انطلقت الدورة الـ12 من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، الذي تنظمه مؤسسة "فن" – منصة الاكتشاف الإعلامي – ليشكل منصة مبتكرة تجمع صناع الأفلام والمبدعين من مختلف أنحاء العالم. تستمر فعاليات المهرجان حتى 12 أكتوبر الجاري، وتضمنت أجندته جلسات نقاشية غنية أبرزها جلسة "عرض المشاريع السينمائية في المنطقة العربية وتقديم فيلمك للسوق السينمائي العالمي"، التي أدارها محمد قبلاوي، مؤسس ورئيس مهرجان مالمو للسينما العربية.
في الجلسة التي أقيمت في "فوكس سينما – سيتي سنتر الزاهية"، أكد طلال الأسمني، رئيس قسم المحتوى المحلي في "إيمج نيشن أبوظبي"، أن جوهر صناعة الأفلام هو الأصالة والمحتوى. قال الأسمني: "إن نجاح أي عمل سينمائي يبدأ من فكرة قادرة على جذب الجمهور وتبقى في أذهانهم طويلاً بعد العرض. فكل قصة تبدأ بالعاطفة التي تمنح الفيلم روحه". وأضاف أن مرحلة التصور المسبق وإثبات الفكرة تضمن وضوح الرؤية وعمق الإبداع، مشيراً إلى أن السينما الكورية تشكل نموذجاً يحتذى به للأصالة، حيث يفتخر صناعها بتراثهم ويفخرون بتقديمه بثقة ودون تردد. وأضاف: "نحن نسعى أيضاً لتقديم قصص متجذرة في هويتنا لكنها تملك القدرة على الوصول إلى العالم".
من جانبه، أشار المخرج والممثل السوري ماهر صليبي إلى أن كثيراً من صناع الأفلام الشباب يركزون اليوم على شكل العرض أكثر من جوهر الفكرة. وقال: "أبحث دائماً عن الفكرة التي تميز المشروع عندما أقيّم عرض فيلم. العرض المقنع يبدأ من فكرة قوية، وليس كافياً أن نحلم أحلاماً كبيرة فقط. علينا أن نفهم قصتنا وجمهورنا والصدق العاطفي وراء ما نحاول سرده. هذا ما يجعل الجهات المموّلة تؤمن برؤيتك". وأكد أن المخرج حين يستند إلى الأصالة والارتباط بالواقع، تكون النتيجة غالباً عملاً مؤثراً.
وأضحت ندى اللحيدان، مدير البرامج والمشاريع الثقافية في مهرجان أفلام السعودية، أن معظم المهرجانات السينمائية تتضمن أقساماً مخصصة للتمويل تهدف إلى دعم صناع الأفلام خلال مراحل الإنتاج وما بعد الإنتاج. وقالت: "يعتمد قبول المشاريع على قوة العرض ومدى فهم المخرج لقصته وجمهوره وهدفه. والتحقق من دعم الفيلم من صناديق الإنتاج لا يعني المال فقط، بل شهادة ثقة وأداة ترويج قوية ومؤشر على قيمته الإبداعية والثقافية".
وفي جلسة "صناع الأفلام الإماراتيون: التجارب والتحديات" التي أدارها عبدالله آل علي في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار ناقش عدد من المخرجين قصصهم، مؤكدين أن البيئة الثقافية والدعم المؤسسي في الإمارات تشكلان فضاءً خصباً للإبداع.
قالت المخرجة فاطمة الشامسي: "الإمارات تقدم فرصاً جعلت منها بيئة مثالية للتعاون والإبداع. بادرت لدخول عالم السينما بهدف تغيير الصورة النمطية عن الثقافة العربية في الإعلام الأجنبي. واجهت تحديات التمويل وتعلمت طرقاً بديلة لتحقيق أهدافي، ما منحني خبرة واسعة وتمكّنني من الجانب التقني في صناعة الأفلام".
أما المخرج علي فؤاد فقال: "قلة الأفلام التي تعكس ثقافتنا كانت نقطة تحوّل في حياتي، ودفعني ذلك للتعبير عن ثقافتنا بأعمال سينمائية تليق بها. واجهت تحديات في التمويل والبحث عن الشخصيات المناسبة في فيلمي الأخير "هو يا مال"، وحافظت على جوهر القصة وأصالتها وموسيقاها، إيماناً مني بأهمية الوفاء للثقافة المحلية".
النسخة الـ12 من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب تؤكد التزام الشارقة بأن تكون حاضنة للطفل وملهمة لأحلامه، تتجلى هذه الرؤية في المشاركة الدولية والورش التفاعلية التي تستهدف تمكين الشباب وتعزيز قدراتهم في صناعة السينما، ما يؤكد مكانة الشارقة مركزاً للثقافة والفنون والإبداع.