

الإمارات: ما يقرب من نصف الطلاب الإماراتيين الممولين ذاتياً في الخارج مسجلون في جامعتين فقط
أكد الوزير أن القرار الأخير يهدف إلى حماية النزاهة الأكاديمية وقابلية التوظيف مستقبلاً وليس مجرد إلغاء الاعتراف بالدراسة في الخارج
شهد المجلس الوطني الاتحادي يوم الثلاثاء نقاشاً حاداً حول سياسة جديدة تحد من الاعتراف بالمؤهلات الأكاديمية التي يحصل عليها الطلاب الإماراتيون في الخارج، حيث أعرب الأعضاء عن قلقهم بشأن تأثيرها على الطلاب والمشهد التعليمي بشكل عام.
وفي رده على سؤال طرحه عضو المجلس الوطني الاتحادي الدكتور عدنان حمد الحمادي، كشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، الدكتور عبد الرحمن العور، أن ما يقرب من نصف الطلاب الإماراتيين الممولين ذاتياً في الخارج مسجلون في جامعتين فقط استغلتا الطلاب لأغراض تجارية.
وقال الدكتور العور: "اتضح أن 46% من هؤلاء الطلاب يدرسون في جامعتين استغلتاهم للأسف للحصول على مؤهلات أكاديمية بشكل تجاري. ومن واجبنا حمايتهم من مثل هذه المؤسسات." وأكد الوزير أن القرار الأخير يهدف إلى حماية النزاهة الأكاديمية وقابلية التوظيف مستقبلاً وليس مجرد إلغاء الاعتراف بالدراسة في الخارج.
وأوضح الوزير: "القرار لم يصدر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بل عن مجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع. ومضمونه يتعلق بحوكمة الدراسة في الخارج، وليس عدم الاعتراف الشامل بالمؤهلات الأجنبية."
وجاءت مناقشات المجلس الوطني الاتحادي بعد إعلان في 2 يونيو بأن الشهادات التي يتم الحصول عليها من مؤسسات لا تحتل مرتبة ضمن أفضل 100 أو 200 أو 300 جامعة عالمياً (حسب الدولة) لن يُعترف بها بعد الآن، حتى للطلاب الذين حصلوا سابقاً على موافقات أولية من الوزارة وبدؤوا بالفعل دراسات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه.
ودافع العور عن القرار قائلاً إنه يهدف إلى إعادة توجيه الطلاب نحو مؤسسات تقدم تعليماً عالي الجودة وتطوير المهارات. وأضاف: "تسعى الحكومة من خلال هذا القرار إلى دعم الطلاب وتعزيز الاعتراف الممنوح لهم. هناك نسبة من الطلاب يدرسون في جامعات تجارية، وهذا استثمار غير موفق."
وفقاً للأرقام الرسمية، هناك أكثر من 2,600 طالب حالياً على منح دراسية من جهات اتحادية ومحلية مختلفة، بينما يدرس حوالي 3,000 طالب في الخارج على نفقتهم الخاصة. تؤثر السياسة على كلا المجموعتين، ولكن بشكل خاص على الأخيرة، حيث بدأ العديد منهم دراستهم استناداً إلى موافقات سابقة من الوزارة.
وأقر العور بطموحات هؤلاء الطلاب وأكد احترام الحكومة ودعمها لهم: "الغالبية تسعى لتحقيق أهدافها المهنية والتعليمية، ومن واجبنا تقديم كل الدعم لهم للحصول على فرص تنافسية عالية وتحقيق الأهداف الشخصية والوطنية."
وأشار أيضاً إلى أن 25% من الطلاب الممولين ذاتياً يدرسون في جامعات غير مصنفة تماماً، وأن الوزارة ومجلس التعليم يتبعان معايير معتمدة للاعتماد والاعتراف.
وانتقد عضو المجلس الوطني الاتحادي الدكتور عدنان الحمادي توقيت القرار وآلية إبلاغ الطلاب به، واصفاً إياه بأنه "مفاجئ" و"ضار" للطلاب الذين يدرسون بالفعل وقاربوا على التخرج.
وقال: "القرار ألحق الضرر بالطلاب الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة، ولديهم موافقات أو رسائل رسمية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. من يتحمل عواقب هذا القرار، والنفقات والالتزامات التي تم اتخاذها؟"
وأكد أن أكثر من 800 طالب إماراتي يدرسون حالياً في الخارج، حصل العديد منهم على موافقة رسمية للجامعة والتخصص، وقد التزموا بالفعل بسنوات وجهود مالية كبيرة. وتساءل: "هل التصنيف العالمي الذي تعتمده الوزارة مبني على شركة خاصة أم على جهة تعليمية معتمدة في الدولة؟"
وطالب عضو المجلس الوطني الاتحادي بتعليق تنفيذ القرار فوراً، على الأقل للطلاب الحاليين ومن لديهم موافقات سابقة من الوزارة، ودعا إلى تشكيل لجان خبراء لمراجعة نظام التصنيف. وقال: "نأمل أن يوقف الوزير تفعيل هذا القرار، خاصة للطلاب الدارسين في الخارج الذين حصلوا على موافقة الوزارة. يجب إعادة تقييم القرار من قبل لجان متخصصة وخبراء أكاديميين لضمان نظام تصنيف شفاف وعادل يوازن بين المتطلبات الأكاديمية واحتياجات المجتمع."
وأكد العور للمجلس الوطني الاتحادي أن هناك آليات لإعادة تقييم الحالات الفردية، بما في ذلك لجنة مشتركة يرأسها مجلس التعليم وتضم وزارة التعليم العالي والجهات المعنية الأخرى.
وأشار إلى أنه منذ تطبيق الربط الرقمي بين وزارة الموارد البشرية والتوطين ووزارة التعليم العالي قبل شهرين، تم مراجعة أكثر من 6,000 طلب توظيف، وتم رفض حوالي 700 طلب بسبب شهادات من مؤسسات غير معتمدة.
وأضاف: "يتم تطبيق نفس المعايير على المواطنين وغير المواطنين إذا ثبت أن المؤسسة تعتمد على دوافع تجارية. لا يوجد تساهل في التعامل مع أي شخص أو مؤسسة تتلاعب بمستقبل التحصيل العلمي والكفاءة المطلوبة في الدولة."
تسلط هذه المناقشات الضوء على التوتر المتزايد بين جهود الدولة لضمان التميز الأكاديمي والاستثمارات الشخصية التي يبذلها الإماراتيون في متابعة التعليم العالي في الخارج.