موقع يروي التاريخ العريق للمنطقة.
موقع يروي التاريخ العريق للمنطقة.

بيت المدفع في الشارقة ..منزل تاريخي للتقاليد والمجتمع

قامت حكومة الإمارة بترميم المنزل وتحويله إلى مساحة جلوس رسمية، مع توفير الشاي، والكهرباء، والمياه.
تاريخ النشر

يعتبر مجلس صغير في الشارقة، الذي يقع في أحد أقدم أحياء الإمارة، رمزاً للمجتمع، والتقاليد، والتاريخ العريق للمنطقة.

وقد تم تأسيس هذا المجلس منذ ما يقارب 25 عاماً، ويجمع بين المتقاعدين، وأصحاب المتاجر، والزوار من جميع مناحي الحياة، ويوفر مكاناً للتأمل، والمناقشة، والرفقة.

وتاريخياً، كانت المجالس تعقد فقط في الحصن، حيث كان الناس يجتمعون مع الحاكم أمام الحصن لمناقشة الأمور وتبادل الخبرات.

ومع مرور الوقت، تطورت هذه الممارسة، حيث أصبح أصحاب المتاجر في السوق يتجمعون بينما يتولى العمال إدارة المتاجر، حيث كان عدد الزوار أقل بكثير مقارنة بالحشود الصاخبة اليوم.

وبدأ تحول هذا المكان للتجمع عندما قام أصحاب المحلات التجارية في السوق ببناء مبنى صغير من الألمنيوم كمكان لاحتساء الشاي والمحادثات. وأصبح هذا المبنى المتواضع، المعروف باسم "قهوة موسى"، موطناً لتقليد لا يزال قائماً حتى يومنا هذا.

ومع تجديد المنطقة، أدركت حكومة الشارقة أهمية الحفاظ على هذه المساحة المخصصة للتجمع، ممّا أدى إلى ترميم أحد المنازل القديمة في المنطقة.

ويعود تاريخ المنزل المعروف بـ "بيت المدفع" إلى عائلة "عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن حسن"، إحدى العائلات العريقة في المنطقة، ويعود تاريخه إلى ما يقارب 200 عام، وهو من أقدم المنازل المطلة على البحر في المنطقة.

واتخذت حكومة الإمارة خطوات لترميم المنزل وتحويله إلى مساحة جلوس رسمية، مع توفير الشاي، والكهرباء، والمياه، والعمال. وقد أصبح هذا الترميم، الذي اكتمل في عام 2000 تقريباً، منذ ذلك الحين أحد أقدم المجالس وأكثرها تقديراً في الإمارات العربية المتحدة.

وبحسب "راشد بن غانم بن غيث"، الطيار المتقاعد وعضو المجلس الدائم، فإن المجلس، رغم صغر حجمه، يمكنه استضافة أكثر من 200 شخص. وقال لصحيفة "خليج تايمز": "إنه مكان يجتمع فيه طلاب الجامعات، والسياح، والسكان العاديون معاً. نتشارك القصص، والخبرات، والذكريات الماضية، وكل ذلك أثناء الاستمتاع بفنجان من الشاي. إنه مكان ترحيبي للجميع".

لقد أصبح هذا التجمع حجر الأساس للعديد من سكان المنطقة منذ فترة طويلة. وأضاف "راشد": "يعتبر هذا المجلس امتداداً للعادات والتقاليد القديمة في الشارقة، وهو مكان يمكننا فيه إحياء الماضي ونقل القصص إلى الجيل الأصغر".

وأوضح "علي يوسف القصير"، وهو زائر متكرر آخر، أن المجلس مفتوح يومياً، مع فترتين رئيسيتين للنشاط - الصباح من الساعة 9 صباحاً إلى 1 ظهراً والمساء من الساعة 5 مساءً إلى 10 مساءً. وقال: "بأمر منصاحب السمو حاكم الشارقة، تم الاهتمام بجميع احتياجاتنا". و"حرصت الحكومة على صيانة المجلس جيداً، وتوفير كل شيء من الشاي إلى الكهرباء".

ولا يعد المجلس مكاناً للتجمعات اليومية فحسب، بل إنه أيضاً مكان للاحتفال بإنجازات الحياة. وأضاف "القصير": "في بعض الأحيان، عندما يكون لدى شخص ما مناسبة خاصة، مثل حفل زفاف أو ترقية، نجتمع هنا للاحتفال. إنها طريقة لنا لدعم بعضنا البعض ومشاركة سعادة بعضنا البعض".

مع أكثر من 60 زائراً منتظماً، يظل المجلس جزءاً حيوياً من المجتمع. ويواصل هؤلاء الزوار، الذين ينتمي العديد منهم إلى المهنيين المتقاعدين من مجالات مثل التعليم، والإعلام، وتطبيق القانون، تقديم حكمتهم وخبرتهم. وقال "القصير": "نستفيد من هذه التجمعات، ونساعد الآخرين أيضاً من خلال الإجابة على أسئلة السياح ودعم جهود الحكومة لإشراك الزوار".

يقع المجلس في قلب الشارقة، ويحيط به عدد من المنازل القديمة، بعضها تم الحفاظ عليه أو إعادة استخدامه في مشاريع حكومية مختلفة، ومن بين هذه المنازل منزل المرحوم "حبيب عبد الحسين سجواني".

وتذكر ابنه "عبد الله حبيب عبد الحسين سجواني"، الذي يبلغ من العمر الآن 52 عاماً، الماضي قائلًا: "غالباً ما أتذكر تلك الأيام الجميلة عندما كنّا نسبح في البحر بالقرب من منزلنا. كانت والدتي تنادينا لتناول الغداء، لكننا لم نكن نرغب في مغادرة الماء".

لا يزال منزل "سجواني"، الذي يبلغ عمره نحو 156 عاماً، يحتفظ بالعديد من السمات الأصلية، بما في ذلك نظام تخزين المياه التقليدي. وقد تم تحويل المنزل الآن إلى مقهى، لكنه يظل رمزاً للتراث الدائم للمنطقة.

وأردف "عبدالله" قائلًا: "لقد عوضنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة حفظه الله عن بيتنا القديم، لكنه لم يمح هويته، بل حافظ عليه كما هو، وبفضل جهوده نستطيع أن نزور هذه الأماكن ونتذكر ماضينا الجميل".

بالنسبة للأشخاص الذين يزورون المجلس، فهو أكثر من مجرد مكان لشرب الشاي. إنه شهادة حية على مرونة تاريخ وتقاليد الشارقة. ومن خلال هذه التجمعات، تواصل الأجيال القديمة والجديدة التواصل، والاحتفال، والحفاظ على التراث الثقافي الذي يميّز الإمارة.

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com