

انطلقت اليوم فعاليات النسخة الحادية عشرة من "أسبوع دبي للتصميم"، مستقطبةً أكثر من ألف مصمم ومهندس معماري ومبدع من أكثر من خمسين دولة. ويُقام الحدث تحت رعاية سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، وبالشراكة الإستراتيجية مع حي دبي للتصميم.
كانت الهوية الإماراتية حاضرة بقوة ووضوح في المعرض، حيث برزت بتميّز من خلال إبداعات المصممين الإماراتيين الذين استلهموا من قصصهم التراثية، ومواردهم المحلية، واللهجة الأصيلة، ليحولوا الإرث الثقافي إلى قطع تصميمية معاصرة ومبتكرة. لقد أثبت المصممون الإماراتيون قدرتهم على استخدام التصميم كلغة عالمية لنقل أصالة هويتهم وتفرد قصصهم للعالم أجمع.
وفي تعليقها على الحدث، أكدت ناتاشا كاريلا، مديرة أسبوع دبي للتصميم، أن نسخة هذا العام "تعكس بقوة الهدف المتمثل في دعم المشاريع ذات الجذور الثقافية، مع تعزيز التبادل الثقافي على المستوى العالمي". وقالت: "نحن نؤمن بأن الفن والتصميم أداة للابتكار وحل المشكلات، وما أراه رائعاً أن التصميم يمكن أن يكون أيضاً أداة ليمثل الشخص نفسه، ولسرد قصته وعكس ثقافته. وهذا ما نتيحه للمصممين أن يستخدموا منصتنا ويستغلوا أسبوع دبي للتصميم ليمثلوا أنفسهم، فتصميماتهم تحدد الجمال الكامن في ثقافاتهم المختلفة".
وفي سياق إيصال صوت المصممين المحليين إلى العالم، أشارت كاريلا إلى أن "أسبوع دبي للتصميم" هو "لحظة رئيسية في التقويم السنوي، ليس فقط بالنسبة للمنطقة بل للعالم"، مشيرة إلى مشاركة علامات تجارية ومتحدثين رئيسيين عالميين مثل توم ديكسون ومارسيل وندرز، مما يخلق الكثير من فرص التواصل والتعاون أمام المصممين المحليين. كما سلطت الضوء على أهمية الدورة الأولى من "جوائز حي دبي للتصميم" التي تهدف لدعم وتمكين المواهب الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي ركزت هذا العام على الهندسة المعمارية، وفاز بها المصمم النيجيري الناشئ المقيم في دبي، أويريمي وانزيكين.
التراث الإماراتي: حكايات من الماضي بروح المستقبل
شهد الأسبوع حضوراً لافتاً للإرث والتراث الإماراتي، حيث تحولت القصص المحلية والمواد التقليدية إلى قطع تصميمية معاصرة على أيدي مصممين إماراتيين شاركوا ضمن برنامج "تنوين" للتصميم من تشكيل.
كرسي الغواص
الغوص على اللؤلؤ
صاحبتا "أستوديو سكتش آند سبيس"، آمنة الشامسي وحنان الرفيعي، كشفتا عن كرسي "الغواص" المستوحى من مهنة الغوص على اللؤلؤ. حيث أوضحت الشامسي والرفيعي أن التصميم استُلهم من "لحظة كانت فارقة من مهنة الغوص التراثية، وهي انتظار عودة الغواصين من رحلتهم التي كانت تمتد لأشهر طويلة، وقالتا: "اخترنا تلك اللحظة التي تمتزج بالشوق والقلق والتي قد تغير مصير عائلة بأكملها، ولنقل هذه القصة التراثية بامتياز، اعتمدنا على مواد مستدامة وقابلة لإعادة التدوير من المصانع، المواد التي نجدها في سفن الصيد قديما، مثل الأخشاب والقماش، فقد استخدمنا خشب البلوط، فيما اختير القماش باللون الأحمر "ليمثل الأكياس الحمراء التي كان يستخدمها الغواصون لعرض اللؤلؤ الذي اصطادوه".
المصباح المعلق "لمّة"
الشندغة ذاكرة حاضرة
أما حصة الكندي، فقدمت مصباحها المعلّق المُسمى "لمّة"، وهو مستوحى من لهجة الإمارات التي تعني اجتماع العائلة وقصصها المليئة بالحب والود، وقالت الكندي: "في أحد الأيام كانت عمتي تخبرني قصة عن طفولتها وهي تلعب في الشندغة عند الخور، فأخذت الشيلة وقامت بتغميسها في ماء الخور. وفي تلك اللحظة التي كانت تسرد لي قصتها، تخيلت لحظة تسرب الماء من الشيلة، وجمدت تلك اللحظة في ذهني، ومن هنا استلهمت فكرة المصباح". وبما أن القصة بدأت من الشندغة، فقد اختارت الكندي خشب وأغصان النخيل كمادة رئيسية لتسرد حكاية "لمّة"، كما ضمنت في التصميم شكل الخور المميز. وأكدت: "أحب أخذ قصص عائلتي التراثية، لأعكسها للعالم عن طريق التصميم، فأنا أحب إحياء تراثنا الإماراتي خارج منازلنا".
وأضافت: دوما أحاول التفكير بطريقة لأدمج بين تراثنا ولهجتنا المحلية في عالم التصميم، فالمرأة الإماراتية فيها العز والفخر، والاهتمام بالتراث، فنحن كنساء نحافظ على قصصنا ونعرف كيف نبرزها للعالم".
ناصر الغاوي..مصمم "مجموعة النوى"
نواة التمر مصدر إلهام
وقدم الشاعر والمصمم ناصر لغاوي تصميماً فريداً للإضاءة والطاولة تحت مسمى "مجموعة النوى، مصنوعاً بالكامل من نواة التمر. وتعود فكرة هذا الابتكار إلى عام 2017 عندما كان يمسك نواة تمر وورقة صنفرة، فبدأ بكشطها ليرى لونها الأبيض الناصع، ومن هنا "بدأ الفضول". وأشار لغاوي إلى أن الإضاءة المعلقة التي صممها عبارة عن أسطوانات، كل واحدة منها تحتوي على 6,000 حبة نواة تمر، مؤكداً أن عمله كشاعر ساعده "في تخيل تصميمه، فالشاعر يتخيل شعره وكلماته ويشعر بها، وهذا ما حدث أثناء التصميم، كما صمم أساس الطاولة من نشارة نواة التمور، والتي أصبح ملمسها كالجلد الطبيعي.
جاسم النقبي مصمم "هيلة"
مجوهرات إماراتية بروح عصرية
فيما استلهم جاسم النقبي، مؤسس أستوديو "تقسيم"، تصميم خزانة "هيلة" من سوار ذهبي ورثته والدته وتحمله اليوم شقيقته، وهو سوار قطعة الهيل. وقال النقبي: "في هذه القطعة استخدمت الأشكال والأنماط المستخدمة في الذهب الإماراتي، وخاصة حبة الهيل، وفكرت كيف أصمم خزانة تحافظ على الإرث الإماراتي".
ووجه النقبي الشكر للمؤسسات الداعمة، مؤكداً أن ما يميز المصممين الإماراتيين هو "قصصهم التراثية الخاصة بهويتهم الأصيلة، والمواد التي يستخدمونها المأخوذة من مواردهم".
وقد وجه جميع المصممين الشكر الكبير لبرنامج تنوين للتصميم من مركز تشكيل، وشكرا خاصا للشيخة لطيفة بنت مكتوم بن راشد آل مكتوم، والتي لولا دعمها وثقتها بالمواهب الإماراتية لما وصل المصممون إلى ما هم عليه اليوم.
وبهذا، يتحول "أسبوع دبي للتصميم" إلى ساحة فنية عالمية تؤكد على الدور المحوري للتصميم كلغة مشتركة قادرة على تخيّل وتشكيل مستقبل أكثر شمولاً وترابطاً، مع الحفاظ على الهوية الثقافية الأصيلة للإمارات.