لم يعد دور المدير المالي يقتصر على متابعة القوائم المالية والأرقام، بل بات يشكل عنصراً محورياً يربط بين الاستراتيجية والتنفيذ لتحقيق النتائج. ومع تسارع وتيرة الذكاء الاصطناعي والتطورات التكنولوجية، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يتواصل المدير المالي قريباًِ من فريقه وأن يستمع إليهم بعناية.
هذا ما قالته الدكتورة "ألِيدا هيلينا شولتز"، المديرة المالية لهيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية. وقالت، مخاطبةً قاعةً مليئةً بالمدراء الماليين وغيرهم من الخبراء في المجال: "هناك ثلاثة أدوار يجب أن تُعرف بها: أنت المساعد الأول للرئيس التنفيذي، وعليك أن تكون المحرّك الرئيسي للتحول الرقمي، وأخيراً، أنت الحارس على القيمة المتكاملة للمؤسسة."
وروت الدكتورة ألِيدا قصة نجاح من تجربتها في هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية، حيث قالت: "وضعنا خطة تمتد لعامين، وخلال 18 شهراً فقط، ارتفع عدد الشركات التي نديرها من 14,000 إلى أكثر من 35,700 شركة. هذا لم يكن صدفة، بل نتيجة لربط فرق العمل معاً، وإنشاء فرق متعددة التخصصات، وتوفير التعليم المالي، والتدريب المستمر، وتوحيد الرؤية داخل المؤسسة.
جاء حديثها خلال حلقة نقاشية في قمة العصر الجديد للمالية والمحاسبة (NAFA) التي نظمتها صحيفة خليج تايمز، والتي جمعت خبراء في المالية وصناع القرار وروّاد الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية.وتضمنت النسخة السادسة من الفعالية، التي عُقدت في فندق جميرا أبراج الإمارات يوم الأربعاء، حوارات حول التنظيم والضرائب والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والقيادة المالية.
واتفق "توماس تيو"، المدير المالي لشركة جميل موتورز، مع ما قالته الدكتورة ألِيدا، مضيفاً أنه لاحظ العديد من القواسم المشتركة خلال مسيرته المهنية التي امتدت عبر سبع دول في قارات مختلفة. وقال: "في كل دولة عملت بها، وجدت أن الجواب يتلخص في ما يلي:
"إنه أمر جيد أن تكون شخصاً مهماً، لكن الأهم هو أن تكون لطيفاً. عليك أن تعامل الآخرين كما يحبون أن يُعامَلوا، أي باحترام وثقة. ولكي أُؤدي دوري كمدير مالي استراتيجي، أحرص على معرفة الفريق عن قرب: من هم، وما قدراتهم، وما التحديات التي يواجهونها، وكيف يعملون معاً. ثم أنتقل لتقييم التكنولوجيا المستخدمة، وهل هناك حاجة لتحديثها. نحن كصناع تغيير، دورنا هو قيادة التحول من الجذور."
وأوضح "سانجيف جاين"، رئيس قسم المحاسبة في مجموعة G42، أن التكنولوجيا قادرة على الحد بشكل كبير من أوجه القصور في العمليات. وقال: "لقد طورنا نظامنا الخاص بتصفح المشتريات، والذي يقوم بأتمتة مقارنات الأسعار الفورية من مجموعة من الموردين للسلع العامة، مثل المياه المعبأة، ويتم تقديم الطلب فوراً".
وأضاف أن المسؤول عن المشتريات يشعر بأنه "متمكن" ولم يعد مضطراً إلى "إضاعة الوقت" في الاتصال بموردين مختلفين أو طلب موافقات متعددة.
وأضاف "باولو لو موناكو"، الرئيس المالي السابق لمجموعة الخياط للاستثمار ومجموعة شلهوب، أنه في حين أن التكنولوجيا متاحة للجميع، فإن ما يميز الشركات هو قدرتها على إيجاد الأشخاص المناسبين "لقيادة التجارب وضمان التنفيذ الناجح" لتلك التقنيات لتنمية الأعمال.
وأوضح خالد شامي، المدير المالي لشركة علي وأولاده القابضة، أن الأمور تختلف قليلاً في الشركات العائلية. وقال: "رأيتُ العديد من المديرين الماليين يتحدثون عن الذكاء الاصطناعي رغم عدم امتلاكهم البنية التحتية الأساسية بعد". وأضاف: "في الشركات العائلية، أهم أصولها هو اسم العائلة. مهما كان مسارك، عليك البحث عن فرص طويلة الأجل تحمي هذا الأصل".
وأضاف أن هذه المكاتب تميل إلى تصور رؤية بعيدة المدى مقارنةً بالشركات الأخرى. وقال: "في المكاتب العائلية، لا يقتصر دور المديرين الماليين على تحقيق الأهداف الشهرية. يجب أن تُنجز عملك مع وضع الرؤية بعيدة المدى للجيل الثالث أو حتى الرابع في الاعتبار. نهدف إلى بناء مشاريع فعّالة ومستدامة".