
"تثبت منطقة الخليج، خاصة الإمارات، بسرعة أنها وجهة رئيسية للإبحار لليخوت"، وفقاً للكابتن "باتريشيا كاسويل"، المدير العام لشركة "غلف كرافت"، التي أكدت أن دول مجلس التعاون الخليجي تشهد تحولاً في اتجاهات اليخوت العالمية، حيث أصبح الإبحار شرقاً من البحر الأبيض المتوسط خياراً مفضلاً، بدلاً من الاتجاه إلى الغرب نحو البحر الكاريبي."
وأوضحت أن هذا التحول يسهم في تطوير منظومة بحرية متكاملة تشمل خدمات الطواقم والصيانة والإمداد والتأجير، مما يعزز مكانة المنطقة كوجهة فاخرة وميناء استراتيجي لليخوت العالمية.
ويتجلى بوضوح هذا التقدم في الإطلاق الأخير لأكاديمية التدريب البحري في دبي، والتي تلبي متطلبات الساعين للعمل في مجال الشحن التجاري، أو إدارة اليخوت الفاخرة، أو العمليات البحرية.
حب البحر
بفضل عقود من الخبرة، وحب لا يخفى للبحر، وتجربة طويلة في الإرشاد، لم تكتفي هذه البحارة المولودة في ملبورن البالغة من العمر 46 عاماً بالإبحار عبر الأمواج فحسب؛ بل كانت تعمل على تغيير مجريات عالم الملاحة البحرية.
في مقابلة حصرية مع صحيفة "خليج تايمز" ، أكدت على إمكانات المنطقة. وقالت: "أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي وجهةً جاذبةً لليخوت. فاليخوت تأتي إليها الآن بدلاً من التوجه إلى منطقة البحر الكاريبي. هناك منظومة متكاملة متنامية، من حيث الخدمات والطاقم والإمدادات، مما يجعل منها مركزاً رئيسياً".
تروي كاسويل قصتها، فتتذكر أنه في السابعة عشرة من عمرها فقط، غيّرت رحلة يومية عفوية إلى جزر ويتصنداي (الساحل الشمالي الشرقي لكوينزلاند) مجرى حياة مراهقة أسترالية إلى الأبد. وأضافت كاسويل: "أرسلتني أمي على متن قارب للإبحار ليوم واحد. لقد وقعت في غرامه. بعد أسبوعين، حصلت على وظيفة، ومنذ ذلك الحين أعمل على القوارب".
الإبحار عبر المياه الصعبة
عبرت البحارة بعضاً من أصعب المياه في العالم، وحصلت على واحدة من أرفع رخص اليخوت الدولية، ووضعت بصمتها في مجال طالما هيمن عليه الرجال.
بعد حصولها على أول رخصة قبطان في سن الحادية والعشرين في أستراليا، تدرجت في المناصب العليا، عائدةً إلى الدراسة للحصول على كل مستوى رخصة جديد. وفي الثلاثين من عمرها، أكملت رخصة ماستر 3000 في كلية بحرية بالمملكة المتحدة، مما أتاح لها قيادة بعض أكبر اليخوت الفاخرة في العالم.
ولكن لم تكن المهمة خالية من التحديات.
"التنسيق هو الجزء الأصعب، خصوصاً عند التنقل بين البلدان. في إحدى المرات، كنت راسية في المالديف عندما اجتاح تسونامي المنطقة منتصف العقد الأول من الألفية. بدأت المياه تدور وتسحبنا نحو الشعاب المرجانية"، قالت. "كانت لحظة تعلق في الذاكرة. ترى آثارها، الدمار... إنه شيءٌ لا يُنسى."
تجاوز السقف الزجاجي
في مجال تظل فيه النساء قلة، لم يكن تميزها خفياً على أحد. لكنها متواضعة بخصوص دورها في تجاوز السقف الزجاجي. قالت: "إنه شيءٌ أحبّه كثيراً. في الماضي، لم تكن هناك العديد من النساء اللواتي يعملن في هذا المجال. أنا ممتنة لأنني حصلت على الفرصة، وأفتخر دائماً بدعم النساء اللواتي يصعدن في هذا المجال."
ولا يتوقف اهتمامها بقطاع اليخوت عند المهارات الفنية فحسب، بل هي أيضاً من أبرز المناصرين لتعزيز الفرص في هذا المجال.
بعد زواج دام سبع سنوات، تقاعدت جزئياً من الخدمة البحرية بدوام كامل، حيث تُشرف على اختبار اليخوت وتسليمها، وعلى منشأة "جلف كرافت" المتنامية لتجديدها في عجمان. قالت: "لقد كان تطوراً مذهلاً بالنسبة لي، حيث استخدمت خبرتي التشغيلية لدعم هذه الصناعة من الصفر".
كانت الكابتن كاسويل تشغل في السابق منصب مدير مراقبة الجودة، حيث أشرفت على كل مرحلة من مراحل بناء اليخوت، لضمان أن كل سفينة تلبي أعلى المعايير الدولية.
ومع ذلك، لا يزال البحر يناديها. توضح قائلة: "هذا الأسبوع أخطط لأن أبحر لمدة سبعة أيام متتالية، من عُمان إلى قطر ذهاباً وإياباً. ما زلت أبحر مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً."
إذن، ما هي نصيحتها للشابات اللواتي يفكرن في اختيار حياة في البحر؟
يجب أن يستمر الحوار حول الأمر... لدينا الآن تمثيل أكبر للنساء في عالم الملاحة، في القمم العالمية ومعارض اليخوت العالمية. لذلك، هناك العديد من النساء اللاتي يشاركن ضمن اللجان، والعديد الأخريات في هذا المجال، حتى في صناعة بناء السفن وصناعة تكنولوجيا المعلومات. الفكرة هي أن ننشر المعلومات ونقدم المساعدة من خلال المنتديات والشبكات الداعمة التي نمتلكها... والأمر يتطور بشكل طبيعي، علينا فقط أن نواصل الدعم".