

أعترف بذلك. كنتُ متردداً جداً في ركوب سيارة أجرة ذاتية القيادة. فقد كنتُ خائفاً ومتوتراً. بدت فكرة قيادة سيارة على الطريق دون وجود سائق مثيرة في البداية، لكنها كانت محفوفة بالمخاطر بعض الشيء. ماذا لو أخطأت السيارة في تقدير حالة الطريق؟ ماذا لو استخدمت المكابح فجأة أو انحرفت عن المسار؟
عندما صعدتُ إلى سيارة الأجرة من جزيرة ياس، استقبلني وجهٌ ودود، عامل سلامة جالسٌ خلف عجلة القيادة. ابتسم لي ابتسامةً مطمئنةً وقال: "لا تقلق، أنا أتفهم شعورك. فأنا أسمع هذا كل يوم. لكن عندما تنزل من سيارة الأجرة، أضمن لك أن شعورك سيكون مختلفاً تماماً."
علقت هذه الكلمات في ذهني وانطلقنا في رحلتنا الممتدة لعشرة كيلومترات من جزيرة ياس إلى مطار زايد الدولي. ولم يلمس السائق عجلة القيادة إطلاقاً خلال الرحلة التي استغرقت عشرين دقيقة.
ضغط ببساطة على زر لتفعيل القيادة الذاتية، ثم جلس وترك السيارة تسير لوحدها. لم أستطع أن أرفع نظري عن عجلة القيادة وهي تدور تلقائياً عند أول إشارة. كنت مرعوباً، لكن النظام كان مسيطراً تماماً.
بمجرد أن وصلنا إلى الطريق السريع وبدأت السرعة تزداد، تلاشى خوفي تدريجياً. فلم تعد هناك ارتعاشات، ولا توقفات مفاجئة. فقط قيادة سلسة وهادئة. حافظت السيارة على سرعتها على الطريق بشكل مثالي. كما توقفت عند الإشارات الحمراء في توقيت مثالي.
أكثر ما أعجبني هو التزام السيارة بالمسارات بدقة، واستخدامها لإشارات الانعطاف، بل وتغيير مساراتها عند الضرورة. في لحظة ما، كانت هناك مركبة بطيئة أمامنا. ودون تردد، استخدمت السيارة ذاتية القيادة إشارة الانعطاف، وغيرت مساراتها بسهولة، وواصلت رحلتها. كان الأمر كما لو أن سائقاً شديد الحذر واليقظة خلف عجلة القيادة. لكن لم يكن هناك من يقودها.
نظرت إلى عامل السلامة وسألته: "هل تعرف السيارة كيف تقرأ حركة المرور؟"
قال مسؤول السلامة إن سيارة الأجرة تقرأ كل لافتة، وتكتشف العوائق، وتسير على مسارات محددة مسبقاً، وتُحدّث بياناتها فوراً. "إنها أكثر انتباهاً من معظم السائقين البشر".
شرح كيف تستخدم المركبة تقنية "الليدار" (LiDAR)، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والكاميرات، والرادار لتوفير رؤية شاملة بزاوية 360 درجة. وقال مازحاً: "إنها ترى الأشياء قبل أن نراها نحن"، لكنني أؤمن بشدة بصحة ذلك.
أثناء حديثنا، أخبرني أن معظم الركاب يشعرون بالقلق في البداية. وقال: "...لكن بعد بضع دقائق، يهدؤون. حتى أن الكثيرين يستمتعون بالرحلة ويُقدّرون سلاسة نظام التشغيل".
لقد أدركتُ السبب. شعرتُ براحة أكبر من التاكسي العادي. لم تكن هناك تسارعات مفاجئة أو توقفات مفاجئة. كانت طريقة تباطؤها قبل الإشارات الحمراء أو المنعطفات مُحكمة للغاية. حتى طريقة تعاملها مع طريق مزدحم كانت سلسة ومُوقوتة بدقة.
حتى مع اقترابنا من مطار زايد الدولي، ظلت السيارة ثابتة. لم يتعطل النظام للحظة. لم تكن هناك انعطافات عشوائية، ولا أبواق سيارات غير ضرورية. بل شعرت وكأن المستقبل قد حلّ، وأنا جالس أعيش المستقبل.
أكثر ما لفت انتباهي هو شعوري بالراحة بعد الدقائق الأولى. فقد نسيتُ أنني في سيارة ذاتية القيادة. وقد بدت الرحلة سلسة وطبيعية.
من أهم ما تعلمته من رحلتي هو إدراكي لكيفية قيادة السيارة. فقد كانت السيارة ذاتية القيادة تتسارع بهدوء، وتكبح مبكراً وبسلاسة، وتبتعد مسافة آمنة عن السيارة التي أمامها، وتستخدم إشارات تحذيرية دائماً قبل التحرك.
لم تتسرع السيارة للتجاوز إلا في حالة الأمان التام، وكانت تفسح الطريق دائماً عند الحاجة. لم تكن هناك سرعة زائدة أو انتقالات غير ضرورية بين المسارات. كل حركة كانت مدروسة وهادئة ودقيقة.
وبصراحة، لو قاد الجميع بهذه الطريقة، لقلّت حوادث الطرق بشكل كبير. فلا عجب أن يتمتع النظام بدقة 99%، فهو يلتزم بالقواعد بدقة في كل مرة.
حالياً، تسير سيارات الأجرة ذاتية القيادة على مسارات ثابتة، ويرافقها عامل سلامة على متنها. ولكن قريباً، من المرجح أن نراها في أنحاء أبوظبي، وربما دون أي تواجد بشري داخلها.
والمفاجأة هي أن الخدمة مجانية تماماً. سواءً كنت متجهاً من جزيرة ياس، أو جزيرة السعديات، أو إلى مطار زايد الدولي، فلن تدفع درهماً واحداً.
إذا كنتم تريدون تجربتها، فحجز سيارة أجرة ذاتية القيادة أمر في غاية البساطة. كل ما عليكم فعله هو تنزيل تطبيق "تكساي" (TXAI) على هاتفكم، والتسجيل، واختيار نقاط الانطلاق والإنزال. سيعرض لكم التطبيق سيارات الأجرة ذاتية القيادة المتوفرة في منطقتكم، ويمكنكم حجز إحداها تماماً مثل سيارات الأجرة العادية. الأمر سريع وسهل.