

حذّرت الهيئة التنظيمية المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة السكان من التعامل مع ثلاث شركات سبق لصحيفة "الخليج تايمز" أن كشفت عنها، بسبب إدارتها لعمليات تداول غير منظمة تسببت في خسائر مالية فادحة لعشرات المستثمرين.
وفي بيان توعوي صدر بتاريخ 17 يوليو، دعت هيئة الأوراق المالية والسلع الجمهور إلى تجنّب التعامل مع كلٍّ من: "سيغما-ون كابيتال"، و"سيغما ويلث وورلد فايننشال"، و"سيغما ون كاب ماركتينغ سيرفيسز"، مؤكدة أن أياً من هذه الشركات ليس مرخّصًا لها بممارسة الأنشطة المالية في دولة الإمارات.
وقالت الهيئة:
"نوصي الجمهور من المستثمرين بالامتناع عن التعامل مع هذه الشركات، كونها غير مرخصة لمزاولة الأنشطة المالية أو تقديم الخدمات التي تخضع لتنظيم الهيئة، كما أن الهيئة لا تتحمّل أيّة مسؤولية عن أيّ تعاملات يُجريها الجمهور مع هذه الشركات غير المرخصة."
يأتي هذا التحذير بعدما قامت صحيفة "الخليج تايمز"، خلال الأشهر الماضية، بنشر تقارير استقصائية تكشف كيف قامت هذه الجهات — من خلال شبكة من المكاتب الوهمية، وشركات مقامة على الورق فقط، وتسجيلات خارجية — بجذب المقيمين في الدولة للاستثمار بمبالغ ضخمة من خلال مكالمات هاتفية مضللة ولوحات تداول إلكترونية وهمية.
كشفت التقارير أن شركة "جلف فيرست للوساطة التجارية"، التي كانت تعمل من برج "كابيتال غولدن" في منطقة الخليج التجاري، قامت بتحويل المستثمرين مباشرةً إلى منصة "سيغما-ون كابيتال"، وهي منصة غير مرخّصة تزعم أنها مسجلة في جزيرة سانت لوسيا. وعندما اختفى مكتب "جلف فيرست" فجأة، تُرك المستثمرون دون أي جهة يرجعون إليها أو إمكانية استعادة أموالهم.
ومن بين المتضررين وافدان من ولاية كيرالا الهندية، وهما محمد وفايز بُويل، حيث خسر كلٌّ منهما خمسة وسبعين ألف دولار أمريكي. وشارك ضحايا آخرون قصصاً مشابهة، من بينهم من خسر مئتين وثلاثين ألف دولار بعد أن تم ربطه بموظف علاقات يزعم أنه مدير، وكان يتحدث بلغته الأم "الكنادا"، واستغل ذلك في استدراجه للقيام بإيداعات مالية متكررة. وقد أظهرت له المنصة الإلكترونية أرباحاً صغيرة في البداية لبناء الثقة، ولكن في وقت لاحق، تم إغلاق حسابه بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار.
تابع آخر الأخبار. تابع KT على قنوات واتساب.
أحد المقيمين في دبي خسر مئة وخمسين ألف درهم إماراتي، قال إنه تعرّض للسخرية والإهانة عندما واجه الشخص المحتال بشأن ما حدث. وأضاف: "قاموا ببناء الثقة تدريجيًا، ثم غدروا بي فجأة".
كما كشفت صحيفة "الخليج تايمز" أن هذه المنصات تستخدم نموذج تداول مخادع يُعرف بأنه يسمح للوسيط بتحقيق الأرباح عندما يخسر العميل، مما يخلق تضارباً مصلحيًا واضحًا.
وقد اعترف عدد من الموظفين السابقين في شركة "سيغما ماركتينغ" بأنهم كانوا يتلاعبون في الصفقات، ويؤخرون تنفيذ العمليات، ويعرضون أرباحاً وهمية على الشاشة بهدف خداع المستثمرين ودفعهم للإيداع المتكرر.
وأظهرت وثائق داخلية وشهادات من أشخاص سرّبوا معلومات من داخل الشركات أن هناك ما لا يقل عن سبعة مراكز اتصال موجودة في دبي، تُشكّل البنية التشغيلية الأساسية لهذه العملية الاحتيالية. وقد قامت هذه المراكز بالتوظيف المكثف لمندوبي مبيعات عبر الهاتف، وقدمت لهم حوافز مالية نقدية لكل عميل يتم خداعه وتحويله إلى منصة غير مرخصة، كما تم دفع العمولات نقداً في أكياس مليئة بالنقود. وكان يتم توجيه فرق التسويق الهاتفية لتجنّب التواصل مع المواطنين الإماراتيين والموظفين الحكوميين، لكونهم "عالي الخطورة" على العملية الاحتيالية.
ورغم أن البنية التشغيلية الأساسية لعمليات الاحتيال كانت تتمركز في مدينة دبي، كشفت صحيفة "الخليج تايمز" أيضًا عن روابط عابرة للحدود، تقود إلى شبكة مراكز الاتصال سيئة السمعة في الهند، والتي تُعرف بتورطها طوال سنوات في الاحتيال على متقاعدين غربيين.
ويبدو أن حجم هذه العمليات ومداها واسع للغاية. إذ خسر أحد الضحايا خمسمئة ألف درهم كانت مخصصة لدفع رسوم تعليم أبنائه، بينما قام آخر باستخدام الحد الأقصى لبطاقتين ائتمانيتين وأخذ قرضًا شخصيًا لتغطية الإيداعات المطلوبة، ويواجه الآن مطالبات قانونية من البنوك.
يشكّل تحذير هيئة الأوراق المالية والسلع اعترافًا تنظيميًا مهمًا بحجم التهديد الذي تمثله هذه العمليات على المواطنين والمقيمين في الإمارات.
وبالإضافة إلى التحذير من الشركات غير المرخصة، نشرت الهيئة على موقعها الإلكتروني تنويهاً هامًا للجمهور تحذّر فيه من وثائق مُزوّرة تحمل شعار الهيئة، فضلاً عن موافقات وهمية تُنسب لها، ودعت الهيئة الجمهور إلى ضرورة التحقق من أي شركة يتعاملون معها من خلال قائمة الجهات المرخصة والمنشورة على موقعها الرسمي.