

بفضل التفكير السريع والحضور القوي لمديره، تمكن عامل مصنع يبلغ من العمر 30 عاماً في دبي من قطع أصابعه الأربعة أثناء تشغيل ماكينة قطع المعادن، لكن أصابعه العشرة لا تزال سليمة.
وقعت الحادثة مؤخرًا عندما فقد "أنوب مورالي دارناير" توازنه أثناء تشغيل الآلة. وقبل أن يتمكن من استعادة توازنه، بتر النصل الحاد أربعة أصابع من يده تمامًا.
ويفترض الكثيرون أن هذه الإصابة ستكون دائمة. لكن بفضل سرعة بديهة مدير مصنعه، معاوية أحمد علي، وبعد عملية جراحية ماراثونية استغرقت 13 ساعة، أُعيدت أصابع أنوب إلى مكانها بنجاح، مما منحه فرصة ثانية للحياة والعمل.
إن قصة كيفية جمع أصابعه المبتورة وحفظها في الجليد ونقلها عبر المدن وإعادة ربطها من قبل جراحين خبراء هي قصة رائعة للغاية.
في اللحظة التي بُترت فيها أصابع أنوب، عمّت صرخاته أرجاء المصنع، مما أثار ذعر زملائه. لكن وسط هذه الفوضى، حافظ رجل واحد على رباطة جأشه، وهو معاوية أحمد علي، المدير الإداري السوداني للمصنع.
ركض معاوية نحو العامل المصاب دون تردد. لم يكن أول ما فكر به هو إيقاف النزيف فحسب، بل إنقاذ ما ضاع. جمع أصابعه المبتورة، ووضعها في كيس ثلج، وتصرف بسرعة.
بأمر من معاوية، نُقل أنوب بسرعة إلى أقرب مستشفى، ولكن هناك، برزت مشكلة أخرى. لم يكن هناك أخصائي أوعية دموية، ما اضطر الأطباء إلى خياطة الجرح فقط، مما قضى نهائيًا على أي أمل في شفاء أصابعه.
لكن معاوية رفض قبول هذا المصير. متشبثًا بكيس الأصابع المتجمدة، وأصر على نقل أنوب إلى مستشفى راشد في دبي، المعروف بقسم جراحة الأوعية الدموية المتطور فيه. وبدلًا من انتظار سيارة الإسعاف، اتخذ قرارًا حاسمًا بنقل أنوب بنفسه.
كانت رحلة السيارة العاجلة عبر شوارع دبي مليئة بالتوتر. طمأن معاوية أنوب طوال الطريق، داعيًا إياه إلى الثبات. كل دقيقة لها أهميتها، وكلما أسرعوا في الوصول إلى مستشفى راشد، زادت فرص إعادة الالتحام.
عند وصوله إلى مستشفى راشد، سارع الفريق الطبي إلى نقل أنوب إلى غرفة العمليات، حيث أعدّ أخصائيو الأوعية الدموية والجراحة المجهرية عملية جراحية دقيقة للغاية، لإعادة توصيل الأعصاب والأوعية الدموية والعضلات.
في هذه الأثناء، انتظر معاوية في الخارج لأكثر من 13 ساعة، من الواحدة ظهرًا حتى الثانية والنصف صباحًا. كان يعلم أن مستقبل أنوب يعتمد على هذه العملية.
أخيرًا، خرج الجرّاح الرئيسي بخبرٍ بدا أشبه بمعجزة: "لقد نجحت العملية. مع الوقت والعلاج الطبيعي، سيستعيد أنوب قدرته على استخدام يده."
كان شعور معاوية بالارتياح والفرح في تلك اللحظة لا يُوصف. لم ينقذ أصابعًا فحسب، بل أنقذ رزق إنسان وكرامته ومستقبله.
في حديثه لصحيفة "خليج تايمز" ، عبّر أنوب، الذي لا يزال يتعافى، عن امتنانه العميق. "ظننتُ أن حياتي قد انتهت. لكن بفضل معاوية، مُنحتُ فرصةً أخرى لعيش حياةٍ طبيعية.
أما بالنسبة لمعاوية، فلم يكن الأمر يتعلق أبدًا بأن يكون بطلًا، بل بفعل الصواب.
قال: "نحن عائلة هنا. لو اضطررتُ لأخذته إلى أي مكان في العالم. هكذا تربينا على الوقوف إلى جانب بعضنا البعض، بغض النظر عن جنسياتنا أو أعراقنا أو دياناتنا. هذه هي روح دار زايد".
"لأنه في نهاية المطاف، ليست الآلات فقط هي التي تحافظ على تشغيل المصنع، بل هي الروابط الإنسانية غير القابلة للكسر التي تربط كل شيء معًا"، كما أكد.