كشفت دراسة جديدة أن ما يقرب من 13 في المائة من الطيور البحرية الموجودة على طول شواطئ البلاد قد ابتلعت ملوثات بحرية، بما في ذلك الحطام البلاستيكي والنفط الخام وكرات القطران وحتى الألياف الدقيقة من نفايات الغسيل.
سلطت دراسة حديثة أجرتها هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة الضوء على التأثير الخطير للتلوث البحري على الحياة البرية الساحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتوصلت الدراسة إلى أن أكثر من 11% من الطيور البحرية التي تم فحصها قد ابتلعت حطامًا بحريًا، في حين تم العثور على آثار من النفط الخام أو كرات القطران في أنظمتها الهضمية لدى ما يقرب من 2% منها.
وكانت المواد الأكثر استهلاكا واستهلاكا هي البوليمرات البلاستيكية، وخاصة البولي إيثيلين، تليها الزجاج، وخطافات الصيد، وبقايا النفط، والتي تشكل جميعها مخاطر صحية خطيرة على الطيور البحرية.
من مصادر التلوث المفاجئة التي كشفت عنها الدراسة مياه صرف الغسيل. فقد وجد الباحثون أن الألياف الدقيقة - المنبعثة من الأقمشة الصناعية أثناء الغسيل - تُمثل ما يقرب من 78% من جميع المواد البلاستيكية الدقيقة المكتشفة في تحليل فرعي لعشرين طائرًا.
هذه الدراسة، المنشورة في نشرة التلوث البحري ، هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط التي تدرس بشكل منهجي تناول الطيور البحرية للمخلفات البحرية. بتحليل الأجهزة الهضمية لـ 478 طائرًا بحريًا نافقًا من 17 نوعًا جُمعت من الخليج العربي وخليج عُمان، تكشف النتائج عن العواقب الوخيمة للتلوث البحري على الحياة البرية الساحلية، مما يُبرز الحاجة المُلحة إلى اتخاذ إجراءات لحماية هذه النظم البيئية الهشة.
قالت هناء سيف السويدي، رئيسة هيئة حماية البيئة والمحميات البحرية: "تُرسي هذه الدراسة الأساس العلمي لرصد آثار النفايات البحرية على المدى الطويل. كما تُسلّط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات جماعية عاجلة لحماية أنظمتنا البيئية البحرية الهشة".
من بين الطيور البحرية الأكثر تأثرًا بابتلاع الحطام، كانت طيور النورس الصغيرة بيضاء الرأس الكبيرة، والتي وُجد أنها أكثر عرضة من الطيور البالغة. وهذا يُبرز مدى ضعف الطيور الصغيرة، وأهمية تركيز جهود الحفظ في جميع مراحل حياة الطيور البحرية.
لا تُعدّ هذه الدراسة، التي أُجريت في إطار برنامج الشارقة للاستجابة لحالات جنوح الأسماك، إنجازًا علميًا بارزًا فحسب، بل تُشكّل أيضًا حافزًا لرصد التلوث البحري على المدى الطويل. ويؤكد الباحثون أن البيانات ستُسهم في إثراء استراتيجيات الحفاظ على البيئة القائمة على الأدلة، وستدعم تطوير السياسات البيئية، ليس فقط في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل في جميع أنحاء الخليج.
في عام ٢٠٢٣، نجحت هيئة حماية البيئة في إطلاق ١٥٨ طائرًا بحريًا مُعاد تأهيله إلى البرية في شاطئ الحيرة بالشارقة. خضعت هذه الطيور، التي أُنقذت من مناطق ساحلية مختلفة، لفحص دقيق وعلاج وإعادة تأهيل من قِبل أطباء بيطريين مؤهلين. وتُؤكد عودتها الناجحة إلى البحر الأهمية الحاسمة لجهود الإنقاذ والتأهيل، جنبًا إلى جنب مع البحث العلمي، لحماية الحياة البرية البحرية.
وأضاف السويدي: "هذا أكثر من مجرد إنجاز علمي، فهو يؤكد مكانة الشارقة كمركز إقليمي رائد في مجال البحوث البيئية والتنوع البيولوجي، ويُظهر التزامنا الراسخ بالاستدامة وحماية الحياة البحرية".
إن توقيت صدور هذه النتائج مُلِحٌّ للغاية. فمع استمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير سواحلها وتوسيع قطاعي السياحة والشحن، تُعَدُّ هذه الدراسة تذكيرًا صارخًا بالنفايات غير المرئية المتراكمة في محيطاتنا وعواقبها الوخيمة على الحياة البرية.
في دولة الإمارات العربية المتحدة، توجد قوانين سارية لحماية البيئة البحرية. وبموجب القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999، يُعدّ تصريف الملوثات، مثل نفايات النفط أو البلاستيك أو المواد الخطرة، في مياه الدولة جريمة جنائية. ويواجه المخالفون غرامات تصل إلى مليون درهم، وربما السجن، ويتحملون مسؤولية مالية عن عمليات التنظيف. ويُخوّل القانون السلطات باتخاذ إجراءات مباشرة ضد السفن أو الشركات أو الأفراد الذين تُلحق أنشطتهم الضرر بالنظم البيئية البحرية.
بالتزامن مع يوم البيئة العالمي، تأمل هيئة حماية البيئة أن تُسهم هذه الدراسة ليس فقط في رفع مستوى الوعي بمخاطر التلوث البحري، بل أيضًا في حثّ الجمهور على اتخاذ إجراءات. فالسلوكيات اليومية، كالتخلص من البلاستيك بشكل غير سليم أو إهمال استخدام فلاتر الغسيل، قد تُخلّف آثارًا مدمرة طويلة المدى تتجاوز بكثير حدود الشاطئ.
وقال أحد علماء الأحياء البحرية المشاركين في الدراسة: "كل قطعة بلاستيكية تصل إلى المحيط قد تصل إلى بطن طائر. الأمر لا يقتصر على الطيور البحرية، بل يتعلق بصحة النظام البيئي البحري بأكمله، وفي نهاية المطاف، نظامنا البيئي".
50 سلحفاة بحرية تعود إلى مياه أبوظبي بعد صدمتها من البرد وإصاباتها وإنقاذها. شاهد: رصد سمكة نادرة في الفجيرة كمؤشر على تعافي النظام البيئي البحري في الإمارات. دبي: إنقاذ سلحفاة صغيرة في الخليج العربي بعد مشاهدة نادرة.