
كشفت شرطة دبي في وقت سابق من مايو/أيار عن مبادرة جديدة لتقسيم الإمارة إلى مناطق مناطق "حضرية" و"ريفية" — ولكن ماذا يعني ذلك فعلياً بالنسبة للسكان؟
وبحسب خبراء التخطيط العمراني، فإن هذه الخطوة ستساهم في تسريع استجابة الشرطة والطوارئ، وتحسين توزيع الموارد، وتعزيز مرونة المناطق الحضرية في الإمارة.
قالت "شويتا غاندي"، المخططة العمرانية والاستراتيجية: "في المناطق الحضرية عالية الكثافة مثل وسط مدينة دبي أو الخليج التجاري، تتطلب تعقيدات المساحات وحدات استجابة سريعة وعالية التردد، ومراقبة لحظية، وأنظمة شرطة تنبؤية مدعومة بالذكاء الاصطناعي". وأضافت: ""نحن نتعامل مع بنية تحتية عمودية، وازدحام مروري، وتنوع في حركة المشاة".
وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجيات غير مناسبة للمناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، مثل المرموم والعوير. وأضافت: "تتطلب المناطق الريفية استراتيجية دوريات أوسع، وأدوات رؤية بعيدة المدى، وربما حتى مراقبة بالطائرات المسيرة نظراً لتباعد المناطق السكنية".
وأوضحت غاندي أن هذه الخطوة من شأنها أن تُمكّن قوات الشرطة من تعزيز استراتيجيتها في عملياتها، كما تُتيح تكاملاً أفضل للبنية التحتية الذكية، وتخطيط استخدام الأراضي، وبروتوكولات التأهب للطوارئ. وأضافت: "في نهاية المطاف، يُعزز ذلك مبدأ أن السلامة العامة ليست مجرد رد فعل، بل هي مُخططة مكانياً ومنهجياً، وهذه المبادرة تُرسي سابقةً للمدن عالمياً".
وأوضح خالد العوضي، الأستاذ المشارك في جامعة خليفة، أنه من الطبيعي تخصيص المزيد من الموارد والمرافق للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، كالمناطق الحضرية. وأضاف: "تتطلب الحوادث والأمن وإدارة المناطق الحضرية مزيداً من الصلاحيات وتطبيقاً أكثر صرامة".
ومع ذلك، أشار العوضي إلى أن ما يميز دبي عن غيرها من المدن هو أن حتى الضواحي تتميز بكثافة سكانية عالية. عادةً ما تقع الضواحي على أطراف المدن، وتُصنف بناءً على كثافة سكانية أقل مقارنةً بالمدن الحضرية. وفي حالة دبي، أوضح العوضي أنه لا يوجد فروقات واضحة بين المناطق الحضرية والضواحي، إذ إن الأخيرة "مختلطة" أو "متكاملة" مع المناطق الحضرية.
قالت المهندسة "إيلين لاغاس" إن الخيار الأفضل أمام المخططين الحضريين هو تنفيذ خطة طويلة الأمد ومستمرة، بحيث "يمكن تعديل الحدود بين المناطق الحضرية والريفية مع مرور الوقت حسب الحاجة". وأضافت أن على الجهات المعنية التأكد من أن "المناطق الريفية لا تتلقى استثمارات شكلية في مجالي الأمن والتكنولوجيا، مما قد يجعلها أكثر عرضة للمخاطر."
وأضافت أنه "لكي تتحقق إمكاناته الكاملة، يجب أن يظل النموذج شاملاً وقابلاً للتكيف وخاضعاً لمبادئ المساواة والشفافية".
توظيف الذكاء الاصطناعي
وأشارت شرطة دبي، عند إعلانها عن خطة التقسيم إلى مناطق حضرية وريفية، إلى أن من أبرز أهداف هذه المبادرة توظيف أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الذكية في كل منطقة. وصرّحت الدكتورة رنا الشكعة، الأستاذة الزائرة في الجامعة الأمريكية في الشارقة، أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والبيانات اللحظية من شأنه تعزيز فعالية خدمات مثل الاستجابة السريعة للطوارئ.
وقارنت الدكتورة الشكعة ذلك بنموذج سنغافورة، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي، والمجسات، والبيانات اللحظية لتنسيق أعمال الشرطة والبنية التحتية وخدمات الطوارئ. ومع ذلك، قالت إن نهج سنغافورة "يفتقر إلى المرونة عند التعامل مع مجتمعات متنوعة وظروف متغيرة". وأضافت الشكعة: "بفضل بنيتها التحتية الرقمية القوية، تستطيع [دبي] استخدام التقنيات الذكية لتبسيط الخدمات، مع إتاحة المجال للتكيف مع مراعاة الخصوصية المحلية".
تأثير المناطق الحضرية مقابل المناطق الريفية
لفهم تأثير تقسيم دبي إلى مناطق ريفية وحضرية، قالت الشكعة: "يجب أن ننظر إلى تقسيم المناطق والبنية التحتية والنقل، لا كفئات منفصلة، بل كنظام مترابط". وأوضحت أن القرارات المتخذة بشأن تقسيم المناطق تُحدد نوع البنية التحتية اللازمة، مما يؤثر بدوره على كيفية تنقل الأشخاص والمنتجات داخل المنطقة.
على سبيل المثال، إذا اقتصرت المناطق الريفية على استخدامات منخفضة الكثافة، فقد لا يكون توسيع المرافق عالية الطاقة أو وسائل النقل الجماعي مجدياً من حيث التكلفة، مما قد يؤدي إلى عزل تلك المناطق. وفي المقابل، إذا لم يتم تطوير البنية التحتية بشكل متساوٍ، فقد يُسبب ذلك ضغطاً لإعادة تقسيم المناطق أو زيادة الكثافة السكانية قبل الأوان، كما أوضحت أن النقل سيكون الرابط الرئيسي، إما من خلال سد الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية أو تعزيزها.
أوضحت الشكعة أن "التحديات لا تزال قائمة، خاصة في ضوء النمو السريع وغير المتوازن الذي تشهده دبي. وسيكون النجاح مرهوناً بقدرة المخططين على اعتماد مناطق مرنة وتنفيذ الحلول بما يراعي طبيعة كل موقع وظروفه."