إفطار الأديان في "غوردوارا دبي": تجربة استثنائية تجمع بين الثقافات

حضر أكثر من 250 شخصاً في الإفطار السنوي بمشاركة طيف متنوع من المجتمعات المسيحية والهندوسية والسيخية والمسلمة.
حضور متنوع
حضور متنوع
تاريخ النشر

هذا الإفطار الجماعي المشترك بين الأديان في "جورو ناناك داربار جوردوارا" أدهش "جيني أهلواليا" من ماريلاند في الولايات المتحدة التي تزور دبي لأول مرة ولمدة يوم واحد فقط، كحدث لم تصادفه في حياتها من قبل.

في حديثها لصحيفة "الخليج تايمز" أمس يوم الأربعاء خلال إفطار الأديان الذي أقيم في الغوردوارا، أعربت عن إعجابها الشديد قائلة: "أشعر وكأنني في الجنة. اعتقد أن حضور هذه المناسبة تشكل أسعد لحظات رحلتي إلى دبي. كنا في طريق عودتنا إلى الولايات المتحدة من الهند، واستفدنا من تأشيرة عبور طيران الإمارات لتوقف قصير. ولأننا نحظى بأصدقاء هنا في دبي، فكرنا: لمَ لا نلتقي بهم؟ أردتُ رؤية برج خليفة وزيارة الغوردوارا، اللذين سمعتُ عنهما الكثير".

"الوحدة الحقيقية بين الأديان"

واستعرضت روت أهلواليا تجربتها قائلة: "كنتُ في قاعة الديوان لأداء الصلاة صباح اليوم، عندما التقيتُ بالدكتور "سوريندر سينغ كاندهاري"، رئيس معهد جورو ناناك داربار غوردوارا، والذي سبق أن قابلته لفترة قصيرة في ماريلاند. وحينها دعاني إلى هذا الإفطار، وعندما أخبرتُ زوجي، قررنا الحضور."

ببساطة هذا الأمر ساحر... أشعر برغبة بالبكاء من الفرح. لدى حضوري الاحتفاء بشهر رمضان في غوردوارا جنباً إلى جنب مع إخوة هندوس ومسيحيين من جنسيات مختلفة، إنه يُجسّد الوحدة الحقيقية بين الأديان. وأضافت : لم أرَ شيئاً كهذا من قبل لا في الهند أو الولايات المتحدة. كنت أشعر أنني يجب أن أكون هنا اليوم.

تماشياً مع قيم دولة الإمارات العربية المتحدة المتمثلة في الحرية الدينية والتسامح والتعايش المتناغم، شارك أكثر من 250 شخصاً في الإفطار السنوي المشترك بين الأديان في الغوردوارا يوم الأربعاء.

عزز اللقاء الوحدة وتبادل المباركات خلال الشهر الفضيل.

"الارتقاء فوق الكراهية والتحديات والاختلافات"

أكد الشخصية الإماراتية البارزة والدبلوماسي السابق ميرزا الصايغ على أهمية الوحدة عبر المساحات الدينية المتنوعة، وقالت: "إنه لشرف عظيم أن أكون في غوردوارا أو أي معبد أو كنيسة أو مسجد، لأنها أماكن نجتمع فيها جميعنا كواحد.

ينظم المسؤولون هنا في الغوردوارا إفطاراً سنوياً كل رمضان، مُجسّدين بذلك التكامل العميق بين الناس من خلفيات متنوعة. هذا بالضبط ما نحتاجه اليوم، مجتمع نتجاوز فيه الكراهية والتحديات والاختلافات. هل هناك دين واحد لا يدعو إلى التسامح والمحبة؟

الدين يدعو إلى السلام والرخاء والتسامح والتفاهم. حتى في القرآن الكريم، أستطيع أن أشير إلى أكثر من عشر آيات تؤكد هذه القيم.

كما أكد الصايغ أن دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة كانتا منذ زمن طويل مركزاً للتعايش والاحترام المتبادل.

وأضاف في ظل قيادتها الحكيمة، تعمل دبي بنشاط على تعزيز الوحدة الثقافية والوطنية. ومع وجود 208 جنسيات تعيش وتعمل هنا، يتمتع الناس بحرية كسب المال وإرساله إلى أوطانهم وبناء حياتهم في إطار قانوني. جوهرها ترسيخ معان الحب والاحترام. لكل ثقافة ودين هويته الخاصة، ومن واجب الجميع احترام ذلك. وهذا بالضبط ما يفعله الغوردوارا اليوم.

الاحتفال بالإنسانية

تحدث ساتيش كومار سيفان، القنصل العام للهند في دبي، عن الأديان والجنسيات المتنوعة الحاضرة في هذا الحدث، وهو مشهد شائع في الغوردوارا كل عام.

قال: "إنه لمن دواعي سروري أن أنضم إلى الجميع في غوردوارا لحضور هذا الإفطار. وكما نعلم جميعاً، هذه هي السنة الثالثة عشرة التي يستضيف فيها جوروناناك داربار هذا الإفطار. إنه جزء مهم من أجندة رمضان، لا سيما في مدينة يجتمع فيها الناس من مختلف الديانات للاحتفال بالإنسانية. تعدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة رمزاً للشمولية والتسامح. وشهر رمضان الوقت الأمثل لتجلي هذه الروح بأبهى صورة، أهنئ جوروناناك داربار على تنظيم هذا الإفطار وعلى كونه حامل شعلة الشمولية."

وأكدت بابلز كاندهاري، نائبة رئيس مجلس إدارة جورو ناناك داربار غوردوارا في دبي، أنه في عالم ينقسم في كثير من الأحيان بسبب الاختلافات، فإن لحظات الوحدة تبرز كمنارات للأمل.

شهد الحدث حضور العديد من كبار الشخصيات من داخل البلاد ، إلى جانب مجموعة كبيرة من الزوار من مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن بعضهم لم يأت خصيصاً لهذا الإفطار، إلا أن وجودهم في المدينة أتاح لهم المشاركة. من بين الضيوف كان هناك زائر أميركي أتى لقضاء يوم واحد فقط في دبي، ومع ذلك قرر أن يخصص أمسيته لحضور هذا التجمع، معتبراً أن الحدث يتجاوز مجرد استكشاف المدينة. كان ذلك له لحظة مؤثرة تستحق التقدير.

كانت الأجواء مُبهجة، حيث اجتمع الناس من مختلف الطوائف، من السيخ والمسلمين والمسيحيين، اجتمعوا مع بعضهم البعض. كان مشهداً رائعاً للشمولية والمحبة المشتركة، وهو أمر نأمل أن يمتد على مساحة العالم. إذا تخيلنا ما يحدث هنا على نطاق عالمي، سيتضح لنا أن هذا ما يحتاجه العالم.

جميل أن نكون متحدين

وعلى نحو مماثل، أشار لايل آشبي، الممثل الخاص للخدمات في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة في العين، إلى أن الصراعات العالمية تنبع من عدم القدرة على إدراك النعم التي تأتي من التواصل مع الآخرين من خلفيات متنوعة.

يقول آشبي: أنا ممتنٌ جداً لإقامتي في الإمارات العربية المتحدة، وأُحب شعوري بالأمان بين هذا الكمّ الهائل من الناس. إنه لأمرٌ رائعٌ أن نشعر جميعاً بأننا أبناء الله، وأننا نستمتع بصحبة بعضنا البعض، وأعتقد أن على شباب اليوم أن يُدركوا أن من أعظم ما وهبنا الله إياه هو هذا التنوع للناس والأديان والخلفيات العرقية المختلفة. أؤمن إيماناً راسخاً بأن الله يريدنا أن نحب الجميع، وأن العيش في الإمارات العربية المتحدة يمنحك واحدةً من أعظم الفرص التي شهدتها في حياتي".

مضيفاً: في بعض الأحيان أعتقد أن القتال والحرب سببهما الكبرياء. لو يستطيع البشر تعلم قبول الآخر والتخلي عن كبريائهم، لكان العالم مكان أفضل.

شاركت كنيسة القديسة مريم الكاثوليكية في دبي رسالة مماثلة: "من الرائع أن نكون متحدين، وأن نتشارك مع بعضنا البعض، وأن نعيش في سلام وتعاون. هذا مفيدٌ حقاً للبشرية، وعلينا دائماً أن نتكاتف معاً".

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com