الحرب ومعاناة تصدير المنتجات الفلسطينية إلى الإمارات
مُزارع فلسطيني مقيم في الإمارات يبيع زيتوناً فاخراً وجبناً وتوابل من مزرعة عائلته في جنين يواجه الآن تحديات كبيرة بسبب الصراع المستمر.
قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر من العام الماضي، كان يتلقى شحنات شهرية من منتجات مزرعته تتراوح بين 400 و600 كجم.
لكن مع تصاعد الحرب، أصبحت عمليات التصدير المنتظمة شبه مستحيلة، حيث تصل الشحنات الآن كل شهرين إلى ثلاثة أشهر. وعلّق أبو محمد قائلاً: "استلمت آخر دفعة في أغسطس، ومع تصاعد الصراع، خاصة بعد تورط حزب الله وإيران، وأخشى أن يستمر نقص المنتجات لفترة طويلة".
من زائر إلى مقيم
كان أبو محمد يزور الإمارات بشكل منتظم بين عامي 2009 و2014 لبيع منتجات مزرعته في الأسواق المحلية. وبعد العديد من الزيارات المتواصلة، استقر أخيراً في الإمارات في عام 2014، وأسّس عمله في دبي في عام 2017، حيث افتتح متجراً في سوق التنين.
وقال: "مزرعتنا في جنين ضخمة، نزرع فيها كل شيء من الزيتون والأعشاب والخضروات، ونربي الأبقار والماعز لإنتاج الحليب الذي نحوله إلى جبن". وقد أوضح أن إخوته وأبناء أخيه يشرفون على العمليات اليومية في المزرعة.
وأضاف: "كل ما نجلبه إلى دبي يأتي بنسبة 100% من مزرعتنا، مما يضمن حصول عملائنا على أفضل المنتجات الطازجة."
شاهد فيديو لمنتجاته هنا:
الزراعة: شغف عائلي متوارث
تعود جذور أبو محمد الزراعية إلى عائلته، حيث تعود لعدة أجيال في أراضي بلدته. وكانت الزراعة هي مصدر رزق عائلة أبو محمد منذ زمن طويل حتى قبل أن يُولد، وقد تم تناقل حرفة زراعة الزيتون وصناعة الأجبان وزراعة الأعشاب عبر الأجيال. قال أبو محمد: "مزرعتنا العائلية ليست مجرد عمل، بل هي جزء من هويتنا." وأضاف: "علمني والدي كيفية زراعة أشجار الزيتون والعناية بالمواشي، والآن يستمر أخي وأبناء إخوتي في الحفاظ على هذا الموروث. لقد اعتمدنا دائماً على الأرض، وكل ما نعرفه جاء من سنوات من العمل الوثيق معها."
وأضاف: "نزرع كل شيء بشكل طبيعي، دون استخدام المواد الكيميائية، تماماً كما كان يفعل أسلافنا. ويتبع أبناء إخواني نفس الممارسات اليوم، بنفس الالتزام بجودة التربة وصحة نباتاتنا وحيواناتنا." وأضاف: "بمجرد حصاد المحاصيل، تقوم عائلتي بجمعها وتعبئتها قبل تصديرها إلى الإمارات."
إنتاج وتصدير الزيتون
وتابع أبو محمد قائلاً: "تزرع أشجار الزيتون في فصل الصيف الحار والجاف وفصل الشتاء المعتدل، ونبدأ عملية الزراعة في شهري يناير وفبراير، ونحرص على وضع أشجار الزيتون في تربة مقلبة ومعرضة لأشعة الشمس، وخلال سنواتها الأولى، تحتاج الأشجار إلى الري العميق لتكوين جذور قوية، ولكن بمجرد نضجها، تصبح مقاومة للجفاف".
ويتم قطف الزيتون في أواخر فصل الخريف أو بداية فصل الشتاء، بحسب درجة نضجه. وبعد ذلك، تقوم الأسرة بتجهيزه للتصدير، حيث يتم تعبئة بعض الزيتون في الزيت، في حين يُخلط البعض الآخر في الماء. ويقول أبو محمد: "نحن نعتني بالتغليف في فلسطين ونحرص على أن يكون كل شيء طازجاً عند وصوله إلى دبي". وأضاف: "كما تتم زراعة الأعشاب، مثل الزعتر وأوراق المريمية، بعناية ويتم حصدها من مزرعتنا في جنين، مما يوفر للعملاء هنا نكهات فلسطينية أصيلة".
تقاليد صناعة الجبن
ومن بين الأطعمة المفضلة لدى أبو محمد الجبن الذي تنتجه عائلته من أبقارها وماعزها. ويقول أبو محمد: "نجمع الحليب من أبقارنا وماعزنا، ونحوله إلى جبن باستخدام الطرق التقليدية. ويتولى أخي وأبناء أخي هذه العملية الآن في الوطن، ويحرصون على أن تتم بنفس العناية التي اعتادت عليها عائلتنا منذ أجيال".
اكتسب متجر أبو محمد في سوق التنين شهرة كبيرة بفضل مجموعة المنتجات الفلسطينية التي يقدمها، بما في ذلك الزعتر ومزيج التوابل العشبية والمخللات الفلسطينية الخاصة والأعشاب المختلفة. وقال أبو محمد: "لقد مكنني العيش في الإمارات العربية المتحدة على مدى السنوات العشر الماضية من الحفاظ على ارتباط قوي بجذوري بينما أشارك منتجات مزرعتي مع الناس هنا".
ويتطلع أبو محمد إلى مواصلة النمو وتوسيع أعمال مزرعته. ويقول: "أنا راضٍ الآن بالمكان الذي وصلنا إليه، ولكن من يدري ماذا يحمل المستقبل؟ طالما أستطيع الاستمرار في جلب الطعم الفلسطيني إلى الإمارات العربية المتحدة، سأكون راضياً".
مستقبل مجهول
وقد نجح الفلسطيني في بناء قاعدة عملاء مخلصة في الإمارات العربية المتحدة، من خلال بيع المنتجات الفلسطينية التقليدية مباشرة من مزرعته. ويقول أبو محمد: "قبل الحرب، كان كل شيء على ما يُرام. وكان أقاربي يصدرون المنتجات إلى الإمارات دون أي مشاكل. أما الآن، فكل شيء مجهول".
ومع تصاعد الصراع، يتزايد قلقه بشأن مصير منتجات مزرعته. ويقول: "الآن، مع تصاعد الحرب وتزايد القيود على الحدود، لست متأكداً من موعد وصول الدفعة التالية من المنتجات". وعلى الرغم من مخاوفه، فإنه لا يزال متفائلاً بعودة السلام والسماح له باستئناف استيراد بضائعه بانتظام، والتي أصبحت عنصراً أساسياً للعديد من المقيمين في دبي.