رائد الجينوم في شرطة دبي يحدث تحولاً في التحقيقات الجنائية
العالم الإماراتي الدكتور محمد علي المري البالغ من العمر 34 عاماً، يساهم في حل القضايا مع شرطة دبي، وتحديد المشتبه بهم، وإنشاء ملفات تعريف الضحايا، وحتى التنبؤ بالسمات السلوكية باستخدام علم الجينوم، وهو أصغر عالم في مجال إنفاذ القانون في دبي.
وفي حديثه مع صحيفة خليج تايمز، أوضح كيفية مساهمة ترجمة البيانات الجينية المعقدة في التحقيقات. وقال : "إن دمج علم الجينوم في عمليات التحقيق لدينا أدى إلى تغيير وسائل حل الجرائم".
لقد أحدثت دراسة علم الوراثة للكائن الحي ثورة في مجال التحقيق الجنائي في جميع أنحاء العالم من خلال توفير أدلة هامة حول مرتكبي الجرائم.
وفي عام 2023، تم تعيين الدكتور المري لقيادة مركز الجينوم التابع لشرطة دبي الذي تم افتتاحه حديثاً، وهو منشأة مخصصة لتطبيق أحدث التقنيات الجينية. وأوضح: "هدفنا هو الاستفادة من هذه التقنيات المتطورة لاستخدامات مختلفة. على سبيل المثال، يمكننا تحليل عينات الحمض النووي من مسرح الجريمة لتحديد هوية الأفراد، أو يمكننا استكشاف الأسباب الجينية وراء الوفيات غير المبررة".
كما يشارك فريقه في دراسة الجينومات البيئية - دراسة العينات البيئية ومسببات الأمراض، مما يعزز قدرة الشرطة على الاستجابة للتهديدات الصحية العامة. أثناء فترة جائحة كوفيد، أجرى الفريق أيضاً أنشطة مختلفة مثل اختبار مياه الصرف الصحي للكشف عن وجود فيروس كوفيد-19.
بدأ شغف الدكتور المري بعلم الوراثة منذ الطفولة. يقول: "منذ أن كنت صغيراً، كنت دائماً مهتماً بأسباب اختلاف مظهر الأشخاص - لماذا يكون شخص ما أطول أو له لون عين مختلف. كانت الإجابات تشير دائماً إلى علم الوراثة، لكنني أردت الخوض في الأمر بشكل أعمق". قاده هذا الفضول إلى متابعة درجة الدكتوراه في علم الجينوم البشري في جامعة كامبريدج.
وقال: "كانت الدراسة في كامبريدج بمثابة حلم يتحقق. تتمتع الجامعة بتاريخ غني في مجال علم الوراثة، وخاصة فيما يتعلق بمشروع الجينوم البشري، وكنت سعيداً بالمساهمة في هذا المجال".
فجوات كبيرة
ومع استمراره في دراساته، أدرك الدكتور المري النقص في تمثيل البيانات الوراثية العربية في الأبحاث العالمية. وأشار إلى ذلك بقوله: "أثناء دراستي للدكتوراه، أدركت أن هناك فجوات كبيرة، وخاصة من الشرق الأوسط. وكان هدف عملي هو سد هذه الفجوة، مما أدى إلى تحديد ملايين الطفرات الجينية الفريدة لمنطقتنا. ويمكن أن تكون هذه المعلومات محورية في قضايا الطب الشرعي، مما يسمح لنا بتحديد النسب وحتى ربط المشتبه بهم بالجرائم".
ويتطلع العالم الشاب إلى المستقبل، ويشعر بالتفاؤل بشأن مستقبل علم الجينوم في مجال إنفاذ القانون والطب. وأوضح أن : "التسلسل الجيني يتيح آفاقاً جديدة للتحقيق في الحالات التي كانت غير قابلة للحل في السابق. ونحن نتجه نحو الطب الشخصي، حيث سيتم تصميم العلاجات لتناسب التركيب الجيني للفرد". "لن يؤدي هذا التحول إلى تعزيز السلامة العامة فحسب، بل سيحسن أيضاً نتائج الرعاية الصحية في جميع المجالات".
وباعتباره أحد أصغر القادة في مجاله، يساهم الدكتور المري في تثقيف العلماء المستقبليين. وأكد قائلاً: "أحاضر في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية بهدف إلهام الجيل القادم. وأعتقد أن نقل المعرفة أمر ضروري للتقدم المستمر للعلوم. آمل أن يسعى طلابي في رحلة أبحاثهم واكتشافاتهم الخاصة بهم".