شبعها غير المعتاد قادها إلى النجاح ضد سرطان المبيض
بعد تناول بضع ملاعق فقط من الطعام، شعرت سلمى شيخ البالغة من العمر 41 عاماً، بأنها شبعت بالفعل. لم تكن قادرة على إنهاء وجبة كاملة وكان شبعها المبكر غير معتاد، إلى جانب آلام البطن التي عانت منها خلال الأشهر التسعة الماضية. وعندما استشارت الطبيب الشهر الماضي، تبين أنها مصابة بسرطان المبيض في المرحلة الثالثة.
كما أدى فقدان الشهية وألم أسفل البطن وانتفاخ البطن أو تمدد البطن والضعف إلى إثارة قلق كبير لدى سلمى (وافدة باكستانية تم تغيير اسمها لهذه القصة).
وأظهرت الفحوصات الأولية وجود كتلة كبيرة في كلا المبيضين. وهذا ما دفع الدكتور "كيرثي بانافارا رافي"، استشاري جراحة الأورام في مستشفى زليخة دبي، إلى إجراء المزيد من الفحوصات الطبية.
ثم اكتشف الدكتور كيرثي وجود استسقاء بطني معتدل أو تجمع للسوائل في بطنها وكتل كبيرة في الحوض مما أكد تشخيص سرطان المبيض الثنائي الأولي مع انتشار المرض إلى الجزء العلوي من بطنها.
خضعت سلمى لتنظير البطن التشخيصي أو استخدام كاميرا فيديو جراحية صغيرة (منظار البطن) لتقييم مدى انتشار المرض داخل البطن. كشف الإجراء عن وجود انتشار واسع في البطن وحالة خطيرة يبلغ فيها حجم الخلايا السرطانية أو الأورام أكثر من 25 ملم. وأكدت الخزعة اللاحقة أيضاً وجود أنسجة سرطانية من الدرجة العالية في المبيضين
تدخل طبي عاجل
نظراً لأن سرطان المبيض كان في المرحلة الثالثة المتقدمة، فقد تم وضع خطة علاج فوري وأكثر فعالية. وقد تضمنت إدارة أدوية العلاج الكيميائي قبل استئصال الورم جراحياً والعلاج الكيميائي عالي الحرارة داخل الصفاق (HIPEC)، والذي تم إجراؤه بعد إزالة الأورام السرطانية جراحياً. تم تطبيق أدوية العلاج الكيميائي الساخنة مباشرة داخل البطن للقضاء على الخلايا السرطانية المتبقية.
أجرى الدكتور "بهارادواج بونادا"، طبيب الأورام في مستشفى زليخة دبي، أربع دورات من العلاج الكيميائي المساعد الجديد عن طريق الوريد. وقد ساهم هذا العلاج في تقليل استسقاء سلمى بشكل كبير وتحسين حالتها العامة وشهيتها.
جراحة كبيرة لمدة 15 ساعة
وخضعت سلمى بعد ذلك لعملية جراحية كبرى استمرت 15 ساعة، حيث أجرى الدكتور كيرثي وفريقه الجراحي الإجراء المعقد الذي تضمن إزالة كل السرطان المرئي من بطن سلمى.
وشمل ذلك المبيضين والرحم وقناتي فالوب والصفاق الحوضي والمستقيم وجميع الأنسجة البريتونية والثربية في الجزء العلوي من البطن والمناطق تحت الحجاب الحاجز.
وبمجرد إزالة الأورام السرطانية الظاهرة جراحياً، تم تطبيق أدوية العلاج الكيميائي الساخنة مباشرة داخل بطن سلمى للقضاء على الخلايا السرطانية المتبقية. يتضمن هذا الإجراء، الذي استمر حوالي 90 دقيقة، غسل التجويف البريتوني بأكمله بالعلاج الكيميائي الساخن (تسخينه إلى 42 درجة مئوية) للقضاء على أي خلايا سرطانية مجهرية متبقية.
العودة إلى النظام الغذائي الطبيعي
قيل لصحيفة "خليج تايمز" أنّ سلمى تتعافى الآن بشكل ملحوظ. كما أنها تحافظ على نظام غذائي طبيعي وتشارك في الأنشطة اليومية. لقد أكملت بنجاح دورتين إضافيتين من العلاج الكيميائي بعد الجراحة، وقد تحملتهما بشكل جيد.
ولاحظ الأطباء أنه نظراً للمرحلة المتقدمة من السرطان عند التشخيص، هناك فرصة بنسبة 40 % لعودة المرض، والتي يمكن تخفيفها من خلال العلاج الكيميائي المستمر والعلاج الموجه.
يظل السبب الدقيق لسرطان سلمى متعدد العوامل، ومن المحتمل أن يشمل تاريخ العائلة والاختلالات الهرمونية. يجري حالياً إجراء اختبار (فحص) وراثي لتقديم رؤى إضافية.
الكشف المبكر
وقال الدكتور كيرثي: "إنّ الاكتشاف المبكر لسرطان المبيض يقلل بشكل كبير من حجم الجراحة والمعدلات المرضية المرتبطة بالعلاج، مما يؤدي إلى نتائج أفضل. تعد الموجات فوق الصوتية المنتظمة وقياسات CA (مستضد السرطان) 125 أمراً بالغ الأهمية، خاصة بالنسبة للأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي قوي للإصابة بسرطان المبيض. يجب دائماً التحقق من النتائج غير الطبيعية في الفحص بالموجات فوق الصوتية".
وأكد أيضاً: "يمكن علاج حالات سرطان المبيض المتقدمة بشكل فعال بأحدث الطرق مثل الجراحة الخلوية وHIPEC، مما يسمح للمرضى بعيش حياة طبيعية بعد العلاج".
وأضاف: "إنّ الخبرة وروح الفريق والتجربة التي تتمتع بها فرق الأورام الجراحية والطبية تعتبر أساسية في إدارة حالات السرطان المتقدمة بنجاح".