول على تجربة تعليمية إيجابية".