الإمارات:الرحلات المدرسية.. فوائد تعليمية أم تكاليف باهظة؟
مع اقتراب موعد عطلة نصف الفصل الدراسي، تخطط العديد من المؤسسات التعليمية لتنظيم رحلات ميدانية مما يمثل ممارسة شائعة في العديد من المدارس الخاصة، وهي مصممة لإثراء تجارب التعلم لدى الطلاب من خلال تقديم تطبيق عملي في أرض الواقع للدروس التي يتلقونها في الفصول الدراسية.
ويرى بعض الآباء أن هذه الرحلات أمر مكلف وسطحي، في حين يؤكد آخرون على الفوائد التعليمية المهمة التي تقدمها، مثل الانغماس الثقافي وفرص للعمل الجماعي.
نشاط لإثبات المكانة المرموقة للمؤسسات التعليمية
تحدثت صحيفة خليج تايمز مع مجموعة متنوعة من الآباء والأمهات لاستكشاف ما إذا كانت زيارة وجهة أو مكان ما يعزز حقاً المشاركة في ثقافة البلاد أم أنه نشاط لإثبات "المكانة المرموقة" للمدارس فقط.
وقالت "شريا تشاركارابورتي"، والدة أحد طلاب السنة الرابعة: "يدرس ابني اللغة الإسبانية في المدرسة، وهناك فعالية إفطار إسبانية في أحد مراكز التسوق في دبي، بتكلفة 92 درهماً. ويقال إن هذه الفعالية تجمع بين الإثراء التعليمي وتجربة الطهي الممتعة للطلاب.
وأضافت "قال ابني إن جميع أصدقائه سيحضرون، ويقال إن هذه ستكون فرصة لهم للانغماس في اللغة والثقافة التي يدرسونها. وفي حين يبدو ذلك مقنعاً، لا يسعني إلا أن أشعر أن الأمر مبالغ فيه وهو مجرد طريقة لتبرير الوضع".
وقالت : "في العام المقبل، تخطط المدرسة لأخذ الطلاب في رحلة إلى سويسرا، والتي ستكون بلا شك باهظة الثمن. ورغم أن المشاركة اختيارية، فقد بدأ ابني بالفعل يسألني عن ذلك. أعلم أن العديد من المدارس تنظم هذا النوع من الرحلات، لكن سؤالي هو كيف يمكن للطفل أن يتعلم حقاً عن الثقافة بمجرد الذهاب في رحلة؟"
هل تستحق التجربة مبلغ 13 ألف؟
وعلى النقيض من "تشاكرابورتي"، تشعر "كريستين كوارتير لا تينت" أن ذهاب الأطفال في هذه الرحلات المدرسية يمكن أن يكون تجربة تحويلية للنمو الشخصي والتعليمي على حد سواء.
وتعتقد الوافدة الفرنسية أن السفر إلى الخارج يحفز لدى الأطفال أيضاً الاستقلال والثقة بالنفس.
"لقد أرسلت ابنتي إلى اليابان يوم الثلاثاء الماضي في أول رحلة ميدانية دولية لها، وكلف ذلك 13 ألف درهم. وفي حين كانت الدول الأخرى أرخص، كانت زيارة اليابان حلمها منذ أن كانت طفلة".
وأضافت والدة طالبة الصف السابع في رافلز وورلد أكاديمي: "أعتقد أن هذه فرصة رائعة لها لخلق ذكريات تدوم مدى الحياة خلال سنوات دراستها. تتولى المدرسة جميع الأمور اللوجستية، مما يجعل الأمر ملائماً للغاية لنا أيضاً. ستعتز بهذا الوقت الذي تقضيه مع زملائها في الفصل، بعيداً عن الأسرة. لا يزال لديها بعض الوقت للاستمتاع قبل الضغوط وأعباء العمل التي تأتي مع الصف العاشر".
بالإضافة إلى ذلك، مع تحسن الأحوال الجوية، تنظم المدارس رحلات تخييم ليلية إلى إمارات أخرى، والتي قد تكلف ما لا يقل عن 1500 درهم للطفل الواحد وخاصة بالنسبة للعديد من المدارس التي تتبع المناهج الدولية. يضطر العديد من الآباء لإرسال أطفالهم في هذه الرحلات كي لا يخيبوا آمالهم.
الوافد الروسي "أندريه شاشكوف"، وهو أب لثلاثة أطفال في سن المدرسة، أكد أنه على الرغم من وجوب دفع مبالغ مالية للرحلات التعليمية، إلا أنها نادرة وعادة ما تحدث بضع مرات فقط في الفصل الدراسي. ومع ذلك، قد يكون من الصعب تحمل تكاليف بعض تلك الرحلات.
ويرى المقيم في دبي أن اجتماع الطلاب في صف واحد "يخلق فرصة تعليمية قيمة لهم".
"تتجنب زوجتي إرسالهم إلى العديد من الأنشطة التي تعتقد أن أطفالنا لن يهتموا بها، ولكن تكمن المشكلة في أنه إذا كان أصدقاؤهم يحضرون حدثاً ما ولم يستطيعوا هم الذهاب إليه، فإنهم سيشعرون بالحزن".
أضاف "شاشكوف": "ومع ذلك، فإن تكاليف بعض الرحلات، مثل الرحلة إلى رأس الخيمة التي تمت في العام الماضي، هي ما يؤلم حقاً. علم الآباء لاحقاً أن الطعام بها لم يكن جيداً، وكانت تكلفة الرحلة 2500 درهم للطفل الواحد. في الفصل الدراسي الثاني لهذا العام الدراسي، أتوقع أن يتم تنظيم رحلة مماثلة للأطفال. أتفهم أنهم يستمتعون بهذه الرحلات، لكن مدى تعلمهم خلال هذه الرحلات متباين جداً".
المدارس: الرحلات تعتمد دائماً على أهداف المناهج الدراسية
وفي الوقت نفسه، أكد مدراء المدارس أن اختيار وجهات الرحلات الميدانية يعتمد دائماً على أهداف المناهج الدراسية ونتائج التعلم.
وقال "كولين جيري"، مدير مدرسة ابتاون انترناشيونال: "إن الرحلات الميدانية، سواء كانت محلية أو دولية، مصممة لإثراء تجارب التعلم لطلابنا. ومع ذلك، نحن ندرك تماماً التبعات المالية التي قد تحملها، ونزن بعناية الفوائد التعليمية لكل رحلة مقابل التكاليف المرتبطة بها. هدفنا هو تزويد جميع الطلاب بفرص مفيدة وسهلة المنال دون فرض عبء غير ضروري على الآباء. نحن ملتزمون بضمان أن تكون جميع الرحلات متوافقة مع أهدافنا التعليمية وتوفر قيمة من حيث نتائج التعلم، فضلاً عن توزيعها على مدار العام الدراسي".
وأوضح أنه في نهاية كل عام دراسي، تقوم المدارس بمراجعة كل الرحلات المدرسية التي تمت خلال العام.
وأضاف "جيري": "نقوم بتقييم فعالية البرنامج لنتمكن من التخطيط للعام التالي ولنضمن التطور والتأثير على تجربة التعلم. دائماً ما نضع التكلفة ضمن الاعتبارات، ويتم النظر إليها بعناية في ضوء المهمة الأساسية المتمثلة في تقديم تجارب تعليمية واجتماعية عالية الجودة".
وأكد مدراء المدارس أيضاً أنهم يتجنبون اختيار "الرحلات المرموقة".
وقال "سيمون هربرت"، مدير المدرسة والرئيس التنفيذي في مدرسة جيمس الدولية - الخيل: "لا ينبغي أن يكون اختيار الوجهة وحتى الإقامة بحسب مستوى الرفاهية. بالإضافة إلى ذلك، فإن النظر لفوائد الرحلات على أنها لتغطية "الأهداف التعليمية" فقط هو نمط تفكير ضيق. الرحلات لها فوائد عديدة. إنها طريقة جيدة لاستكمال الدروس، وتحقيق أهداف شاملة، مع تعزيز المستويات الاجتماعية والعاطفية والجسدية للطلاب".