

وقفت آمنة المرزوقي بجوار مضمار حلبة مرسى ياس تشاهد شيئاً لا يزال يبدو مستحيلاً: سيارة تتسارع إلى 295 كيلومتراً في الساعة، تكبح في المنعطفات، وتتجاوز المنافسين، كل ذلك دون أن تلمس يد إنسان عجلة القيادة.
قالت المهندسة الإماراتية لـ "الخليج تايمز": "كان شعوراً لا يصدق. تشعر بالدهشة والإثارة في آن واحد. كنت أشهد مستقبل التكنولوجيا يتكشف".
لكن اللحظة التي أذهلتها حقاً جاءت خلال تصفيات دوري أبوظبي لسباقات القيادة الذاتية (A2RL)، عندما حطمت إحدى السيارات الذاتية القيادة الزمن المسجل لسائق بشري محترف — 58.87 ثانية مقابل الرقم القياسي البشري البالغ 59.20 ثانية.
تابع آخر الأخبار. تابع KT على قنوات واتساب.
قالت المرزوقي: "كانت تلك هي اللحظة التي شعرنا فيها جميعاً أن الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بالتعلم من البشر، بل بدأ يضاهي دقتهم واتساقهم".
دوري أبوظبي لسباقات القيادة الذاتية، الذي تقام مرحلته النهائية للموسم الثاني في 15 نوفمبر، هو ساحة حية يتم فيها تسريع تطوير التكنولوجيا الذاتية في ظل ظروف قاسية، وهي تقنية ستظهر في نهاية المطاف في أنظمة التنقل، وشبكات الخدمات اللوجستية، والمدن الذكية في الإمارات.
يعمل فريق المرزوقي في توازن صعب بين تحديات الفيزياء القاسية والذكاء الاصطناعي المتطور. تحمل كل سيارة سباق حوالي 90 كيلوغراماً من أجهزة الحوسبة، مع كاميرات، ورادارات، ونظام "ليدار" (LiDAR) للكشف عن الضوء والمدى، تولد ما يصل إلى 24 تيرابايت من البيانات خلال يوم اختبار واحد.
ومع ذلك، يكمن التحدي الأكبر فيما هو أبعد من السرعة. فدرجات الحرارة الصحراوية في أبوظبي التي تقترب من 50 درجة مئوية تؤثر على أجهزة الاستشعار وكابلات البيانات وأنظمة الطاقة بطرق تفرض التكيف المستمر.
قالت: "الحرارة هي دائماً أحد أكبر تحدياتنا. إنها تؤثر على كل شيء. مهمتنا هي التأكد من أن السيارات والمعدات يمكنها تحمل تلك الظروف القاسية".
هذا ليس بحثاً نظرياً. عندما سجل فريق "يوني-موري" الإيطالي رقماً قياسياً للفة الذاتية بزمن 58.87 ثانية، أثبتوا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن ينافس البشر في واحدة من أكثر بيئات رياضة المحركات تطلباً. وللمقارنة، كانت المحاولات الذاتية الأولى في ياس تسجل أزمنة أبطأ بثلاث إلى أربع دقائق من السائقين البشر.
بالنسبة للمرزوقي، يحمل هذا العمل معنى شخصياً. كامرأة إماراتية في هندسة رياضة المحركات المتقدمة، تمثل جيلاً يتولى ملكية الأنظمة الجديدة بدلاً من استيرادها.
قالت: "العمل في مجال يجمع بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات والهندسة يدفعني لتعلم شيء جديد كل يوم. وما يجعله مميزاً هو معرفة أن هذا التقدم يحدث هنا في أبوظبي".
يعمل دوري (A2RL) كمنصة بحثية للخوارزميات التي ستجعل يوماً ما سيارات الأجرة وشبكات التسليم الذاتية أكثر أماناً على طرق الإمارات.
وقالت: "كل خوارزمية وميزة أمان نختبرها هنا ستشق طريقها في النهاية إلى تطبيقات واقعية".
تضم شبكة المتسابقين في الموسم الثاني فرقاً من أكثر من 10 دول، تتنافس على جائزة مالية قدرها 2.25 مليون دولار، بسيارات سباق مطورة تتميز بدمج محسّن لأجهزة الاستشعار وتقليل الاعتماد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) — وهو متطلب للبيئات الحضرية الكثيفة.
وبالنسبة للشباب الإماراتي الذي يشاهد، تأمل المرزوقي أن يكون وجودها إشارة إلى الإمكانية.
واختتمت قائلة: "عندما تزور الفتيات الصغيرات المرآب ويرون شخصاً يشبههن يعمل على سيارة بلا سائق، آمل أن يجعلهن ذلك يؤمن بأن بإمكانهن فعل ذلك أيضاً. هذا المشروع لا يطور التكنولوجيا فحسب؛ بل يبني الثقة والجيل القادم من المبتكرين".