

تحولت لحظة الاحتفال إلى لحظة حزن عميق عندما توفيت المهندسة نادية أيمن ناصيف بشكل مأساوي في حادث سيارة قبل أيام قليلة من حصولها على درجة الدكتوراه من جامعة الشارقة.
وتسلمت والدتها، المهندسة فرح عبد الرحيم الحسني، الشهادة نيابةً عن نادية خلال حفل التخرج، وسط حضورٍ غفيرٍ وقفوا إجلالاً وتكريماً. ودوّى التصفيق في أرجاء القاعة، ممزوجاً بالدموع والدعاء، حين نُودي باسمها بـ"رحمها الله". كان الحفل تتويجاً مُراًّ لحلمٍ سعت نادية جاهدةً لتحقيقه.
وبحسب تقرير لصحيفة الإمارات اليوم، وعدت نادية والدتها بأنها ستمنحها شهادة الدكتوراه بنفسها يومًا ما. ورغم أن حياتها انتهت مبكرًا، إلا أن عائلتها حققت أمنيتها الأخيرة بقبول الشهادة تخليدًا لذكراها.
روت والدتها كيف دخلت القاعة بمفردها، القاعة نفسها التي كانتا تتشاركانها منذ أيام نادية الجامعية، تشعر بوجود ابنتها في كل خطوة. قالت وهي تستذكر مشاعرها الغامرة وهي تصعد المنصة لتتسلم الجائزة: "كانت معي".
وأعرب والد نادية، أيمن وليد ناصيف، عن فخره وألمه. وقال: "كانت لحظةً مليئةً بألمٍ لا يُطاق وفخرٍ لا يُوصف"، مُعترفًا بأنه لم يستطع الصعود على خشبة المسرح. بل رأى زوجته تُعاني وطأة حزن العائلة وفخرها.
ووصفت شقيقة نادية، الصحافية شهد نصيف، شقيقتها بأنها "العمود الفقري للعائلة"، مضيفة أن نادية كانت مرشدتها منذ الصغر وحتى أنها علمتها في المدرسة الابتدائية.
ويتذكر شقيقها، المهندس محمد ناصيف، ترقب نادية لحفل التأبين. قال: "لقد جعلتنا نشعر وكأننا في عيد". وأضاف: "عندما نُودي باسمها، ووقف الحضور بالدعاء والتصفيق، أصبحت تلك اللحظة ذكرى لن أنساها أبدًا". وأضاف: "لم ينتهِ تقديرها برحيلها، بل امتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لأنها كانت تستحقه حقًا".
تركت نادية خلفها ابنًا في الثالثة من عمره، سيحمل مستقبله صدى صوتها وإرث طموحها. اشتهرت بتفوقها الأكاديمي ومثابرتها اللافتة، حيث أكملت دراستها الجامعية والماجستير والدكتوراه في الهندسة الإنشائية من جامعة الشارقة على مدى اثني عشر عامًا، جميعها بمرتبة الشرف.
ركز بحثها للدكتوراه على أنظمة الخرسانة المسلحة بالألياف (FRC) والبوليمر المقوى بالألياف (FRP)، ودمج الذكاء الاصطناعي لمراقبة السلامة الإنشائية. على الرغم من بدايات مسيرتها الأكاديمية، نشرت نادية 12 ورقة بحثية مُحكمة، ثمانية منها صُنفت ضمن أفضل المجلات العلمية المرموقة عالميًا. بلغ معدل تأثير الاستشهادات البحثية 1.74، أي أعلى بنسبة 74% من المتوسط العالمي في مجالها.
لقد تم قبولها مؤخرًا في فرصة بحثية لما بعد الدكتوراه في جامعة دبي، حيث خططت لقيادة مشاريع مبتكرة في مجال مراقبة الهياكل المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وهي الرؤية التي كانت شغوفة بها بشدة ولكن لم تتح لها الفرصة أبدًا لرؤية تحقيقها.
تُعدّ رحيل نادية خسارةً لعائلتها وللمجتمعين الأكاديمي والهندسي. ومع ذلك، لا تزال قصتها مُلهمة، تُذكّر الطلاب والمهنيين على حد سواء بأن الطموح يترك إرثًا خالدًا رغم أقسى محن الحياة.
الإمارات العربية المتحدة: ما يقرب من نصف الطلاب الإماراتيين الذين يدرسون في الخارج بتمويل ذاتي مسجلون في جامعتين فقط. بعض جامعات دبي تشهد قوائم انتظار وسط ارتفاع يصل إلى 120٪ في أعداد الطلاب المسجلين.