
في إنجاز مبتكر ومستدام، أثبتت الإماراتية نورة المزروعي أن نواة التمر، التي عادة ما يتم التخلص منها، هي كنز مخفي يمكن تحويله إلى مجموعة واسيرة من المنتجات...من المعجنات والأرز إلى مشروبات الطاقة ومستحضرات التجميل. تجسد المزروعي بذلك رؤية اقتصاد دائري مستوحاة من إرث النخيل في دولة الإمارات.
لطالما آمنت نورة المزروعي بأن لكل جزء من شجرة النخيل قيمة. بدأت رحلتها بسؤال بسيط: لماذا يتم التخلص من نوى التمر بعد أكل الفاكهة؟
تقول المزروعي، البالغة من العمر 60 عاماً: "تبدأ شجرة النخيل بالنواة وتنتهي بالنواة". فمنذ طفولتها، أحبت الحياكة والاعتناء بالأشجار، وعلمها والدها كيفية العناية بالنخيل والنباتات الأخرى.
في الثمانينات، حصلت المزروعي وزوجها على قطعة أرض زراعية من المغفور له الشيخ زايد، الأب المؤسس لدولة الإمارات، الذي خصص الأراضي للمواطنين. بدأت في زراعة أشجار النخيل وتولّد لديها فضول حول سبب عدم استخدام النوى، مما دفعها لإجراء البحوث والتجارب بأفكار جديدة.
في عام 2004، شاركت المزروعي في مهرجان ليوا للرطب، حيث أرادت عرض شيء فريد. صنعت مخللات التمر (أچار)، والكحل، والفحم، والبخور من نوى التمر. كما جمعت "السرود" (حصائر الطعام) مع "التلي" (فن التطريز التقليدي) لإنشاء تصاميم جديدة.
عندما اكتشفت أن نوى التمر ليست نفايات ويمكن الاستفادة منها، بدأت المزروعي في ابتكار منتجات باستخدام نوى التمر فقط. من أبرز ابتكاراتها هو الدقيق المصنوع من نوى التمر، والذي تستخدمه لإعداد المعجنات، والمعكرونة، والمقرمشات، والبسكويت، والكعك، وحتى الأرز.1
بالإضافة إلى الأطعمة، صنعت أيضاً مشروبات، بما في ذلك القهوة، والشاي، والشوربات، ومشروبات الطاقة، والمشروبات الغازية. وأفادت قائلة: "عندما أرسلت المشروب إلى المختبر، أبلغوني أنه مؤهل كمشروب طاقة".
تستخدم المزروعي نوى التمر أيضاً لتعزيز الجمال، حيث تصنع منتجات تجميل مثل الكحل، ومقشرات الجسم، ومنتجات العناية بالبشرة. وتشرح: "يركز عملي على تحويل المنتجات الثانوية إلى طعام، دواء، منتجات عناية، ومشروبات دون الإضرار بالطبيعة."
وصفت المزروعي عمليتها لتحويل نوى التمر إلى منتجات قيمة. تبدأ بجمعها من مصادر معروفة. بعد غسل النوى وغليها وتجفيفها، تطحنها على مرحلتين حتى تتحول إلى مسحوق ناعم.
وتضيف: "يُرسل هذا المسحوق إلى مختبر لضمان سلامته قبل تعبئته في أوعية محكمة الإغلاق".
ما يميز هذه المنتجات ليس فقط عملية الإنتاج، بل المكونات الغنية التي تحتويها النواة. فهي غنية بالألياف والمعادن ومضادات الأكسدة، مما يساعد على الهضم ويساهم في قوة الجسم بشكل عام.
وتؤكد: "صناعة هذه المنتجات تفيد الاقتصاد بتحويل النفايات إلى منتجات مفيدة. كما أنها تعزز الأمن الغذائي بتوفير خيارات مصدرها دولة الإمارات."
استخدمت المزروعي أدوات بسيطة في منزلها لابتكار أطباق فريدة، بدءاً بتجربة المكونات المحلية وإدخال دقيق نوى التمر إلى وصفاتها. دمجته بكميات صغيرة في المعكرونة والقهوة والشاي، وأرسلت هذه المنتجات إلى المختبرات للتأكد من سلامتها، مؤكدة: "لن أقدم أي شيء للناس ما لم أكن متأكدة من سلامته."
مع نجاح وصفاتها، وثّقت كل خطوة وطريقة بدقة، وتقول: "أردت أن أحتفظ بسجل لكل شيء وربما أشاركه يوماً ما." وعند مشاركتها في المعروضات، تتعاون مع المصانع لإنتاج كميات أكبر من منتجاتها، حيث لا تكفي أدواتها المنزلية لهذه الاحتياجات.
تأمل المزروعي أن يُساهم عملها في تثقيف الأطفال في المستقبل. وتطمح إلى توسيع مشروعها لإنشاء المزيد من المنتجات الغذائية والعلاجية والصحية المستوحاة من أرض الإمارات، المصنوعة بعناية ومبادئ علمية.