أم فرنسية من دبي تنقذ 5 أشخاص بعد وفاة ابنها
في لحظة ما، يمكن أن تتغير حياتك بأكملها أمامك. بالنسبة للمغتربة الفرنسية "ناتالي جرال سورنسن، كانت تلك اللحظة عندما رأت ابنها البالغ من العمر 17 عاماً ينهار بين ذراعي زوجها في المنزل. حيث دخل ابنها في غيبوبة لم يستيقظ منها أبداً.
وقالت ناتالي لصحيفة الخليج تايمز: "في تلك اللحظة كأم، عرفت أن كل شيء قد انتهى".
كان ذلك قبل عامين، وبينما لم يزل ألم فقدان طفلها، وجدت ناتالي الراحة عندما ادركت أن ابنها فيجو يعيش من خلال الآخرين.
وبوفاته، أنقذ المراهق حياة خمسة أشخاص، حيث اتخذت ناتالي وزوجها قراراً بالتبرع بأعضاء فيجو.
"أنقذ فيجو حياة أشخاص من الهند والإمارات العربية المتحدة و ذهبت ثلاثة من أعضائه إلى المملكة العربية السعودية وتم التبرع برئتيه وكليتيه وقلبه وكبده، أما قلبه فذهب لامرأة سعودية تبلغ من العمر 27 عاماً.
وسط حزنها طوال هذه السنوات، تفخر ناتالي باتخاذ هذا القرار الذي تم اتخاذه من خلال برنامج التبرع بالأعضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت ناتالي: "بالنسبة لي لقد رحل ابني، ولكن مازلت قادرة على انقاذ الارواح".
ذكرى فيجو
كان فيجو، ذو الجذور الدنماركية الفرنسية، هو البطل الحالي لوسام الاستحقاق من اتحاد الإمارات للغولف قبل وفاته المفاجئة. كما حصل على كأس الملك حمد السادس للهواة وكأس دبي للجولف مع فريق الهواة.
كان طالب أكاديمية "جيمس ويلينجتون -الخيل" يستعد للذهاب إلى الولايات المتحدة في منحة دراسية، وكانت الأسرة بالفعل بصدد فحص الكليات.
عانى معجزة الجولف من خدرٍ في ذراعه اليسرى وشفتيه في يناير 2022، ثم سقط فاقداً للوعي بين ذراعي والده ودخل في غيبوبة لم يرجع منها، تم إعلان وفاته في النهاية دماغياً.
لقد تواصل معنا فريق من أبوظبي بطلب يتعلق بالتبرع بالأعضاء، ولم يكن أمامنا سوى بضعة أيام للنظر في الأمر. وقالت ناتالي: "نظرنا أنا وزوجي إلى بعضنا البعض وقررنا المضي قدماً والموافقة".
"كنت أعرف منذ البداية أنه عندما يُعلن عن وفاة شخص ما دماغياً فإنها النهاية. وكان التبرع بالاعضاء تعبير عميق عن الحب الإنساني، لذلك فعلنا ذلك".
هدية الحياة
وفي لحظة الحزن تلك، كان على ناتالي أن تقرر بسرعة لأن أعضاء ابنها المتوفى سوف تتلف بسرعة.
وقالت الأم،"لقد نشأت في عائلة تلقيت فيها الكثير من الحب والرعاية، وخاصة من والدتي التي كانت دائماً كريمة ومتشوقة لمساعدة الآخرين، وجدتي التي ساعدت خلال الحرب. لقد علموني أن العطاء يؤدي إلى تلقي النعم".
أعظم هدية يمكن تقديمها هي هدية الحياة. وقالت: " بالتبرّع منحت الأمل للآخرين وساعدت في تحويل الخسارة إلى إرث".
وقالت إن هدفها الوحيد الآن هو إنقاذ المزيد من الأرواح وتشجيع المزيد من الناس على أن يصبحوا متبرعين بالأعضاء ودعم الأسر المانحة.
"وبسبب ملفاتي الصوتية وبرامج التوعية الأخرى، كان هناك أشخاص يريدون مقابلتي، وخاصة الأمهات اللاتي فقدن أطفالهن. بعض الناس يعانقونني وبعض الناس يبكون فقط. لقد اصبحت روحانية وأشعر أن هذا هو "تأثير فيجو".
إلهام
لقد جعل برنامج زراعة الأعضاء ناتالي على اتصال بأشخاص مروا بنفس الكابوس.
"عندما تفقد طفلاً، فإن هذا الشعور بالالم هو نفسه لكل الأشخاص، فارتبطتُ بهؤلاء الأمهات اصحاب نفس التجارب، حيث كانوا يبكون لساعات أمامي، وهذا هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لأبوين".
وأصبحت الأم سفيرة نشطة لبرنامج "حياة الإماراتي"، وشددت على أن هناك العديد من الأمراض في مراحلها النهائية ولا يوجد علاج آخر غير زراعة الأعضاء.
"إن مشاركة قصة فيجو تعطي الأمل للعائلات المانحة والمرضى المستقبليين على قائمة الانتظار. لقد ترك لي فيجو مهمة لأقوم بها. أنا في سلام وليس لدي أي ندم الآن. وقالت إن قصته مصدر إلهام لإنقاذ الأرواح".
وقالت المقيمة في دبي منذ فترة طويلة: "لقد تلقينا الكثير من رسائل التعاطف، حيث يمكن لعمل واحد غير أناني أن يغير العالم. نحن لا ننقذ الأرواح فحسب، بل ننقذ أيضاً عائلات المريض. وإنه لشيء إيجابي يخرج من الألم".
سد الفجوة
على مر السنين، بذلت طاقتها في تعزيز الوعي بالتبرع بالأعضاء، على أمل إلهام الآخرين للنظر في منح هدية الحياة هذه من خلال التسجيل.
وقالت: "إنه عمل كريم أن تساعد عائلة أخرى. أنا لا أدافع عن التبرع بالأعضاء فحسب، بل أريد أيضاً إظهار الدعم للعديد من المتبرعين وأسرهم المجهولين أو المنسيين، ولسوء الحظ، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين عدد الأشخاص المحتاجين للتبرع وأولئك الذين يرغبون في التبرع. ليس من الجيد أن نكون متعاطفين فقط، بل يجب أن نتحرك أيضاً".
تحمل الصفحة الرسمية لوزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة (Mohap) الخاصة بالتبرع بالأعضاء شهادة من عائلة فيجو، توضح كيف كان والديه في طليعة هذه القضية النبيلة.
ويجري تطوير العديد من المبادرات الأخرى لرفع مستوى الوعي حول التبرع بالأعضاء وزراعتها في البلاد.
الاسم "فيجو" يعني باللغة الدنماركية "محارب". وقالت ناتالي: "عندما غادر فيجو، كان برنامج حياة في الإمارات العربية المتحدة يتخذ شكلاً ملموساً، و بمرور السنين، قام هذا البرنامج بتوسيع عملياته بشكل كبير من خلال إجراء أنشطة تعليمية مبتكرة ومؤثرة وتدريب موظفي المستشفى مع توظيف المتخصصين".
ينظم "برنامج حياة" ورش عمل منتظمة لمساعدة الممرضات على أن يصبحوا ماهرات في التعامل مع مثل هذه الحالات الحساسة.
وقالت الأم المغتربة في الامارات: "لقد حقق البرنامج تقدماً كبيراً في الإمارات من خلال زيادة الوعي حول التبرع بالأعضاء وزراعتها".