أصيب بالشلل وحوّل تركيزه نحو تمكين ذوي الإعاقة وزيادة الوعي بالتحديات التي يواجهونها.
أصيب بالشلل وحوّل تركيزه نحو تمكين ذوي الإعاقة وزيادة الوعي بالتحديات التي يواجهونها.

محمد المطوع يحول معاناته إلى قوة لرفع الوعي بذوي الإعاقة

وقعت الحادثة التي غيرت حياته في عام 2018 عندما أخطأ في تقدير عمق حوض السباحة، واصطدم رأسه بالقاع
تاريخ النشر

رحلة محمد حسن المطوع هي رحلة تتسم بالمرونة والتفاني لمساعدة الآخرين. بعد أن أصيب بالشلل في حادث مأساوي في عام 2018، حوّل تركيزه نحو تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وزيادة الوعي بالتحديات التي يواجهونها.

قبل الحادث، كان مغامراً نشطاً. يتذكر قائلاً: "كنت دائماً نشطاً، ودائماً ما أتحرك". ومع ذلك، بعد الحادث، تحول مساره نحو الدفاع عن الآخرين ودعمهم، وخاصة أولئك الذين يواجهون الحياة مع الإعاقة.

وفي الأشهر التي أعقبت عودته إلى دبي من العلاج في الولايات المتحدة، استأنف محمد دوره كمدير لقسم الاستدامة في هيئة الطرق والمواصلات. وتحسنت صحته بما يكفي للسماح له بمواصلة عمله، لكنه شعر أيضًا بإحساس متجدد بالهدف.

بدأ محمد في توثيق تجربته عبر الإنترنت بهدف تقديم الدعم للآخرين في مواقف مماثلة. لاحظ وجود فجوة كبيرة في المحتوى باللغة العربية حول العيش مع الإعاقة، لذلك بدأ في إنشاء مقاطع فيديو لتقديم نصائح عملية، وزيادة الوعي، ومشاركة رحلته الشخصية.

كان أحد أكثر مقاطع الفيديو تأثيرًا هو الذي أظهر كيف قام بتثبيت جهاز تحكم متخصص في السيارة يسمح له بالقيادة، والذي لاقى صدى عميقًا لدى المشاهدين وقدم رؤى قيمة حول خيارات التنقل للأشخاص ذوي الإعاقة.

وكان رد فعل المجتمع إيجابيًا للغاية، حيث أعرب العديد من الأشخاص عن امتنانهم لمحتواه وطلبوا توجيهاته. وقد عزز حضور محمد على الإنترنت الشعور بالارتباط، مما سمح له برفع مستوى الوعي بالتحديات التي يواجهها أصحاب الهمم ومساعدة الآخرين في ظروف مماثلة.

وبالإضافة إلى جهوده عبر الإنترنت، تم تعيين محمد في المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم، حيث عمل لمدة أربع سنوات، حيث قام بمراجعة السياسات والدعوة إلى القوانين التي من شأنها دعم الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل أفضل.

"لقد حدث الشلل في اللحظة نفسها"

وقعت هذه الحادثة التي غيرت حياته في عام 2018 أثناء زيارة محمد لمزرعة في دبا مع أصدقائه. أخطأ محمد في تقدير عمق حوض السباحة، وغاص برأسه أولاً. وبدلاً من اصطدامه بالمياه، اصطدم رأسه بقاع المسبح، مما تسبب في إصابة خطيرة. وقال: "حدث الشلل في اللحظة نفسها".

في البداية، اعتقد أنه اصطدم برأسه فقط، لكن الذعر سيطر عليه عندما سمع أصدقاؤه صوت رأسه وهو يرتطم بالخرسانة. وسارعوا إلى مساعدته، فأدركوا أنه لا يستطيع الحركة. يتذكر وهو يصف الخوف والارتباك اللذين شعر بهما في تلك اللحظة: "لم أهتم كثيراً بالجرح في رأسي؛ كنت خائفاً من عدم قدرتي على تحريك جسدي".

بعد الحادث، تم نقل محمد إلى مستشفى في دبي، حيث تلقى العلاج من كسر في فقرات الرقبة. وبعد خضوعه لجراحة دمج العمود الفقري وقضاء ما يقرب من شهرين في المستشفى، أصبح غير متأكد من المستقبل وما إذا كان سيستعيد حركته الكاملة.

قرر أن يفهم إصابته ويجد الأمل، فبدأ في البحث عن إصابات العمود الفقري وإمكانية التعافي منها. وقال: "اكتشفت أن إصابات العمود الفقري غالباً ما تكون مصحوبة بمضاعفات في الجهاز العصبي ومناطق أخرى". ونصحه الأطباء بأنه من المرجح أن يحتاج إلى التكيف مع الحياة على كرسي متحرك، مما دفعه إلى بدء العلاج الطبيعي لاستعادة قوة العضلات وإعادة تعلم المهارات الأساسية مثل الكتابة والقيادة.

كانت اللحظة المحورية في رحلة محمد عندما زاره مطر الطاير، المدير العام لهيئة الطرق والمواصلات، في المستشفى، حيث طمأنه قائلاً: "لا تقلق، سنرتب لك رحلة علاج، وسيكون منصبك في العمل في انتظار عودتك". ألهمت هذه الزيارة محمدًا للسفر إلى الولايات المتحدة لتلقي علاج مكثف.

كانت الفترة التي قضاها في الولايات المتحدة مليئة بالتحديات والتحولات. فقد خضع محمد لأربعة إلى خمسة أشهر من العلاج الطبيعي، وكثيراً ما كان يشعر بالانفصال وعدم اليقين بشأن مستقبله. وقال: "لقد شعرت وكأنني في رحلة سياحية أكثر من برنامج علاجي"، مشيراً إلى الافتقار إلى البنية التحتية خلال فترة تعافيه. وفي بعض الأحيان، تساءل عما إذا كان بإمكانه العودة إلى حياته القديمة، وكيف قد تؤثر إصابته على زواجه.

أهمية نظام الدعم

وأكد محمد خلال رحلته على أهمية دعم الأسرة، قائلا: "يجب أن يكون هناك نظام دعم للأفراد ذوي الإعاقة من أسرهم. وهذا الدعم أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات والتكيف مع الحياة الجديدة".

وأكد أيضًا على الحاجة إلى الوعي المجتمعي بشأن الإعاقة، مشيرًا إلى أن الأفعال البسيطة من اللطف، مثل فتح الباب لشخص على كرسي متحرك، تنبع من الفهم والتعاطف.

ومع ذلك، لا يزال محمد يواجه تحديات يومية. فهو يحتاج إلى المساعدة في الأنشطة الأساسية مثل الخروج من السرير واستخدام السيارة. وباعتباره مريضًا بإصابة في العمود الفقري، فإنه يتعامل مع مخاطر صحية وتقلبات في ضغط الدم يمكن أن تؤدي إلى نوبات إغماء. بالإضافة إلى ذلك، فإن التكلفة العالية للمعدات التكيفية تفرض أعباء مالية على العديد من الأفراد ذوي الإعاقة.

ورغم هذه التحديات، لا يزال محمد صامداً. فهو يواصل دراسته في التخطيط الحضري، بعد أن بدأ في متابعة دراسته للحصول على الدكتوراه بعد حصوله على درجة الماجستير. وتُعد رحلته شهادة قوية على الصمود، وهو يطمح إلى إحداث تغيير إيجابي للأشخاص ذوي الهمم، وضمان قدرتهم على النجاح في المجتمع.

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com