الإمارات تزرع بذور الأمن الغذائي: الأرز والقمح ينضجان في صحرائها

تُجرى تجارب على أصناف أرز من الفلبين والولايات المتحدة والهند.لتحديد السلالات الأقدر على تحمّل الحرارة الشديدة
الإمارات تزرع بذور الأمن الغذائي: الأرز والقمح ينضجان في صحرائها
تاريخ النشر

لطالما اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة على واردات الأرز لتلبية احتياجات ثقافتها الطهوية المتنوعة. ومع ذلك، قد يتغير هذا الاعتماد قريباً، إذ يعمل فريق من الباحثين في العين على مشروع لتعديل نباتات الأرز وراثياً، مما يُمكّنها من النمو في مناخ الإمارات الجاف، ويعزز الأمن الغذائي للدولة.

وتُجرى حالياً تجارب على أصناف أرز مُستوردة من الفلبين والولايات المتحدة والهند. تُزرع هذه العينات وتُقيّم في ظل الظروف المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة لتحديد السلالات الأقدر على تحمّل الحرارة الشديدة في المنطقة، وملوحة التربة العالية، وندرة المياه.

وقالت مريم النعيمي، أخصائية مختبرات في مركز خليفة للهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية: "أحضرنا عينات متنوعة من الأرز من جميع أنحاء العالم وزرعناها في بيئات مختلفة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة. وبعد تقييم السلالات التي نجت وأدت بشكل أفضل، اخترنا أفضل السلالات وبدأنا بتهجينها لتعزيز مرونتها وإنتاجيتها".

وأوضحت النعيمي أن العديد من المحاصيل الأساسية، كالقمح والشعير والعدس، وخاصةً الأرز، كانت غائبة تاريخياً عن المزارع الإماراتية بسبب عدم التوافق المناخي. لكن هذا الوضع يتغير الآن.

وكانت هذه التطورات من أبرز ما ميّز مؤتمر ومعرض الإمارات للزراعة 2025، الذي عُقد في الفترة من 28 إلى 31 مايو، وهو الحدث الأبرز في الدولة في مجال الزراعة المستدامة. وقد عُقد الحدث برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة رئيس ديوان الرئاسة، وضمّ أكثر من 20 جلسة، وتحدث فيه 54 خبيراً، وركز بشكل كبير على التكنولوجيا الزراعية، وإشراك الشباب، والسيادة الغذائية الوطنية.

وأشارت إلى أن القمح المعروض في المعرض الزراعي يُعدّ مثالاً على نجاح هذه التجربة، فهو ثمرة مبكرة لهذه التجارب التي جرت على مدار العامين الماضيين. قبل الموافقة على أي محصول للزراعة المحلية، يجب أن يخضع للمراجعة التنظيمية، لكن الرؤية واضحة: أن نرى يوماً ما الأرز والقمح المزروعين في الإمارات، بفضل العلم والتهجين الانتقائي، على كل مائدة.

ولكن الأرز ليس هو التركيز الوحيد.

تتمحور أبحاث مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية حول دراسة كيفية تحمّل النباتات المحلية لظروف مناخ الإمارات العربية المتحدة القاسية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك شجرة الغاف، وهي نبات صحراوي معروف بقدرته على تحمّل الحرارة الشديدة والجفاف على مدار العام.

وقال النعيمي: "درسنا شجرة الغاف لمعرفة سرّ قوتها. بتحديد الجينات التي تُساعدها على البقاء، يُمكننا نقل هذه الصفات نفسها إلى محاصيل أخرى، مما يجعلها أكثر ملاءمةً للزراعة المحلية".

وحققت هذه التقنية نجاحاً بالفعل. استخدم العلماء الحمض النووي لنبات الغاف لتطوير عشب زاحف مقاوم للجفاف، ينمو أقصر من العشب التقليدي ويتطلب مياهاً ورعاية أقل. ورغم أنه ليس محصولاً غذائياً، إلا أنه مثالي لتجميل الشوارع والمنازل، مما يُتيح لمحة عن التشجير الحضري المستدام.

يمتد عمل مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية أيضاً إلى تكييف كروم العنب مع الظروف المحلية. في إحدى التجارب، قام العلماء بتطعيم أصناف عنب عالمية على أصول محلية مثل اللوز العربي والغاف. أظهرت النتيجة أن العنب عالي الجودة قادر على النمو في التربة الإماراتية، مما يمهد الطريق لسوق محتملة للفاكهة المزروعة محلياً.

وفي الوقت نفسه، يتصدى المركز لتهديد زراعي كبير - سوسة النخيل الحمراء، وهي آفة مدمرة تهدد أشجار النخيل في جميع أنحاء المنطقة.

وقدّم هاشم بن حريز، أخصائي مختبر آخر في مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية، مشروعاً وراثياً واعداً. وأوضح: "نعمل على تعديل مستقبلات الشم لدى السوسة وراثياً، مما يُعطّل حاسة الشم لديها بشكل أساسي، ويمنعها من تتبع الفيرومونات". وأضاف: "قد يحدّ هذا من تكاثرها وحركتها، مما يُقدّم حلاً طويل الأمد لمشكلة زراعية واسعة الانتشار".

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com