أنور قرقاش: "التطبيع فزاعة" وصحة المجتمع والاقتصاد أولوية العالم العربي

حث المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة " العرب على إعطاء الأولوية للتقدم المجتمعي ومعالجة التوترات والانقسامات الداخلية.
أنور قرقاش
أنور قرقاش
تاريخ النشر

قال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة معالي الدكتور "أنور قرقاش"، خلال كلمته في القمة الإعلامية العربية في دبي، الأربعاء، إن على الدول إعطاء الأولوية لتحسين ظروف معيشة الناس والتعليم والسلامة، بدلاً من التركيز على التطبيع لأنه يُستخدم كـ "فزاعة" لمنع التغيير المجتمعي الإيجابي والتقدم الاقتصادي في العالم العربي.

وأضاف معالي الدكتور قرقاش أن "التطبيع فزاعة، والهدف الحقيقي هو تجنب مواجهة الواقع الجديد"، مؤكداً أن إقامة العلاقات هو قرار سيادي لكل دولة بناء على مصالحها الوطنية.

في الإمارات، وبناءً على حساباتنا، رأينا أن هذا القرار الاستراتيجي صائبٌ بالنسبة لها. لكل دولة قرارها السيادي، لكن استخدام التطبيع أحياناً لمنع التغيير الإيجابي في المجتمع هو، في تقديري، فزاعةٌ لمنع التغيير من سياساتٍ فاشلة.

و أكد معالي الدكتور قرقاش أن هذه السياسات الفاشلة أدت إلى توترات داخلية وانقسامات إقليمية في العديد من الدول العربية. وأضاف: "اليوم، ولأول مرة منذ استقلال العديد من الدول العربية، ثمة مخاوف من أن هذه الدول العربية تبسط سيادتها على كامل أراضيها".

العالم العربي عند مفترق طرق

ورسم المسؤول الإماراتي الكبير صورة للعالم العربي منقسماً بين تجارب الخليج الناجحة والدول المتعثرة التي وقعت في ما وصفه بـ "عنق الزجاجة".

قال معالي الدكتور قرقاش: "العالم العربي اليوم منقسمٌ. هناك تجربة ناجحة جداً في الخليج، لكن هناك تجارب في العالم العربي اليوم تعاني بسبب اختناقها".

وأشار بشكل خاص إلى سوريا ولبنان كمثالين على المشهد السياسي المتغير، مشيراً إلى أنه في حين تعترف بعض القوى بضرورة خروج هذه البلدان من صعوباتها، فإن قوى أخرى تحاول سحبها إلى الظروف السابقة.

وأضاف معاليه: "في تقديري، كما أن هناك قوى ترى ضرورة خروج هذه البلدان من هذا المأزق، هناك قوى تحاول إعادة التغيير إلى ما كان عليه من قبل".

انهيار الأيديولوجية

وأشار معالي الدكتور قرقاش إلى "انهيار أيديولوجي" كبير في السياسة العربية، وهو ما ظهر جلياً بشكل خاص خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية أثناء الصعوبات التي فرضتها حرب غزة.

وقال: "إن هذا الانهيار للأيديولوجيا في السياسة العربية حدث من قبل، ولكن للأسف فإن الكثير من العرب لم يتعلموا الدروس لأن هذا التمسك بمصطلحات أيديولوجية معينة كان غير طبيعي ومخالف للواقع القائم".

ودعا المستشار الرئاسي إلى التحول نحو البراجماتية، مؤكداً أن الأولويات يجب أن تركز على تحسين الظروف المعيشية ومستويات التعليم ومعالجة هجرة الشباب إلى أوروبا والخليج.

يجب ألا تكون الأولويات شعاراتٍ عابرة. يجب أن تُركّز الأولويات على مستويات التعليم، وهجرة الشباب إلى أوروبا والخليج. لماذا لا نُهيئ لهم فرصاً؟ يجب أن تكون الأولويات واقعية.

السياسة الخارجية لدولة الإمارات

وفي حديثه عن نهج دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة التحديات الإقليمية، أوضح معالي الدكتور قرقاش أن الدولة توازن بين معالجة القضايا الإقليمية وخلق الفرص.

وقال: "جزء من جهودنا يرتكز على معالجة قضايا المنطقة ومشاكلها، لأننا نعيش في هذه المنطقة التي تزخر بالفرص. وانطلاقاً من هذا الواقع، تتعامل الإمارات العربية المتحدة مع هذا الوضع".

وأكد على دور الإمارات باعتبارها "المنفذ الرئيسي" لدول مثل لبنان وسوريا في ذروة أزماتها، مشيراً إلى وجود جاليات عربية منتجة في الإمارات.

وأضاف معالي الدكتور قرقاش: "إذا كان العرب قادرين على الإنتاج والعمل والابتكار في دولة الإمارات، فإنهم قادرون أيضاً على الإنتاج والعمل والابتكار في بلدانهم".

الشراكات الدولية تركز على المستقبل

وأشار معالي الدكتور قرقاش إلى مشاركته الأخيرة في الحوار الاستراتيجي مع فرنسا، مشيراً إلى كيف تطورت العلاقات بين الإمارات وفرنسا من الطاقة والأمن في سبعينيات القرن الماضي إلى المعالم الثقافية مثل متحف "اللوفر" و"السوربون"، حيث أصبحت دبي الآن "أكبر مدينة ناطقة بالفرنسية في الشرق الأوسط".

وكشف أن الإمارات مستثمر رئيسي في إنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي في فرنسا، وهو مشروع بقيمة 50 مليار دولار يحتاجه الفرنسيون في ظل تأخر أوروبا عن الولايات المتحدة والصين في مجال الرقائق الإلكترونية والذكاء الاصطناعي.

وأضاف معاليه: " خلال زيارة الرئيس "ترامب" للمنطقة، كان الجانب المتعلق بالإمارات العربية المتحدة يدور حول الاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا، المستقبل. لم تكن جميع الإعلانات الصادرة عن هذه الزيارة تتعلق بالأسلحة أو الأمن أو الطاقة؛ بل كانت في الواقع تتعلق بالمستقبل".

الالتزام بالقضية الفلسطينية

أكد معالي الدكتور قرقاش أن النهج البراغماتي لدولة الإمارات العربية المتحدة لا يقلل من التزامها بالقضية الفلسطينية. وقال: "إن التزامنا بالقضية الفلسطينية، وحق الفلسطينيين في دولة، ومعاناتنا مما نراه في غزة حقيقي. هذا لن يُلغي هذا النهج، وما أقوله اليوم لا يتناقض مع ذلك".
وأكد أن الإمارات قدمت 42% من إجمالي المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة منذ الثامن من أكتوبر، مما يؤكد الدور الإنساني المهم للإمارات في الصراع. وقال الدكتور قرقاش: "يجب أن نطوي الصفحة، ونخرج من عنق الزجاجة، ونرى أن تحدياتنا المقبلة يجب أن تكون تحديات حقيقية في سبل العيش: كيفية تحسين ظروف الناس، وكيفية منع أفضل العقول من بلداننا من المغادرة، وكيفية توفير فرص عمل حقيقية".

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com