

حث الأطباء في الإمارات الآباء على توخي اليقظة ونصحوهم بإبقاء أجهزة التدخين الإلكتروني بعيداً عن متناول الأطفال بعد حادثة وقعت مؤخراً لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات استنشق عن طريق الخطأ من جهاز تدخين تُرك دون مراقبة.
وعادت المحادثة حول التدخين الإلكتروني وسلامة الأطفال إلى الواجهة بعد أن نشرت إحدى المقيمات في الإمارات منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي تصف فيه كيف تمكن طفلها الصغير من الوصول إلى جهاز تدخين لا ينتمي إلى العائلة ولكنه تُرك في مكان ما.
وفي منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي، أوضحت الأم كيف سارعت الأسرة بنقل الطفل إلى المستشفى، حيث اتخذ المتخصصون الطبيون إجراءات سريعة واستشاروا حتى مركز مكافحة السموم في الإمارات لضمان الرعاية الشاملة.
استجاب الأطباء منذ ذلك الحين، محذرين من أن التعرض القصير للنيكوتين من خلال التدخين الإلكتروني يمكن أن يؤثر على نمو دماغ الطفل، وخاصة في السنوات الأولى.
قالت الدكتورة "سحر كمال"، أخصائية طب الأطفال في عيادة "أستر" بدبي: "بصفتي طبيبة أطفال متخصصة أمارس الطب في الإمارات العربية المتحدة، أتفهم مدى الخوف الذي قد يشعر به الآباء والأمهات من هذا الوضع. عندما يمسك طفل فضولي يبلغ من العمر ثلاث سنوات بجهاز تدخين، من الطبيعي أن يشعر بالقلق. تحدث الآثار المباشرة، مثل السعال والدوار واضطراب المعدة، لأن أجسامهم الصغيرة تعالج النيكوتين بشكل مختلف عن البالغين".
وأشارت إلى أن تركيز النيكوتين في أجهزة التدخين الإلكتروني الحديثة يُشكل مخاطر خاصة على أدمغة الأطفال الصغار في مرحلة النمو. ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية، فإن التعرض القصير للنيكوتين قد يؤثر على النمو المعرفي وآليات الانتباه.
وقالت: "ومع ذلك، فإن الأخبار المشجعة هي أن التعرض الفردي القصير الأجل لا يسبب عادة أضراراً دائمة عندما يتم التعامل معه على الفور".
وأضافت أنه على الرغم من خطورة الوضع، فمن المهم أن يستجيب الأهل بسرعة وهدوء: "تؤكد الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن الأطفال يتمتعون بقدرة هائلة على الصمود. والأهم من ذلك هو سرعة وهدوء استجابتكم".
إن فهم الجدول الزمني لظهور الأعراض أمر بالغ الأهمية.
"إذا ظهرت الأعراض، فإنها تتطور عادة خلال 15 إلى 30 دقيقة، مما يمنح الوالدين فرصة جيدة لتقييم حالة الطفل".
أشار الخبراء إلى أن سمّية النيكوتين لدى الأطفال الصغار تُصبح مُقلقة عند جرعات تتراوح بين 0.5 و1 ملغم/كغم من وزن الجسم. بالنسبة لطفل يزن 15 كجم، يُترجم هذا إلى ما يقارب 7.5-15 ملغم من النيكوتين، وهي كمية يسهل توصيلها عبر أجهزة التدخين الحديثة، والتي غالباً ما تحتوي على 20-70 ملغم/مل من النيكوتين.
وأضافت الدكتورة: "حتى الاتصال القصير يمكن أن يؤدي إلى جرعات مثيرة للقلق".
ومع ذلك، أكدت أن "البيانات السريرية الحديثة من أقسام الطوارئ للأطفال، بما في ذلك الأبحاث المنشورة في مجلة رعاية الطوارئ للأطفال (2024)، يظهر أن معظم حالات التعرض العرضية تنطوي على امتصاص ضئيل بسبب نفور الأطفال الطبيعي من الطعم والإحساس."
وحذر المتخصصون في مجال الرعاية الصحية أيضاً من مخاطر جسدية أخرى تتجاوز التعرض للنيكوتين.
صرح الدكتور "أيمن فهمي"، أخصائي طب الأطفال في مستشفى "ميديور" بأبوظبي، قائلاً: "قد تُشكل المكونات الصغيرة، مثل كبسولات السجائر الإلكترونية أو الأجزاء القابلة للفصل، خطر الاختناق إذا وضعها الطفل في فمه. في حال تسرب السائل الإلكتروني من الجهاز أو ابتلاعه أو ملامسته للأغشية المخاطية، فقد يُسبب ذلك حروقاً كيميائية أو تهيجاً شديداً".
وحث الدكتور "فهمي" الآباء على طلب الرعاية الطبية الفورية في حالة ظهور أي أعراض، مهما بدت بسيطة في البداية.
وتشمل العلامات المبكرة الغثيان والقيء، والسيلان المفرط للعاب، وشحوب أو احمرار الجلد، والدوار أو عدم الثبات، والسعال أو تهيج الحلق (خاصةً عند الاستنشاق)، وتسارع دقات القلب، والتعرق أو القشعريرة. تشير هذه العلامات إلى ضرورة إجراء تقييم عاجل.
كما أكد الأطباء على أنه إذا رأى طفل صغير شخصاً بالغاً يستخدم السجائر الإلكترونية، فقد يحاول تقليده، خاصةً إذا كان جهاز التدخين الإلكتروني في متناول يده. لذلك، يؤكدون على ضرورة إبعاد هذه الأجهزة عن متناول الأطفال.
وقالت الدكتورة "ريهام إسماعيل"، أخصائية طب الأطفال في مستشفى "ميدكير" للنساء والأطفال: "لا تنتظروا ظهور الأعراض. إليكم ما توصي به إرشادات مكافحة السموم في التطبيقات وقسم طوارئ الأطفال: أبعدوا الجهاز عن متناول الطفل. خزّنوا جميع أجهزة التدخين والسوائل بأمان. حتى تركها على طاولة منخفضة أو في حقيبة يد قد يعني تعرّض طفل صغير فضولي للغازات."
وأضافت: "في حال لمس سائل تبخير للجلد، اغسل المنطقة بالماء والصابون. لا تحاول التقيؤ. بل أحضر جهاز التدخين وأي عبوة لمساعدة الأطباء في تقييم الحالة".
. تفتيش عشوائي للحقائب وأجهزة استشعار: عدة مدارس في الإمارات تطبق إجراءات لمكافحة التدخين الإلكتروني
. الإمارات: أزمة التدخين الإلكتروني بين الطلاب تُثير دعوات عاجلة لتشديد الإجراءات
. الإمارات: أجهزة تدخين إلكترونية للنوم؟ أجهزة جديدة على شكل قلم تُبشر بقيلولة أفضل، لكن الخبراء يُحذرون من مخاطرها.