صناع المحتوى: بين الحفاظ على الخصوصية والسعي للشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي
في ظل التطور السريع الذي يشهده عالم وسائل التواصل الاجتماعي، يواجه صناّع المحتوى تحدي الموازنة بين شخصياتهم على الإنترنت وحياتهم الشخصية. ويرسم البعض خطوطاً واضحة بين وجودهم على الإنترنت وحياتهم الشخصية، في حين يعتقد آخرون أن هذا لا يهم، أو أن مفهوم الحياة الشخصية ببساطة غير موجود.
وبالنسبة لـ"ياسمين الشافعي"، صانعة محتوى سعودية، فقد بدأت رحلتها في عام 2021 بمشاركة لحظات عائلية ذات صلة. في البداية، كان محتواها يدور حول حياتها العائلية، بهدف التواصل مع الأمهات والأسر. أخبرت صحيفة "خليج تايمز" في حفل توزيع جوائز تيك توك السنوي الذي أُقيم في 22 يناير في مسرح "بالم": "المحتوى الذي أقدمه هو شيء يمكن لكل أسرة وكل أم أن تتواصل معه".
ومع ذلك، مع ارتفاع عدد متابعيها إلى أكثر من 400 ألف على تيك توك، أدركت "ياسمين" الحاجة إلى التحوّل. وأوضحت: "كان عليّ تغيير نهجي والتركيز فقط على حياتي كأم". سمح لها هذا التحول بالحفاظ على خصوصية أسرتها مع منحها أيضاً المرونة لإنشاء محتوى دون قيود.
وتتعامل "ياسمين" مع وجودها على وسائل التواصل الاجتماعي وكأنه دوام عمل من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً، ممّا يضمن لها أن يظل وقت أسرتها مقدساً. وأضافت: "أضع حداً بعدم إشراك عائلتي في مقاطع الفيديو الخاصة بي". وقد ساعدها هذا القرار الواعي في الحفاظ على حياتها الشخصية مع الاستمرار في التواصل مع جمهورها.
أما "فادي علم الله"، صانع محتوى آخر، فكان يؤمن بشدة بأن حياته الشخصية يجب أن تبقى منفصلة عن محتواه. وأكدّ: "عائلتي وزوجتي وأولادي يستحقون الحماية من أعين الجمهور". وهو يدرك أنه اختار هذه الحياة، لكن عائلته لم تفعل. ونتيجة لذلك، يجهل بعض متابعيه أنه متزوج، ممّا يسلط الضوء على التزامه بالخصوصية. وبالنسبة لـ"فادي"، فإن الحفاظ على هذه الحدود أمر ضروري لحماية أحبائه من الضغوط والتدقيق الذي يأتي مع الشهرة.
وعلى النقيض من ذلك، يتبنى "أحمد عزيز"، الذي يصف نفسه بأنه مدمن سفر ويعمل ممثلاً في بعض الأحيان، فلسفة مختلفة. فبالنسبة له، لا يمكن فصل الحياة الشخصية عن صناعة المحتوى. وقال: "حياتي الشخصية هي محتواي". وعلى النقيض من "ياسمين"، لا يتردد "أحمد" في توثيق لحظاته العائلية، رغم أنه يعترف بأن الكاميرا لا تغلق إلا خلال اللحظات الشخصية مع والديه.
"لم أعد أكتب سيناريوهات؛ بل أصور حياتي فقط"، كما أوضح "أحمد"، مسلطاً الضوء على نهجه العفوي في صناعة المحتوى. وقد اكتسب استعداده لمشاركة كل جانب من جوانب حياته، بما في ذلك التفاعلات العائلية، اهتماماً وتفاعلاً كبيرين من متابعيه.
تكشف المسارات المتباينة التي سلكها كل من "ياسمين الشافعي" و"أحمد عزيز" عن تعقيدات إنشاء المحتوى في العصر الرقمي اليوم. ففي حين يختار بعض المبدعين مثل "ياسمين" الحفاظ على الحدود لحماية حياتهم الشخصية، يتبنى آخرون مثل "أحمد" نهجاً أكثر تكاملاً. وفي نهاية المطاف، فإن قرار تحديد الخط الفاصل هو قرار شخصي، يعكس قيم وأولويات كل مبدع أثناء محاولته إيجاد التوازن المعقد بين شخصيته على الإنترنت وتجاربه في الحياة الواقعية.