62% من الأطفال تعرضوا للتنمر
62% من الأطفال تعرضوا للتنمر

مواجهة التنمر الإلكتروني على الأبناء في دبي

يعاني الملايين من الآباء في العالم في التعامل مع عالم وسائل التواصل الاجتماعي الغامض الذي يستخدمه أبنائهم
تاريخ النشر

إن مصطلح "التنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي" بالنسبة إلى "باناسري براندون"، الأم المقيمة في دبي، يثير مشاعر قوية تكاد تشبه الكابوس. عانت ابنتها البالغة من العمر 16 عاماً من التنمر القاسي من أقرانها الذين كانت تعتبرهم أصدقاء.

وقالت في حديثها لصحيفة "خليج تايمز" : "لقد تعرضت ابنتي لموقف بعد خلاف مع أصدقائها، حيث قام بعضهم بإنشاء صفحة على منصة إنستغرام للتنمر عليها، وقاموا بإضافة أصدقاء من مدارس أخرى مختلفة طالبين منهم مضايقتها بشأن مظهرها، حتى أنهم استخدموا صوراً تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لتشويه مظهرها".

"باناسري" هي واحدة من ملايين الأمهات من جميع أنحاء العالم الذين يعانون في التعامل مع عالم وسائل التواصل الاجتماعي الغامض الذي يستخدمه أبنائهن، ووصفت الأمر بأنه "صعب" و"محير في كثير من الأحيان"، وقالت إنها شددت على أهمية التعامل باللطف بعد حادثة التنمر تلك.

كما دلت ابنتها على استراتيجيات وآليات إيجابية لمساعدتها على تجاوز تلك الحادثة، : "لقد شجعتها على التحدث إلى شخص بالغ تثق به أو ممارسة الهوايات أو تمارين التأمل لتتمكن من التعامل مع مشاعرها. أنا أعمل على بناء قوتها واحترامها لذاتها، وعلمتها أن الثقة بالنفس يجب أن تنبع من الداخل وألا تكون معتمدة على آراء الآخرين".

باناسري براندون
باناسري براندون

يعد التنمر عبر الإنترنت مصدر قلق كبير بين الآباء في دولة الإمارات، وفي دراسة أجرتها "كارتون نتورك" (Cartoon Network) في عام 2022 بالشراكة مع يوجوف (YouGov) والتي شملت أكثر من 3000 من الآباء، أن أكثر من 62% من الأطفال قد تعرضوا للتنمر.

إخفاء الهوية

وفقاً للخبراء، فإن طبيعة شبكة الإنترنت التي توفر خاصية عدم الكشف عن الهوية هي عامل رئيسي في التنمر.

وقالت "كريستين كريتزاس"، استشارية نفسية ومديرة خدمات الأبوة والأمومة والأسرة في لايت هاوس ارابيا (The Lighthouse Arabia): "يمكن للطلاب التنمر على الآخرين دون التعرض لخطر القبض عليهم من خلال استخدام حسابات وهمية، إن المصطلح المستخدم لوصف المتنمرين الذين يخفون هويتهم بينما ينشرون تعليقات عدوانية ومسيئة عن الآخرين على الإنترنت هو "محاربو لوحة المفاتيح". إنهم يتجنبون مواجهة ضحاياهم، ولا يخشون أن يتم القبض عليهم، ونتيجة لذلك، يكونون أكثر جرأة خلف لوحات المفاتيح".

كريستين كريتزاس
كريستين كريتزاس

وقالت كريستين إن شدة التنمر تزداد لأن المتنمر لا يستطيع رؤية التأثير العاطفي الفعلي الذي يحدثه على ضحاياه. وأضافت: "هذا يجعل من الأسهل كثيراً على المتنمر أن يقول أشياء لا يقولها بصوت عالٍ في العادة أمام الناس".

في الشهر الماضي، حذرت العديد من الأمهات في الإمارات من إضافة المراهقين إلى مجموعات عشوائية على تطبيق واتساب حيث كان التنمر متفشياً وتمت مشاركة محتوى غير لائق.

الاستخدام الآمن

يقول الدكتور "نيل هوبكين"، من فريق القيادة الأكاديمية في "فورتيس للتعليم"، إنه من المهم أن يتبع الشباب وسائل الحماية للاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف: "لتخفيف المخاطر المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، يجب على الطلاب التأكد من ضبط إعدادات الخصوصية على جميع حسابات وسائل التواصل الاجتماعي بحيث تقتصر على الأصدقاء والعائلة فقط. ويجب عليهم قبول الطلبات من الأفراد الذين يعرفونهم ويثقون بهم فقط، وأن يكونوا حذرين بشأن مشاركة الصور ومقاطع الفيديو وغيرها من المحتويات، مع إدراك أنه بمجرد نشر شيء ما على الإنترنت، فقد يكون من الصعب إزالته".

دكتور نيل هوبكين
دكتور نيل هوبكين

وقالت كريستين أنه من المهم أن يكون الآباء "مرشدين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" لأبنائهم. وأضافت: "لن يفعل أبنائكم ما تقولون بل يفعلون ما تفعلون. تأكدوا من أنكم تضعون حدوداً سليمة لأنفسكم أولاً، تجنبوا الإفراط في المشاركة، ولا تنشروا صور أبنائكم دون موافقتهم وامتنعوا عن استخدام الهاتف أثناء تناول الطعام أو أثناء القيادة.

وأشارت إلى أن الوصول إلى التكنولوجيا يجب أن يكون محدوداً. وقالت: "احتفظوا بالكمبيوتر في مكان ظاهر بالمنزل، وضعوا حدوداً لاستخدام الألعاب والهواتف الذكية، حيث تتضمن معظم المواقع والتطبيقات والهواتف الذكية خيارات الرقابة الأبوية التي تتيح للآباء الاطلاع على نشاط أبنائهم عبر الإنترنت. كما لا يجب أن يسمح لهم بالدراسة بهواتفهم في غرف نومهم".

أوضحت بناسري أن ابنتها تعارض جهودها في مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت: 'في كثير من الأحيان، تعارض ابنتي المراهقة إشرافي على منصات مثل تيكتوك (TikTok) وتعتبره تدخلاً. لكني أؤكد لها في هذه الحالات على أهمية السلامة على الخصوصية، وأن الاستماع بعناية والمراقبة الدقيقة هما أمران حاسمان لفهم تفاعل الأبناء عبر الإنترنت وضمان سلامتهم'.

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com