الرحلات المدرسية الطويلة تعرض الأطفال لمشاكل صحية ونفسية
تقضي "نايا أسامة"، البالغة من العمر تسع سنوات، ما يقرب من ساعتين يومياً في التنقل من وإلى المدرسة في رحلة تبعد أكثر من 5 كيلومترات عن منزلها في الند بالشارقة. ويتعين على طالبة الصف الرابع الاستيقاظ في الساعة 5:50 صباحاً لركوب حافلة المدرسة التي تقلها في الساعة 6:45 صباحاً.
وتقول والدة نايا، رحاب عبد الله: "تقع مدرستها على بعد 5.6 كم في طريق المدينة الجامعية بالمنطقة الصناعية 6، وندفع رسوم حافلة قدرها 5500 درهم، ولكن ما يزعجنا هو الرحلة الطويلة، تستغرق الحافلة ما يقرب من ساعتين لتغطية هذه المسافة القصيرة بينما تقل الحافلة الأطفال الآخرين على طول الطريق. وكأم عاملة، لا يمكنني أخذ ابنتي إلى المدرسة، لذا فإن الحافلة هي الخيار الوحيد بالنسبة لي".
ورغم انتهاء دوامها المدرسي عند الساعة الرابعة عصراً، تصل نايا إلى منزلها بعد ساعتين تقريباً. وقالت الوافدة الأردنية: "تغادر الحافلة المدرسة عند الساعة الرابعة والنصف عصراً، وتصل ابنتي إلى المنزل حوالي الساعة الخامسة والنصف أو السادسة مساءً حسب حركة المرور".
وقالت والدة نايا إنها تذكر ابنتها بأن عليها البقاء مستيقظة في الحافلة لأن هناك العديد من الحالات المثيرة للقلق بشأن نسيان الأطفال في الحافلة.
وأضافت: "لكنها تشعر بالتعب الشديد فتغفو أحياناً، وتعود إلى المنزل منهكة ولا يتاح لها الوقت الكافي لتناول الطعام، ثم تنهي واجباتها المدرسية وتذهب إلى الفراش."
ليست الخيار الأفضل
على الرغم من أن الحافلات المدرسية هي الخيار الوحيد لبعض الأسر، إلا أن الآباء قالوا إن وسيلة النقل تلك ليست بالضرورة الخيار الأفضل.
وقالت رحاب: "أولاً، تشعر الطفلة بالتعب الشديد، فهي تقضي ما يقرب من ساعتين في الحافلة دون القدرة على استخدام الحمام، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية. علاوة على ذلك، أشعر دائماً بالقلق لأنه لا يوجد وقت محدد لوصولها إلى المنزل".
وعلى نحو مماثل، تقضي ابنة "نيجات وحيد"، "آيزة"، وهي في الصف الثامن، ما يصل إلى ثلاث ساعات في التنقل من وإلى المدرسة لمسافة 15 كيلومتراً.
"في الصباح، تصل حافلة آيزة حوالي الساعة 5:20 صباحاً، ويتواجد فيها بالفعل عدد قليل من الأطفال بحلول ذلك الوقت. تبدأ المدرسة في الساعة 7:15 صباحاً ولكنهم يصلون مبكراً ويضطرون للانتظار قليلاً قبل فتح البوابات. ويجب أن تلتزم الحافلات بالمواعيد. وتستغرق الحافلة ساعة للعودة من القصيص إلى الشارقة."
الطلاب المنهكون ينامون على متن الحافلة
وقالت الوافدة الباكستانية نيجات، إن ابنتها غالباً ما تغفو في الحافلة أثناء تنقلاتها الصباحية والمسائية. وأضافت: "تغفو ابنتي أثناء ذهابها إلى المدرسة وأحياناً في طريق العودة أيضاً. ولا يعود ذلك إلى طول الرحلة إلى المسافة فحسب؛ بل إن الحافلة تستغرق وقتاً أطول على الطريق بسبب الازدحام المروري والاختناقات المرورية في مناطق معينة. ويحدث التأخير غالباً على طريق الاتحاد خلال ساعات الذروة. ومع ذلك، أود أن أؤكد أن حافلات المدارس هي الخيار الأكثر أماناً للآباء".
وقالت نيجات، التي تنفق 4000 درهم سنوياً على المواصلات، إن زوجها كان يرغب في اصطحاب طفلتهما إلى المدرسة كل صباح.
"ولكن المدرسة رفضت ذلك، وقالوا إنه لا يمكننا اختيار توصيلها في الصباح فقط؛ بل يتعين علينا استخدام خدمة النقل كاملة."
التأثيرات الصحية
وفي ضوء ذلك، يحذر الأطباء من أن التنقلات الطويلة من وإلى المدارس قد يكون لها آثار سلبية على صحة التلاميذ.
قال الدكتور شرف الدين إبراهيم، أخصائي جراحة العظام في مركز برجيل للجراحة اليومية، الشهامة: "تشير الأدلة المتاحة إلى أن وقت التنقل الطويل له تأثير سلبي على صحة الأطفال. قد يؤدي الجلوس لفترات طويلة في الحافلات المدرسية إلى الانهاك الجسدي، بما في ذلك تصلب العضلات وآلام الظهر وسوء الوضعية بسبب المقاعد الضيقة. قد يعاني الأطفال أيضاً من الإرهاق ونقص التركيز في الفصل، مما قد يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي".
ويحذر بعض الأطباء أيضاً من احتمالية الإصابة بالتهابات المسالك البولية لدى الأطفال الذين يضطرون إلى حبس البول لفترات طويلة من الوقت، أثناء ركوب الحافلات المدرسية لمدة طويلة.
نصائح للطلاب
قال الدكتور "إجناطيوس إدوين ديسوزا"، استشاري طب الأطفال ورئيس قسم طب الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى جامعة ثومبي: "يمكن أن يسبب احتباس البول لفترات طويلة تمدد المثانة مما يشجع على نمو البكتيريا وقد يؤدي إلى الالتهابات. علاوة على ذلك، فإن الجلوس لفترات طويلة وتقييد الوصول إلى دورات المياه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الإمساك، مما يؤدي بدوره إلى زيادة فرص الإصابة بالتهابات المسالك البولية. كما يعاني الأطفال في رحلات الحافلات المدرسية الطويلة من الغثيان والقيء بشكل متكرر بسبب دوار الحركة".
وأضاف ديسوزا: "إن تشجيع الأطفال على تناول وجبة خفيفة قبل الرحلة يمكن أن يكون مفيداً. يُنصح بتشجيع الأطفال على استخدام الحمام قبل ركوب الحافلة في الصباح وبعد المدرسة." وأضاف ديسوزا: "يساعد هذا في تقليل مخاطر الاضطراب البولي ويضمن حصولهم على مزيد من الراحة طوال الرحلة وبعدها".