
أقرّ المجلس الوطني الاتحادي الثلاثاء مشروع قانون اتحادي جديد لتنظيم جمع الزكاة وتوزيعها وإدارتها في دولة الإمارات العربية المتحدة. وينص القانون على عقوبات صارمة للمخالفين، تشمل غرامات تصل إلى مليون درهم، والسجن، وذلك في إطار جهود أوسع لتعزيز الشفافية والمساءلة والحوكمة الرشيدة لأموال الزكاة.
وقال الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، إن التشريع الجديد يُمثل خطوةً مهمةً في تطوير نظامٍ شاملٍ لتنظيم أنشطة الزكاة في جميع أنحاء الدولة. وأضاف أن هذا التشريع يُعزز الحوكمة، ويضمن وصول الزكاة إلى مستحقيها بكفاءة، ويشجع على مشاركة مجتمعية أوسع، بما يضمن "توزيع أموال الزكاة على مستحقيها بأعلى مستويات الشفافية والمساءلة، ويعزز ثقة الجمهور بمؤسسات الزكاة، ويعزز التكافل الاجتماعي في دولة الإمارات".
وينظم مشروع القانون جميع العمليات المتعلقة باستلام وجمع وتوزيع وصرف الزكاة، بما في ذلك استثمار الفوائض منها، بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة الوطنية.
ويُطبّق هذا القانون على جميع الأفراد والجهات العاملة في أنشطة الزكاة داخل دولة الإمارات، بما في ذلك تلك العاملة في المناطق الحرة المالية وغير المالية. ويجوز لمجلس الوزراء استثناء بعض الجهات من أحكام القانون، شريطة استيفائها لمتطلبات التسجيل والإبلاغ.
ينص القانون على عقوبات صارمة للمخالفات المتعلقة بأموال الزكاة. وتُعامل الجرائم المرتكبة ضد الزكاة كجرائم ضد المال العام. وقد يواجه كل من يُضبط وهو يجمع أو يستلم أو يوزع الزكاة بالمخالفة للقانون عقوبة السجن أو غرامة تصل إلى مليون درهم، أو كليهما. كما يُلزم بإعادة أي أموال جُمعت بشكل غير قانوني.
وتواجه الجهات المرخصة غرامات تتراوح بين 100 ألف درهم ومليون درهم، في حالة توزيع الزكاة خارج الدولة دون ترخيص أو مخالفة الأنظمة واللوائح المعتمدة، واستثمار الأموال الفائضة دون ترخيص أو مخالفة الشروط، واستقطاع أموال الزكاة دون ترخيص أو استخدام الاستقطاعات بشكل غير صحيح، وكذلك الكشف عن بيانات المنصة دون سبب مشروع.
كما يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على مائتي ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حصل على أموال الزكاة بمستندات مزورة أو غير صحيحة، مع علمه بعدم صحتها. وعلى الجهات التي تمارس حاليًا أنشطة الزكاة أن تُوفق أوضاعها خلال عام من تاريخ صدور القانون. ويجوز لمجلس الوزراء تمديد هذه المهلة بناءً على توصية من رئيس الهيئة.
من أبرز مميزات القانون الجديد إنشاء منصة رقمية موحدة، هي "المنصة الوطنية للزكاة"، تُسجِّل جميع الجهات المصرّح لها، والمستحقين، ومخصصات الزكاة، وأموال الزكاة المحصلة والموزعة. وتهدف هذه المنصة إلى ضمان إدارة أموال الزكاة بشفافية وكفاءة.
يحظر القانون توزيع الزكاة خارج الدولة، إلا في حالات استثنائية كالكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية الكبرى. وفي هذه الحالات، يتعين على الجهات المصرح لها تقديم طلب عبر المنصة الوطنية للزكاة، والتنسيق مع الجهات المختصة في الدولة لضمان الامتثال للأنظمة المعمول بها.
بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على أنه يجوز للجهات المرخص لها استثمار فائض أموال الزكاة، ولكن فقط بموافقة الجهة المختصة ووفق شروط صارمة؛ إذ يجب أن تثبت وجود فائض زكاة دون وجود مستحقين مستحقين داخل دولة الإمارات، وأن تتوافق الاستثمارات مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأن تتجنب المخاطر، وأن تحافظ على سلامة الزكاة. ويجب تخصيص أرباح هذه الاستثمارات بالكامل لأغراض الزكاة، مع توثيق جميع المعاملات على المنصة الوطنية للزكاة. ويُحظر على الجهات خصم أي جزء من أرباح هذه الاستثمارات لنفسها أو للجهة المشرفة عليها.
خلال الجلسة، ناقش أعضاء المجلس الوطني الاتحادي باستفاضة المادة الرابعة من القانون، التي تُحدد من يحق له جمع الزكاة أو استلامها. وقد نصت المادة، في صياغتها الأصلية، على ما يلي:
يحرم على الشخص العادي جباية الزكاة أو استلامها.
ويستثنى من ذلك الأشخاص الطبيعيون المرتبطون بفئات مستحقي الزكاة، فيجوز لهم استلام الزكاة عنهم، على أن يكون تحصيلها وتوزيعها وفقاً للضوابط التي يضعها رئيس الهيئة بالتنسيق مع الجهات المختصة.
يحظر على أي شخص عادي أو اعتباري أن يجمع أو يوزع الزكاة دون الحصول على الترخيص اللازم.
ومع ذلك، قبل جلسة الثلاثاء، اقترحت لجنة المجلس الوطني الاتحادي التي راجعت مشروع القانون عدة تعديلات على المادة 4 على النحو التالي:
لا يجوز للشخص العادي جباية الزكاة أو استلامها لتوزيعها إلا وفق ضوابط وشروط يصدرها رئيس الهيئة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
حذف العنصر 2.
منع أي شخص من استلام أو جمع أو توزيع الزكاة دون ترخيص.
وزعم بعض الأعضاء أن التعديلات وضعت عقبات غير ضرورية أمام المحسنين والمستفيدين، وخاصة أولئك الذين يعطون الزكاة تقليديا مباشرة للأقارب أو المعارف المحتاجين.
قالت العضوة مريم بن ثنية: "هذه الأموال تُجمع للفقراء. من الظلم تحميلهم هذا العبء لاستلامها. كثير منهم ينتظرون هذه المساعدة طوال العام". وأعرب أعضاء آخرون عن مخاوفهم من خطر معاقبة المحتاجين لقبولهم الزكاة دون إجراءات رسمية. وتساءل سعيد العابدي: "إذا استلم فقير زكاة، فهل يعني ذلك أنه خالف القانون؟"
وبعد مداولات مطولة، قرر المجلس رفض البند الذي اقترحته الحكومة، ورفض التعديلات التي اقترحتها اللجنة، واختار بدلا من ذلك الاحتفاظ بمزيد من المرونة في طريقة إعطاء الزكاة التقليدية.