42 مليار درهم لمدينة صحية بلا سيارات بأبوظبي

تضمن المشاريع المجتمعية مثل الحدائق والمدارس والمساجد تلبية احتياجات السكان، مع تعزيز التماسك الاجتماعي والرفاه
42 مليار درهم لمدينة صحية بلا سيارات بأبوظبي
تاريخ النشر

سيتمكن السكان في أبوظبي قريباً من التنقّل بسهولة وسرعة بين الأحياء دون الحاجة إلى سيارات – حتى من مناطق تقع في قلب العاصمة. وسيكون بإمكانهم الانتقال بانسيابية تامة عبر المدينة سيراً على الأقدام، أو باستخدام وسائل النقل العام، أو السكوترات الكهربائية، مما يقلل من الحاجة إلى السيارات.

وقد اعتمدت القيادة في دولة الإمارات تخصيص 42 مليار درهم لتوسيع استراتيجية "قابلية العيش" (Liveability Strategy)، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة في جميع أنحاء أبوظبي.

تؤكد المشاريع المجتمعية مثل الحدائق والمدارس والمساجد على تلبية احتياجات السكان، مع تعزيز الترابط الاجتماعي والشعور بالرفاه في الوقت ذاته، بحسب الخبراء.

هذا الترابط المتزايد يعني أنه حتى في حال عدم توفر خدمة معينة ضمن أحد الأحياء، يمكن الوصول إليها بسهولة في حي قريب – على عكس المجتمعات المغلقة التي تحد من التكامل مع المدينة الأوسع.

استراتيجية قابلية العيش

خلال المرحلة الأولى، ارتفع مستوى اندماج الأحياء من 67 في المئة قبل عام 2023 إلى 81 في المئة في عام 2025.

وقد تم تحديد أكثر من 60 مشروعاً تبلغ قيمتها نحو 12 مليار درهم كمساهمين رئيسيين في هذه الاستراتيجية، بما في ذلك إنشاء أكثر من 200 حديقة وملعب رياضي، و24 مدرسة، و21 مسجداً، و28 مجلساً مجتمعياً، بالإضافة إلى 120 كيلومتراً من مسارات المشي، و283 مساراً للدراجات الهوائية، و220 كيلومتراً من أعمدة الإنارة الجديدة للشوارع، فضلاً عن 200 مشروع تجميلي وتحسين بيئي.

كما تتضمن الخطة دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة العمل الحكومي وتحسين الخدمات المجتمعية.

وقال عمر بوسعيد (36 عاماً) من أبوظبي إن هذه المشاريع بدأت بالفعل في إحداث فرق في حياة السكان اليومية.
وأضاف: "هذه الحدائق الصغيرة تخدم سكان الأحياء نفسها، خصوصاً العائلات التي لديها أطفال صغار. إنها مبادرة رائعة أصبحت متوفرة في معظم المناطق الآن. كما أن المسارات المخصصة للمشي وركوب الدراجات تساعد على تقليل الحوادث وتحافظ على أمان المستخدمين، بينما تضفي إضاءة الشوارع جمالاً على المنطقة وإحساساً بالراحة لأولئك الذين يمارسون المشي أو الرياضة في الليل."

مجتمع متكامل

قالت يمنى جرادة، مخططة المدن المساعدة في شركة "إنسايت" التابعة لـ"كيو"، لصحيفة "خليج تايمز":
"المجتمع المتكامل هو المكان الذي يستطيع فيه السكان تلبية احتياجاتهم اليومية ضمن مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، مع سهولة الوصول إلى المدارس والحدائق والمرافق العامة."

وأضافت: "إن الترابط بين الأحياء يشجع على استخدام وسائل نقل متعددة – المشي، ركوب الدراجات، والنقل العام – مما يعزز التماسك الاجتماعي ويشجع أسلوب حياة صحياً ومستداماً."

وبحسب جرادة، تم تصميم هذه المجتمعات المتكاملة لضمان وصول السكان إلى احتياجاتهم اليومية ضمن نطاق مشي يبلغ 15 دقيقة. هذا النهج لا يحسّن فقط مستوى المعيشة، بل يعزز أيضاً التفاعل الاجتماعي، ويقلل من وقت التنقّل، ويدعم خيارات التنقل الأكثر أماناً واستدامة.

وتابعت: "المرافق المجتمعية مثل الحدائق والمدارس والمساجد ومجالس الشباب توفر مساحات للعائلات للتجمع وممارسة الأنشطة الرياضية وبناء الروابط الاجتماعية، ما يعزز الشعور بالانتماء والرفاه. وتصبح المدينة أكثر قابلية للمشي وأكثر ترابطاً، ما يمكّن السكان من عيش حياة أكثر صحة وتواصلاً."

وأضافت جرادة: "من خلال إنشاء أحياء يمكن فيها تلبية الاحتياجات اليومية ضمن مسافة قصيرة، لا نحسّن فقط جودة الحياة، بل نعزز أيضاً التنقل المستدام، ونقلل من الازدحام المروري، ونقوّي الروابط الاجتماعية. هذه المشاريع تجسّد توازناً دقيقاً بين النمو الحضري والمساحات الخضراء والبنية التحتية الاجتماعية. وتم تصميمها مع مراعاة تجربة السكان – لجعل الوصول إلى المدارس والحدائق والمرافق المجتمعية أكثر أمناً وسهولة للعائلات، مع تشجيع أسلوب حياة صحي ومترابط."

راحة السكان ورفاههم

قالت غبِيصة الخيلي، وهي من سكان أبوظبي:
"هذه المشاريع تجعل حياة المواطنين أسهل بالفعل، فهي تجمع بين الراحة والسهولة والرفاه. وجود الحدائق وملاعب الأطفال بالقرب من المنازل يمنح العائلات والأطفال أماكن آمنة للاستمتاع، بينما تسهم المدارس القريبة في تقليل الازدحام وجعل التعليم في متناول الجميع ضمن الحي ذاته. أما المساجد والمجالس المجتمعية فتعزز الروابط الاجتماعية.

إن مسارات المشي وركوب الدراجات تشجع على نمط حياة صحي، كما أن الشوارع المزينة والمضيئة تخلق إحساساً بالانتماء والراحة. وبشكل عام، فإن هذه المشاريع تؤثر إيجاباً على صحتنا ووقتنا وحالتنا الذهنية – وتجعل حياتنا اليومية أبسط وأكثر متعة."

الصحة النفسية والرفاه

بحسب الدكتور شاجو جورج، استشاري الطب النفسي في مستشفى إنترناشيونال مودرن في دبي، فإن المساحات المفتوحة والخضراء مثل الحدائق والمنتزهات والساحات المجتمعية تلعب دوراً محورياً في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية.

وأوضح أن:

  • الرفاه وتقليل التوتر: البيئات الطبيعية تخفف من التوتر وتحسن المزاج وتقلل من القلق والاكتئاب.

  • الصحة النفسية: التعرض للطبيعة يقلل من أعراض اضطرابات التركيز والتوتر، ويزيد مستويات الإندورفين والسيروتونين في الجسم.

  • التفاعل الاجتماعي: تعمل الحدائق والمرافق المجتمعية كنقاط تجمع للفعاليات الثقافية والاجتماعية، مما يعزز الروابط بين الأجيال المختلفة.

  • الصحة الجسدية: تشجع المساحات المفتوحة على أنشطة مثل المشي والركض واللعب، ما يدعم صحة القلب والمفاصل.

  • الفوائد البيئية: تعمل المناطق الخضراء على تحسين جودة الهواء وتوفير الظل وتقليل درجات الحرارة، مما يعزز الصحة العامة.

وأضاف الدكتور جورج أن البنية التحتية مثل الشوارع المضاءة جيداً ومسارات المشي وركوب الدراجات تُحسّن من السلامة وتشجع على النشاط البدني اليومي.
وقال: "المشي أو ركوب الدراجة بانتظام يعززان اللياقة القلبية والعضلية، ويقللان من التوتر، ويغذيان الإحساس بالانتماء داخل المجتمع. هذه الاستثمارات لا تدعم فقط صحة الأفراد، بل تسهم أيضاً في بناء مجتمعات أقوى وأكثر مرونة."

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com