فاطمة وولدها سالم الهام إنساني
فاطمة وولدها سالم الهام إنساني

فاطمة الصرايرة: تلهم المجتمع وتدعم أمهات أطفال التوحد

التحقت الأم فاطمة بجامعة العين لدراسة علم النفس. وقالت إن ذلك كان بمثابة نقطة تحول في حياتها
تاريخ النشر

عندما تم تشخيص إصابة ابن فاطمة إسماعيل الصرايرة بالتوحد عند ولادته، انهار عالمها، وأصيبت باكتئاب حاد. وكانت فاطمة، التي بلغت من العمر 19 عاماً فقط في ذلك الوقت، في حالة من الإنكار وكانت تعتقد أن ابنها سوف "يتحسن".

وقالت الوافدة الأردنية: "كان عمري 19 عاماً فقط عندما أنجبت سالم في عام 2010. في ذلك الوقت، كان التوحد غير مفهوم إلى حد كبير". "لم يكن هناك وعي كما هو الحال الآن على وسائل التواصل الاجتماعي. اعتدنا أن نرى التوحد وكأنه وحش، لذلك كنت في حالة إنكار واكتئاب استمرت حتى عام 2018."

وعانت فاطمة لمدة ثماني سنوات، وتفاقمت معاناتها النفسية بسبب الوصمة الاجتماعية والمفاهيم الخاطئة. وقالت لصحيفة خليج تايمز: "كنت أنتظر أن يتحسن سالم، لكن لم يتغير شيء حتى غيرت نفسي".

قرارات تغير الحياة

وبما أن سالم يعاني من طيف التوحد الشديد إلى الشديد جداً ولا يستطيع الكلام، فقد كان التواصل معه أمراً صعباً، لكن فاطمة كانت قد قررت أن تفهم ابنها وتدعمه.

في عام 2018، وبإصرار جديد، التحقت فاطمة بجامعة العين لدراسة علم النفس. وقالت: "لقد كان ذلك بمثابة نقطة تحول في حياتي. لقد زودني علم النفس بالأدوات اللازمة للتواصل مع سالم بشكل فعال".

ومن خلال تحليل السلوك التطبيقي والعلاج بالموسيقى، لاحظت تقدماً ملحوظاً في سالم. "أصبحت الموسيقى جسراً يعبر من خلاله سالم عن نفسه. فبدلاً من إيذاء نفسه، كان يستجيب للألحان".

العلاج بالموسيقة والكتابة نجد في إحداث التغيير
العلاج بالموسيقة والكتابة نجد في إحداث التغيير

ولم تتوقف فاطمة عند هذا الحد. وأطلقت مبادرة بعنوان "بيان" تهدف إلى تقديم الدعم لأمهات الأطفال المصابين بالتوحد. وقالت: "أردت أن تتجنب الأمهات الأخريات نفس معاناتي التي استمرت لمدة ثماني سنوات".

ومن خلال العلاج بالكتابة والدعم النفسي، ساعدت فاطمة الأمهات مثلها على التعامل مع تشخيصات أطفالهن بمزيد من الفهم والقبول.

وعلى الرغم من نجاحاتها، تواجه فاطمة مفاهيم خاطئة حول مرض التوحد بشكل يومي تقريباً. وتقول: "غالباً ما يصنف المجتمع المصابين بالتوحد على أنهم إما عباقرة أو أعباء ثقيلة. وهذه النظرة الضيقة تبين عدم استيعاب التنوع الموجود في أطياف التوحد".

وقد مرّ على فاطمة العديد من الملاحظات من أشخاص يبدون نية حسنة ولكنها كانت مضللة إذ أنهم يتوقعون أن يُظهر جميع الأطفال المصابين بالتوحد مواهب استثنائية أو يفترضون أنهم غير قادرين على التواصل الهادف.

خطوات ملحوظة

تدرك فاطمة تفاؤل الأمهات بحسن نية ولكنها تحثهن على أن يكون لديهن نظرة أوسع. "في حين أن البعض قد يطور بالفعل القدرة على الكلام أو يظهر مهارات رائعة، فقد يكون لدى البعض الآخر قدرات وتحديات مختلفة."

لقد أثمرت جهودها بالتأكيد. فقد حقق سالم، الذي يبلغ من العمر الآن 15 عاماً، تقدماً ملحوظاً وحظي بالثناء على سلوكه وتقدمه. تقول فاطمة بفخر: "إنه دافعي. وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها لا يزال يلهمني كل يوم".

حصل سالم الذي يستفيد من العلاج بالموسيقى ويستخدم لغة الإشارة والصور للتواصل على العديد من شهادات التقدير في التطوير السلوكي والوظيفي والرياضي من مؤسسات متعددة، مثل القيادة العامة لشرطة دبي، ومركز محمد بن راشد للتربية الخاصة.

تطورات مدهشة في شخصية سالم
تطورات مدهشة في شخصية سالم

"كل طفل فريد من نوعه"

لم يقتصر تأثير تفاني فاطمة على أسرتها فحسب، بل كان له صدى أيضاً في المجتمع. وقد تم تكريمها بالعديد من الجوائز، بما في ذلك الدكتوراه الفخرية في الإبداع المتعلق بالتوحد، والتقدير من المؤتمرات الدولية.

وبينما تتأمل هذه المرأة البالغة من العمر 34 عاماً رحلتها، فإنها تؤكد على أهمية التدخل المبكر ودعم المجتمع. وتقول: "كل طفل مصاب بالتوحد فريد من نوعه. ونحن بحاجة إلى التركيز على نقاط قوته وتزويده بالأدوات التي يحتاجها للنجاح".

واليوم، تمثل فاطمة رمزاً للأمل والمرونة للآباء والأسر التي لديهم أطفال مصابون بالتوحد. وأكدت أن "التوحد ليس عائقاً بل إنه طيف من الإمكانات التي تنتظر أن يتم إطلاق العنان لها".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com