الإسعافات الأولية تعزز إنقاذ الأرواح في الإمارات
ذكر "م.ج" المقيم في دبي أن أحد أسوأ الأيام في حياته كانت في وقت سابق من هذا العام عندما أصيب والده بنوبة قلبية في منزلهم. ويتذكر قائلاً: " فيما كنت أستحم سمعت صوت ارتطام، فألقيت نظرة خاطفة ووجدت والدي ملقى على الأرض، أسرعت للخارج لتفقده لكنه لم يستجب، اتصلت بسرعة بخدمات الطوارئ".
و بحلول الوقت الذي وصلت فيه سيارة الإسعاف، كان والده قد توفي بسبب سكتة قلبية شديدة. وقال: "لا أستطيع التوقف عن التفكير في كيف كانت الأمور ستختلف لو كنت معه بمجرد أن أصيب بألم في الصدر أو لو كنت أعرف الإسعافات الأولية الأساسية لإبقائه على قيد الحياة حتى وصول سيارة الإسعاف".
والد م.ج. هو واحد من عشرات الأشخاص الذين كان من الممكن أن ينجوا لو تلقوا الإسعافات الأولية في الوقت المناسب. ففي عام 2019، أظهر استطلاع أجرته شركة YouGov على أكثر من 1000 شخص في الإمارات العربية المتحدة أن 24% فقط قالوا إنهم مدربون على الإنعاش القلبي الرئوي (CPR)، وأن 33% فقط لديهم مهارات في إجراء علاجات الإسعافات الأولية الأساسية.
ووفقاً للخبراء، فإن تقديم الإسعافات الأولية في الوقت المناسب يمكن أن يزيد بشكل كبير من فرصة بقاء الفرد على قيد الحياة. وقال "ديليب هيبل" من أكاديمية جايو للياقة البدنية في دبي: "إذا تم إجراء الإنعاش القلبي للمريض المصاب بسكتة قلبية في أقل من دقيقة واحدة، فيمكن أن يزيد ذلك من معدل فرصة بقاء الشخص على قيد الحياة بنسبة 40%". وأصبح ديليب مدرباً للإسعافات الأولية منذ عام 2009، وقد قام بتدريب أكثر من 1000 شخص من جميع أنحاء العالم. ويؤكد :"كل دقيقة تأخير تؤدي إلى زيادة خطر الوفاة بنسبة 10٪".
ويدعو الخبراء الآن المزيد من المقيمين في دولة الإمارات إلى إتقان هذه المهارة حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة المنقذة للحياة في حالات الطوارئ.
إنقاذ الأرواح
أحد الأشخاص الذين أحدثوا الفارق بين الحياة والموت لأحد المقيمين في دبي كانت الممرضة "بريسيلا بينسي". ففي العام الماضي كانت في طريقها إلى منزلها على متن حافلة نقل عامة بعد نهاية عملها، عندها أصيب راكب مسن بنوبة قلبية، وعلى الرغم من أنها اعتقدت أن الرجل قد مات إلا أنها واصلت في إجراء الإنعاش القلبي الرئوي وأنقذت حياته في النهاية.
وقالت: "بمجرد أن انتبهت إلى أن أحد الركاب سقط على مقعده، هرعت لمساعدته ولم أتمكن من الحصول على نبضه وكان تنفسه سطحياً للغاية، ولكن بمجرد أن بدأت في إجراء الإنعاش القلبي الرئوي، بدأ في الاستجابة".
قامت بأداء مهارة إنقاذ الحياة لأكثر من 20 دقيقة حتى وصل المستجيبون للطوارئ. وكان الرجل الذي يعمل بائع خضراوات في طريقه إلى منزله بعد أن شعر بعدم الارتياح في العمل. وقالت: "لو لم أكن هناك ولم يتم إجراء الإنعاش القلبي الرئوي للرجل، لكان قد مات قبل أن يصل إليه المستجيبون الأوائل".
في حالات الطوارئ، كل ثانية لها أهميتها وإذا عرف المزيد من الناس المهارات الأساسية المنقذة للحياة فسيكون ذلك مفيداً في إنقاذ مئات الأرواح".
مجتمعات أكثر أماناً
ووفقاً للخبراء، فإن مثل هذه الحوادث تسلط الضوء على أهمية امتلاك المهارات الأساسية لإنقاذ الحياة. وقالت الدكتورة زينب زهرة جوموس، أخصائية الطب الباطني في عيادة "أستر رويال": "في عصرنا حيث كل ثانيةٍ لها أهميتها، أصبح تزويد عامة الناس بالمهارات الأساسية المنقذة للحياة أكثر أهمية من أي وقت مضى، إن المتدربين الذين يتدخلون بإجراء إسعافات أولية للمصابين حتى وصول المساعدة المتخصصة يمكن أن يعززوا بشكل كبير معدلات البقاء على قيد الحياة ويخففوا من خطورة الإصابات".
وقالت إن المجتمعات التي تجيد تقنيات إنقاذ الحياة هي بطبيعتها أكثر أماناً. وأضافت: "إن هذا الاستعداد الجماعي يعزز القدرة على الصمود ويضمن أن تكون المساعدة في متناول اليد دائماً عند وقوع الكوارث".
وأشارت :"إنها أصول مجتمعية تعزز السلامة العامة، علاوة على ذلك، فإن التعليم على نطاق واسع في مجال مهارات إنقاذ الحياة يدعم ويكمل جهود خدمات الطوارئ. ومن خلال سد الفجوة قبل وصول المتخصصين، يوفر هؤلاء الأفراد المدربون شريان حياة بالغ الأهمية، مما يعزز في نهاية المطاف نظام الاستجابة لحالات الطوارئ بأكمله".
قال ديليب إن مهارات الإسعافات الأولية سهلة نسبياً وسريعة التعلم. وقال: "يستغرق الأمر حوالي ست ساعات لمجموعة مكونة من 15 متدرباً لتعلم مبادئ الإسعافات الأولية، و يمكنهم تعلم مبادئ علاج الإصابات ووقف النزيف الشرياني أو الوريدي أو الشعيرات الدموية والتضميد وإجراء الإنعاش القلبي الرئوي واستخدام جهاز إزالة الرجفان".
إن هذه المهارات لها أهمية خاصة في دولة الإمارات، وأكد : "في هذا البلد، يعاني حوالي 30% إلى 70٪ من السكان من أمراض القلب والأوعية الدموية و20٪ من البالغين يدخنون، بالتالي فإن الإسعافات الأولية ذات أهمية كبيرة في دولة الإمارات ويمكن تدريسها في المدارس والكليات أيضاً".