

فيما مضى، كانت هذه الطائرة القديمة المصنوعة عام 1973 مجرّد طائرة شحن مغطاة بالغبار، تنقل البضائع عبر القارات. أما الآن فقد منحها القدر حياة ثانية، إذ لم تعد تحمل الطرود، بل باتت تحمل الأمل؛ ففي جسدها الفضي الأنيق يوجد مستشفى متكامل الوظائف.
وقد تبرعت شركة "فيدكس"، إحدى الداعمين الرئيسيين للمنظمة غير الربحية، بكامل طائرة الشحن هذه لـ"أوربيس". ولم تكتفِ "فيدكس" بالتبرع بالطائرة، بل تواصل صيانتها وتزويدها بالأجزاء والمهارة الفنية والدعم اللوجستي كلما دعت الحاجة. وتشمل قائمة الداعمين القدامى أيضاً شركة "أوميغا"، وعائلة فوربس، وعدد من المانحين الخاصين الذين يساهمون في استمرار المهمة الجوية.
رغم أن الطائرة بُنيت عام 1973، إلا أنها ما زالت تعمل بسلاسة تامة. تقول فاليري سوبرغ، المدير الأول لصيانة الطائرات في "أوربيس"، إن الأمر يعود إلى الصيانة الدقيقة والدعم المستمر من "فيدكس". وأوضحت: "بالرغم من أن الطائرة قديمة، لا يزال بإمكاننا إصلاحها. فيدكس ترسل لنا كل ما نحتاجه: قطع غيار، أدوات، وأي شيء يضمن استمرار الطائرة في الطيران".
يتكوّن فريق صيانة "أوربيس" من عدد محدود ولكنه عالي الخبرة، وغالبيتهم من ميكانيكيي "فيدكس" السابقين الذين يعرفون طراز DC-10 عن ظهر قلب. وتشرح سوبرغ أن العثور على قطع الغيار للطائرات القديمة قد يكون صعباً أحياناً، لكن لا يزال هناك موردون حول العالم يحتفظون بمكونات هذه الطائرات. وقالت: "لا تزال هناك طائرات DC-10 تحلق في الجو، ولدينا موردون مختصون بها".
عادة ما تتطلب عملية تدريب الطواقم الطبية في دولة ما تحضيرات مكثفة، بدءاً من أعمال الصيانة في مطار الدولة المضيفة وحتى تجهيز احتياجات المستشفى. ويتعين على فريق "أوربيس" دراسة مطار الدولة المضيفة ومرافقها الصحية قبل وقت طويل من انطلاق الرحلة. يقول بروس جونسون، مدير عمليات الطائرات في "أوربيس": "نبدأ العمل قبل 12 إلى 18 شهراً من البرنامج، لضمان أن كل شيء مطابق للمواصفات. ويشمل ذلك أجهزة التخدير، وتدفق الهواء، وكل المستلزمات الطبية اللازمة للفحوصات وجراحات العيون".
وفي بعض الحالات، تقدم "أوربيس" أيضاً تبرعات بالأجهزة لدعم المستشفيات المحلية. يوضح جونسون: "لقد تبرعنا بمجاهر وأدوات طبية أخرى. على سبيل المثال، نحن نستعد لبرنامج في بيرو عام 2026، وقد تبرعنا بالفعل بأجهزة ومعدات تزيد قيمتها عن مئات الآلاف من الدولارات لمساعدتهم في التحضير".
عندما تصل الطائرة، يلتقيها فريق دعم محلي لضمان قدرة المطار على استيعاب طائرة بهذا الحجم، وأن جميع المتطلبات اللوجستية جاهزة. وبين المهمات، يقوم الطاقم بإعادة تزويد الطائرة بالمؤن وإجراء عمليات فحص شاملة لها استعداداً للوجهة التالية. ويقول جونسون: "الطائرة هي الجزء الأكثر وضوحاً في عملنا، لكنها تمثل فقط نحو 20 في المئة؛ أما الباقي فيحدث عبر برامجنا المعتمدة على المستشفيات، والمكاتب الإقليمية، ومنصّة 'سايبرسايت' التي تدرب وتوجّه الأطباء عن بُعد".
يقول جونسون إن الجواب يكمن في الصلة العميقة بين النظر وكل جوانب حياة الإنسان. ويوضح: "الجسد مترابط للغاية. إذا كان لدى طفل مشكلة في العين في سن مبكرة ولم تُعالج، فإن الدماغ سيوقف عمل تلك العين. وحينها يصبح الشخص أعمى بشكل دائم". وفي كثير من الدول، يمكن أن تؤدي الإصابة بالعمى إلى حرمان الشخص من التعليم أو العمل، ويؤثر ذلك على أسرة بأكملها. "إذا لم يستطع شخص العمل، يضطر آخر للبقاء في المنزل للعناية به، وهذا يعني شخصين خارج دائرة الإنتاج الاقتصادي"، على حد قوله.
وقد حط مستشفى العيون الطائر في دبي الأسبوع الماضي لعدة أيام ضمن "جولة الخير" التي تنظمها "أوربيس"، وستكون مهمته القادمة في رواندا.