
في منى، وسط آلاف الحجاج، يستريح جاسم الخطيب من دبي على كرسي الحلاقة وهو يحلق رأسه، ويتحدث إلى شقيقه الأصغر عبر مكالمة فيديو.
"لقد فعلتها"، قال جاسم لأخيه وهو يمرر يده على رأسه الحليق تمامًا. "لقد انتهى كل شيء. أشعر بأنني أخف وزنًا، وكأن شيئًا ثقيلًا قد رُفع من داخلي."
جاسم من بين آلاف المقيمين في الإمارات العربية المتحدة الذين يؤدون حاليًا فريضة الحج، أحد أركان الإسلام الخمسة. وبعد إتمام المناسك الرئيسية، بما في ذلك الوقوف بعرفة ورمي الجمرات، يكون جاسم قد أتم أحد أركان الحج الأخيرة ، وهو حلق رأسه .
في حديثه مع صحيفة "خليج تايمز" عبر الهاتف، تذكر جاسم لحظة إتمامه طقوس الحلاقة. "عندما مرر الحلاق الشفرة على رأسي، أغمضت عينيّ وفكرت في كل ما أردتُ تركه خلفي - ذنوبي، غروري، أخطائي الماضية. الأمر لا يقتصر على إزالة الشعر فحسب، بل يتعلق بالتخلص من الغرور والانطلاق نحو حياة جديدة."
وفقًا للتقاليد الإسلامية، يُعد حلق الرأس بعد الحج رمزًا قويًا للتواضع والطهارة والتجديد. ويعتقد الحجاج أنه يمثل نهاية رحلة تحولية - إعادة ضبط للجسد والروح.
كما خضع سهيل صديقي، وهو مهاجر هندي يبلغ من العمر 40 عامًا من عجمان، لعملية الحلق أيضًا بعد وقت قصير من الانتهاء من رمي الجمرات في منى.
أرسل رسالة صوتية لزوجته، بسبب ضعف تغطية الشبكة، ليخبرها بالخبر. قال صديقي: "أرسلت لها رسالة صوتية أقول فيها إنني حلقتُ رأسي للتو، وسأُنهي إحرامي".
وردت زوجته بالدعاء، مصحوبة برسالة صوتية من ابنتيهما تدعوان فيها بعودته سالماً.
ومن المتوقع أن تعود مجموعة سهيل إلى الإمارات في 11 يونيو/حزيران الجاري، بعد أداء طواف الوداع حول الكعبة المشرفة.
"على الرغم من أنني لم أدخل منزلي بعد، إلا أنني أشعر وكأنني أعود كإنسان أفضل، وزوج أفضل، وربما كمسلم أفضل"، كما قال.
بالنسبة للحجاج، تُعدّ عملية حلق الرأس لحظة شخصية ومؤثرة للغاية. يقول جاسم: "يحيط بك ملايين الناس، ومع ذلك تشعر بقرب شديد من الله. وفي تلك اللحظة، عندما تتخلى عن شعرك، وعن كبريائك، وعن مظهرك، تكون عبدًا لله فحسب".
قال الشيخ أياز حوسي إمام مدرسة الجيل القادم وخطيب مركز المنار الإسلامي في دبي، إن حلق الرأس أثناء الحج عمل روحي عميق ينبع من الطاعة والتواضع.
قال: «إنه أمرٌ من الله يُؤدَّى بخشوعٍ خالص». ترمز هذه الشعيرة إلى التطهير، فعندما يُلقي الحجاج شعرهم، فإنهم يُسقطون ذنوبهم رمزيًا، ويبدأون من جديد.
كما أنه تعبيرٌ قويٌّ عن التواضع، إذ يُنظر إلى الشعر غالبًا على أنه رمزٌ للفخر والجمال. وأضاف الشيخ أياز: "بإزالته، يتواضع الحاج أمام الله، ويتخلى عن الغرور".
وأضاف أن هذه الشعيرة اقتداءٌ بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، الذي حلق رأسه في الحج. وبمشاركة ملايين الحجاج في هذه الشعيرة، يُعزز الحجاج الوحدة والمساواة والأخوة الإسلامية.
داخل صالون حلاقة سعودي مخصص للحجاج فقط، يحلق آلاف الرؤوس يوميًا. انظر: حجاج "يرجمون الشيطان" مع اقتراب نهاية الحج في السعودية. الإمارات العربية المتحدة: هل تسافر للحج؟ حقيبة طبية ذكية جديدة تُطلق للحجاج.