

منذ لحظة وصولك إلى المدرسة الأهلية الخيرية في سمنان، الشارقة، تشعر بروح المجتمع واضحًا منذ اللحظة الأولى. تولى المتطوعون من مختلف الأعمار مهمة تنظيم حركة السير واستقبال الزوار عند البوابة، بينما انشغل آخرون بتنظيف الفصول الدراسية، وزراعة الشتلات، ورسم الجداريات التي أضفت ألوانًا وحياةً على المدرسة.
في الداخل، عمل المتطوعون الصغار والكبار معًا، يفركون الطاولات والأرضيات بالصابون والماء، متعاونين لهدف واحد مشترك: أن تتألق المدرسة من جديد.
أطلقت وزارة التمكين المجتمعي، بالتعاون مع مؤسسة الإمارات عبر منصة Volunteers.ae وعدة شركاء محليين في الشارقة، أول فعالية تطوعية بعنوان “مدارس مستوحاة من المجتمع”.
أقيمت الفعالية في المدرسة الأهلية الخيرية في منطقة سمنان، وتشكل النسخة الخاصة بإمارة الشارقة من مبادرة “7 فوق 7”، وهي إحدى ثماني مبادرات وطنية أطلقت ضمن إطار العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية.
عندما زارت صحيفة خليج تايمز المدرسة في 26 أكتوبر، كانت الشمس حارقة، لكن أواب خطاب وقف عند المدخل منذ السابعة صباحًا ينظم حركة السيارات بتركيز لا يتزعزع. وعلى الرغم من الحرارة، ابتسم وقال: “على العكس، أستمتع بعملي. أنا أتطوع لوجه الله لمساعدة الناس ونيل الأجر”.
بدأ أواب تطوعه أول مرة خلال شهر رمضان، واستمر منذ ذلك الحين، مدفوعًا بحبه للعطاء ومساعدة الآخرين.
القدوة الحسنة
من بين المتطوعين، شارك نور الدين عماشة، البالغ من العمر 16 عامًا، وهو من أصحاب الهمم الذين واجهوا صعوبات بسبب التهاب دماغي أصيب به في طفولته. قال: “التطوع تجربة رائعة. ورغم أن هذه هي المرة الأولى لي، آمل أن أحظى بفرص أخرى”.
كما انضم هاشم المصري وهو من أصحاب الهمم أيضًا إلى فريق التسجيل والاستقبال للمرة الأولى. وقال: “أجواء العمل التطوعي رائعة. ساعدتني في اكتشاف جوانب من شخصيتي لم أكن أعرفها من قبل”.
قادت المعلمتان حليمة الظنحاني وهدى الزهوري من مدرسة معاذ بن جبل المتطوعين في دروس عملية عن الزراعة المستدامة والممارسات البيئية. وقدموا مشروع تحويل المخلفات المنزلية إلى سماد عضوي باستخدام مواد بسيطة محلية الصنع — وهو المشروع الذي فاز بالمركز الأول عالميًا في مؤتمر Preserving Grace خلال COP28.
في ساحة المدرسة، عملت مجموعة من المتطوعين وهم يحملون الفُرَش ودِلاء الماء والصابون على تنظيف الطاولات والأثاث. من بينهم ريلا (14 عامًا) ومروى (15 عامًا)، شقيقتان من السودان تقيمان في الذيد. قالتا: “هدفنا هو نيل الأجر من التطوع، وليس المال”.
وبالقرب منهما، شارك سعيد أسامة (11 عامًا) وعزت أحمد (13 عامًا)، جاران من الشارقة، في نفس المهمة. وأوضحا أنهما اختارا التطوع بدلاً من قضاء الوقت في ألعاب بلايستيشن أو الهواتف. وقالا: “إنها فرصة رائعة لقضاء الوقت معًا والقيام بشيء مفيد”، مضيفين أن معلمهما يشجعهما دائمًا على المشاركة في الفعاليات المجتمعية.
كما شارك فريق الاستجابة السريعة في ضمان السلامة أثناء الأنشطة، ومن بينهم وداد عبدالرحمن، طبيبة أسنان من دبي، وسيف حمد العامري، موظف حكومي من الشارقة — وكلاهما من أشد الداعمين لخدمة المجتمع.
قالت الدكتورة وداد: “يمنحني التطوع شعورًا بالإنجاز والسعادة. أريد للأطفال أن يشعروا بالفرح عندما يعودون ويرون التغييرات في مدرستهم. أحاول دائمًا ترك أثر إيجابي أينما أشارك”.
وأضاف العامري: “التطوع مصدر راحة وسعادة. أخصص وقتًا بعد العمل للمشاركة في مبادرات كهذه لأن الشعور لا يُقدّر بثمن”.
شارك أكثر من 300 متطوع، من بينهم مهندسون ومعلمون وفنانون وخبراء في الزراعة والتصميم البيئي، في أنشطة مثل الطلاء وتنسيق الحدائق ورسم الجداريات لتحسين مظهر المدرسة وجعلها بيئة تعليمية أكثر حيوية وداعمة.
كما عززت الفعالية الروابط الاجتماعية من خلال تشجيع أولياء الأمور والمتطوعين على التعاون في إعادة تصميم وتجميل المساحة التعليمية، بما يخلق أجواء أكثر إيجابية للطلاب.
قال محمد عبدالحميد الحوسني، مدير القيادة والتمكين بمؤسسة الإمارات، لصحيفة خليج تايمز إن برنامج “الفرص السبع في الإمارات السبع” يهدف إلى استقطاب المتطوعين من جميع الخلفيات والتخصصات. وأضاف: “ما يميز الإمارات هو أن المتطوعين مواطنين ومقيمين على حد سواء، لديهم رغبة صادقة في رد الجميل للوطن”.
وأوضح: “الفكرة هي إنشاء سبع فرص تطوعية مختلفة في الإمارات السبع، تتيح للمشاركين اختيار المجال الذي يتناسب مع اهتماماتهم ومهاراتهم. وستقام المبادرة سنويًا، مع الإعلان عن مشاريع جديدة كل عام — من البيئية إلى الرياضية والمجتمعية، وفقًا لاحتياجات المجتمع وتطلعات المتطوعين”.
وأضاف الحوسني أن مشروع الشارقة ركّز على صيانة المدرسة الأهلية الخيرية، التي تم اختيارها نظرًا للظروف الاقتصادية المحدودة للعديد من طلابها. “أردنا أن يكون أولياء الأمور والطلاب، بمن فيهم أصحاب الهمم، جزءًا من هذه المبادرة”، قال.
تراوحت أدوار المتطوعين بين أعمال الصيانة والبستنة والطلاء والدعم الفني في مجالات الكهرباء والتكييف. وقال الحوسني مؤكدًا: “كل متطوع قادر على إحداث فرق والمساهمة دون انتظار مقابل. نحن ملتزمون بضمان أن يكون لكل إمارة مبادرتها الخاصة، ونسعى للتوسع أكثر في مجالات مثل البيئة والتراث والمجتمع”.