من قرى جميرا إلى مدينة دبي المزدهرة: رحلة سلطان المنصوري عبر الزمن
منذ ستينيات القرن العشرين وحتى اليوم، شهدت دبي تغيراً كبيراً. يتذكر سلطان المنصوري، الشخصية الإماراتية البارزة، أيامه في "قرى" الإمارة التي أصبحت الآن رموزاً للمدينة. ويتحدث إلى "ميشال ديفون" من صحيفة خليج تايمز عن الحياة في دبي منذ ذلك الحين وحتى اليوم.
يتذكر وزير الاقتصاد السابق، الذي نشأ في قرى جميرا وأم سقيم، الوقت الذي كان فيه الجميع يعرفون بعضهم البعض — تلك الأيام البسيطة التي تشكل تناقضاً صارخاً مع دبي المزدحمة والنابضة بالحياة اليوم، حيث يعيش ويعمل أكثر من ثلاثة ملايين شخص من مختلف الجنسيات."
قال لصحيفة خليج تايمز: "في تلك الأوقات، كانت المنطقة منفصلة، عبارة عن قرى صغيرة، عن منطقة جميرا 1، حيث يقع فندق فور سيزونز اليوم." وحول برج العرب، يتذكر الكثبان الرملية البيضاء الجميلة على الساحل الذي أصبح اليوم مليئاً بالروائع المعمارية.
ويتذكر اتحاد الإمارات العربية المتحدة، الذي كان من المفترض في الأصل أن يضم قطر والبحرين، قبل إنشاء ما يعرف اليوم بالإمارات السبع التي تتكون منها البلاد.
لا يزال يتذكر إعلان الاتحاد الذي سمعه من الراديو بعد ظهر يوم 2 ديسمبر 1971. وقال: "إنه الإعلان الذي سأتذكره طوال حياتي"، متذكراً اليوم الذي صنع فيه هو وإخوته العلم الجديد للبلاد لأول مرة وسط الاحتفالات.
قال: "كانت هناك احتفالات ضخمة في قلب المدينة، في المكان الذي يوجد فيه الآن متحف الاتحاد، مع الأغاني والرقصات. كان شعوراً سعيداً بالنسبة لنا جميعاً. في البداية، لم نفهم الأمر تماماً، ولكن تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس بلادنا، بدأنا نفهم إلى أين نتجه في مستقبلنا."
حتى عندما كان طفلاً، كان يفهم حجم التغييرات ويستوعب كل شيء أثناء حدوثه.
قال: "لقد أكد الشيخ زايد على المساواة بين الجنسين والتعليم. كانت هذه هي الطريقة التي نقل بها بلدنا من حالته الحالية إلى شيء أكثر تقدماً، وقد رسخ ذلك في أذهاننا، مما جعل بلدنا الأفضل."
قال: "لم نكن أغنياء في الإمارات العربية المتحدة"، محطماً بذلك الأساطير التي لا تزال تُتداول حتى اليوم. "لقد أعطتنا هذه الظروف حاجة ملحة للتغيير. ومنحتنا إحساساً بأننا بحاجة إلى النضوج، وأن السبيل إلى ذلك هو من خلال أفضل أشكال التعليم."
لقد أثر ذلك عليه بشكل كبير لأنه سيصبح في نهاية المطاف أحد مصممي اقتصاد المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والذي يقود البلاد إلى ما هو أبعد من الاعتماد على النفط.
يخبرنا المنصوري أن دراسة اللغة الإنجليزية في شبابه في جنوب إنجلترا كانت تجربة عميقة، حيث بدأ في التفاعل مع الأوروبيين والأمريكيين اللاتينيين والعرب، مما منحه لمحة عن العالم خارج الإمارات العربية المتحدة. وقال وهو يتذكر كيف تعلم التقاليد الإنجليزية المميزة مثل "وقت الشاي" و"العشاء": "كانت بيئة مثيرة للاهتمام حقاً بالنسبة لنا."
واصل تعليمه العالي في أريزونا، حيث تابع دراساته في الهندسة. وقال: "كخريجي مدرسة ثانوية، كانت لدينا فرص عظيمة للحصول على منح دراسية في جميع أنحاء العالم".
وقال "كانت سنواتي في الولايات المتحدة مثيرة للاهتمام للغاية"، في إشارة إلى فصل ملهم من حياته كجزء من مجموعة من ثمانية أو تسعة طلاب إماراتيين في جامعة ولاية أريزونا.
وأضاف أن "أسلوب الحياة كان مختلفاً للغاية"، بل وأكثر ليبرالية من نمط الحياة في المملكة المتحدة.
وكان انضمامه إلى هيئة الطيران المدني في دبي أولى خطواته في الحياة المهنية في قرية الشحن في دبي، وهو المشروع الذي أصبح في نهاية المطاف جزءاً أساسياً من اقتصاد المدينة.
وكان هذا هو ما مهد الطريق لحياة سياسية غير متوقعة، شملت توليه منصب وزير الاقتصاد، ووزير الاتصالات، ووزير التنمية للقطاع الحكومي، واليوم يعمل مبعوثاً لوزير الخارجية.
ويفتخر بـ "خدمة بلدي وخدمة شعبي" ويظل مشاركاً بشكل كبير بين القطاعين الخاص والعام.
قال معاليه: "نحن شجرة كبيرة ذات جذور قوية، ونعرف من نحن ومن أين أتينا"، معترفاً بأهمية التكيف مع العصور الجديدة. وأضاف : "لا نريد أن نتجاهل ما قدمه لنا التاريخ، بل نريد أن نبني عليه"، معترفاً بتأثير العولمة على الإمارة.
ويظل الحفاظ على جوهر الثقافة الإماراتية أمراً قريباً من قلبه في إمارة تضم نحو 200 جنسية. وقال: "لا يمكننا وقف ذلك [العولمة]، ولكن يمكننا استيعاب ما فعلناه بالفعل والتكيف معه والبناء عليه"، مؤكداً في الوقت نفسه على أهمية البقاء قريبين من العناصر الفريدة للثقافة الإماراتية.