6 أضعاف يخفض التكاليف ..الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة علاج السكري في الإمارات

ينفق المرضى المصابون بالسكري في الدولة حالياً ما بين 7 آلاف و48 ألف درهم سنوياً
6 أضعاف يخفض التكاليف ..الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة علاج السكري في الإمارات
تاريخ النشر

يمكن أن تخفض تقنيات الذكاء الاصطناعي تكلفة علاج مرض السكري في دولة الإمارات بما يصل إلى ستة أضعاف، وقد يمتد تأثيرها إلى ما هو أبعد من رعاية مرضى السكري ليشمل الإنفاق الصحي بشكل عام. وينفق المرضى المصابون بالسكري في الدولة حالياً ما بين 7,000 و48,000 درهم سنوياً، إلا أن هذه الأرقام تعكس بشكل رئيسي التغطية التأمينية وليس التكاليف التي يدفعها المرضى من جيوبهم مباشرة. كما تُقدّر نفقات التأمين السنوية للفرد العادي بنحو 7,000 إلى 8,000 درهم.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «الرؤساء التنفيذيون للرعاية | من الخوارزميات إلى النتائج»، ضمن فعاليات القمة الخامسة لمستقبل الرعاية الصحية 2025 التي تنظمها صحيفة «خليج تايمز»، حيث ناقش قادة من مختلف أنحاء المنطقة كيف تُعيد التكنولوجيا والابتكار والتعاون رسم ملامح منظومة تقديم الرعاية الصحية. واستعرض المتحدثون كيف تُستخدم تقنيات التنبؤ الصحي وأدوات الذكاء الاصطناعي بالفعل في مراقبة المرضى عن بُعد، وإدارة الأمراض المزمنة، وخفض تكاليف التأمين الصحي.

شارك الدكتور رضا صديقي، الرئيس التنفيذي لمستشفى رأس الخيمة، في الجلسة موضحاً أن نماذج الرعاية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أدت إلى انخفاضات ملموسة في كل من نفقات الرعاية الصحية ومستويات الهيموغلوبين السكري (HbA1c) لدى المرضى المصابين بالسكري. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى تحدٍ هيكلي في النظام، يتمثل في أن المستشفيات والعيادات لا تحصل على مكافآت مقابل الوقاية من دخول المرضى إلى المستشفيات.

وقال: «حتى عندما نمنع حدوث المضاعفات ونحافظ على صحة المرضى، فإن النظام لا يقدّر ذلك أو يكافئه»، مؤكداً الحاجة إلى إصلاحات في طريقة تنظيم تقديم الرعاية الصحية وآليات التعويض المالي بما يعزز منطق الوقاية والرعاية الاستباقية.

وتكررت خلال المناقشات الإشارات إلى أهمية ثقة المرضى وإشراف الأطباء في تطبيق الذكاء الاصطناعي. وأكدت الدكتورة شانيلا لايجو، الرئيسة التنفيذية لمجموعة مستشفيات ميدكير، أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُكمل الحكم السريري ولا يحلّ محلّه. وقالت: «يساعد الذكاء الاصطناعي على تحديد الأنماط في البيانات التي تدعم عملية التشخيص بشكل أسرع وأكثر دقة وثقة»، مضيفة: «لكن القرار النهائي يجب أن يظل في يد الأطباء. فهذه الأدوات صُممت لدعم الحكم الطبي وليس لاستبداله».

وشددت أيضاً على أن التواصل الواضح والحصول على موافقة المرضى يمثلان أمراً محورياً، خصوصاً مع ازدياد دمج الذكاء الاصطناعي في سير عمل المستشفيات. وأوضحت أن المرضى بحاجة إلى فهم كيفية استخدام بياناتهم والشعور بالاطمئنان إلى أن التكنولوجيا تُسهم في تعزيز الرعاية الإنسانية وليس تجاوزها.

كما شكلت مسألة توافق تبنّي التكنولوجيا مع هياكل السداد المالي محوراً آخر للنقاش. وأكد الدكتور محيمن عبد الغني، الرئيس التنفيذي لمستشفيات فقيه، أن الذكاء الاصطناعي ونماذج الرعاية المتكاملة يمكن أن يقللا من عدد زيارات المستشفيات، لكن نظام التعويض الحالي لا يزال يكافئ على الدخول للعلاج أكثر مما يكافئ على الوقاية.

وقال: «نستثمر بشكل كبير في حلول تسهم في الحد من المضاعفات وتحسين نتائج المرضى، ولكن الحوافز لا تتماشى دائماً مع هذه الأهداف»، مشيراً إلى أهمية إشراك الفرق الطبية مبكراً في مراحل تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لضمان أن تعالج التكنولوجيا الاحتياجات السريرية الفعلية وتشجع على تبنيها بدلاً من مقاومتها.

كما سلط النقاش الضوء على أهمية التصميم المتمحور حول المريض في مبادرات الذكاء الاصطناعي. وأوضح أريندام هالدار، الرئيس التنفيذي لشركة "بيورلاب"، أن العديد من المشاريع تفشل عندما تُفرض بطريقة مركزية دون إشراك المستخدمين. وضرب مثالاً بإدارة مرض السكري، مشيراً إلى أن دمج البيانات الجينية ورصد مستويات الغلوكوز بشكل مستمر والسجلات الصحية الإلكترونية يمكن أن يوفّر رؤى فورية تسهم في الوقاية من المضاعفات.

وقال: «إذا ساعد الذكاء الاصطناعي المرضى على تجنب المضاعفات ووفر الوقت للأطباء، فهو يحقق نجاحاً حقيقياً. أما إذا فُرض لأسباب ربحية أو بيروقراطية فقط، فسيفشل».

واتفق المشاركون في الجلسة على أن مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية يعتمد على ثلاثة محاور أساسية: الاستخدام المسؤول للبيانات، توافق الحوافز المالية، والحفاظ على ثقة المرضى. ومع انتقال المستشفيات من نهج الرعاية العلاجية إلى الرعاية الوقائية القائمة على النتائج، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي دوراً محورياً في خفض التكاليف وتحسين النتائج الصحية ودعم الأطباء، شريطة تطبيقه بطريقة مدروسة وأخلاقية.

وقد خلصت المناقشة في القمة إلى نقطة جوهرية مفادها أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً مستقبلياً، بل أداة عملية لإعادة تشكيل الرعاية الصحية. فمن المراقبة عن بُعد إلى التحليلات التنبؤية، يقدم الذكاء الاصطناعي فوائد ملموسة للمرضى والأطباء والنظام الصحي ككل، مما يشير إلى تحول نحو رعاية أذكى وأكثر كفاءة تُركّز على الإنسان في دولة الإمارات.

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com