"أصداء الجبال": نافذة على قبيلة الشحوح حراس الذاكرة والتراث في رأس الخيمة

المشروع أطلق بالفعل الزخم لسلسلة وثائقية كاملة تركز على التراث الإماراتي.
"أصداء الجبال": نافذة على قبيلة الشحوح حراس الذاكرة والتراث في رأس الخيمة
تاريخ النشر

صور طالب السينما المقيم في دبي، علي فؤاد (22 عامًا)، فيلمًا وثائقيًا يكشف القصة غير المروية لقبيلة الشحوح – وهي مجتمع إماراتي صامد يعيش في جبال رأس الخيمة لأكثر من 1800 عام. يسلط فيلمه الضوء على لغة القبيلة الفريدة وتقاليدها وطريقة حياتها، والتي لم يُسجل الكثير منها بعد في التاريخ الإماراتي.

فاز فيلم فؤاد، الذي يحمل عنوان "أصداء أرضنا" (Echoes of Our Land)، بجائزة الجمهور لأفضل فيلم في عرض "Premier de MDX" بجامعة ميدلسكس دبي.

صرح فؤاد لـ "خليج تايمز": "لقد حافظت قبيلة الشحوح على تراثها لقرون، بما في ذلك لهجة مميزة تمامًا عن اللهجات الإماراتية الأخرى. لكن قلة قليلة من الناس في الإمارات يعرفون عنهم حتى الآن". وأضاف: "شعرت بمسؤولية مشاركة قصتهم مع العالم".

بدأ فيلمه الوثائقي كمشروع للسنة النهائية في صف صناعة الأفلام تحت إشراف المحاضرة الأولى ديما مغالسة. قاد اجتماع عصف ذهني فؤاد إلى قبيلة الشحوح، وبدعم من مغالسة، أمضى فؤاد شهورًا في إجراء بحث غامر وعمل إنتاجي في جبال رأس الخيمة. أشار فؤاد إلى أن أحد أكبر التحديات كان نقص التوثيق المرئي والمكتوب، موضحًا: "كان هناك عدد قليل جدًا من الأفلام أو السجلات المرئية المتاحة، وحتى المصادر المكتوبة كانت محدودة".

وأضاف: "للتغلب على ذلك، كان علي زيارة هذه المناطق شخصيًا، ومقابلة الناس، والتعلم منهم مباشرة. اعتمدت بشكل كبير على كبار السن، الذين شاركوني قصصًا ومعارف ثقافية تناقلتها الأجيال بسخاء".

بدعم من منحة من مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسات، تطور فيلم فؤاد من مهمة صفية إلى فيلم وثائقي كامل يمزج الإثنوغرافيا الخام مع السرد السينمائي.

"عشت معهم"

عاش فؤاد، وهو أيضًا متسلق ومغامر، إلى جانب القبيلة خلال الإنتاج، مراقبًا حياتهم اليومية لضمان تصوير أصيل.

قال: "لم أرغب في مجرد المراقبة من الخارج. عشت معهم، وساعدت في رعي الأغنام، وشاركت الوجبات، واستمعت إلى كبار السن. هكذا كسبت ثقتهم".

دفع إنتاج الفيلم الفريق جسديًا وإبداعيًا. شارك فؤاد: "كان أحد مواقع التصوير قرية جبلية تتطلب أربع ساعات من المشي للوصول إليها. كان الأمر شاقًا جسديًا واختبر قدرة تحمل الطاقم بأكمله. لكن إذا كان هناك شيء واحد تعلمته خلال فترة دراستي الجامعية، فهو تجاوز منطقة راحتي من أجل سرد القصص المهمة".

شكل الطاقم، المكون من زملاء الطلاب، بمن فيهم المنتج نعيم أيمن ومدير التصوير هايدن دياز، وحدة متماسكة ترابطت من خلال التحديات المشتركة.

قالت مغالسة عن "أصداء أرضنا": "ما بدأ كمهمة في السنة الثانية أصبح حركة لاكتشاف الذات. (فؤاد) لم يتعامل مع هذا كمشروع مدرسي. لقد عامله كرسالة".

حراس الجبال الوعرة

وفقًا لفؤاد، تحتل قبيلة الشحوح مكانة فريدة في النسيج الثقافي والتاريخي لدولة الإمارات العربية المتحدة. "لقد وقفوا لقرون كحراس للمناطق الجبلية الوعرة في رأس الخيمة، وقد تشكلت طريقة حياتهم بفعل التضاريس القاسية والمناخ القاسي. كونت الجبال شعبًا يتميز بالمرونة والقوة والتقاليد المتأصلة التي تظل مميزة عن المناطق الأخرى في الإمارات".

كانت الحياة في الجبال صعبة للغاية. مع عدم وجود طرق أو مركبات، كان كل شيء يتم سيرًا على الأقدام. كانت المياه نادرة، وكان الطعام يُحصل عليه بصعوبة، وكانت البقاء على قيد الحياة يعتمد على رعي الأغنام والماعز، وطحن القمح، ودعم مجتمعهم بتصميم لا يتزعزع.

زرع الناس القمح في أوائل الشتاء، وانتظروا بصبر موسم الحصاد لصنع الخبز التقليدي مثل الخبز والأطباق مثل العصيدة، بالإضافة إلى الحلويات الإماراتية المحبوبة مثل اللقيمات. وبما أن الآلات لم تكن متاحة، فقد طحنوا القمح يدويًا باستخدام "الريحة" (الرحى)، مرددين ترنيمة "التهويد" بشكل إيقاعي للحفاظ على التحفيز – وهو تقليد موسيقي تناقلته الأجيال.

تُميز تعبيرات القبيلة الثقافية، بما في ذلك لهجتهم الفريدة وأناشيد الحرب مثل "النبدة". لم تكن هذه مجرد أغاني بل صرخات مؤثرة تهدف إلى إظهار القوة والوحدة في وجه الأعداء. حتى اليوم، يحيي أفراد القبيلة القلائل المتبقين الذين ما زالوا يعيشون في الجبال بعضهم البعض بـ "النبدة".

لعبت النساء دورًا مركزيًا ليس فقط في المنزل ولكن أيضًا في بقاء المجتمع. كن يعتنين بالماشية، ويجلبن الطعام والماء، ويصنعن الأدوات اليومية يدويًا. كانت سعف النخيل تُنسج في أواني ومواد تسقيف توفر تهوية طبيعية، ضرورية خلال أشهر الصيف الحارقة.

قال فؤاد: "ما يجعل قصة قبيلة الشحوح أكثر روعة هو مدى الحفاظ على تراثهم عبر الزمن. قضاء الوقت معهم يشبه الدخول إلى متحف حي – بوابة نادرة وحية إلى ماضي الإمارات، حيث تتحدث كل أغنية، وكل حرفة، وكل تقليد عن إرث من القوة والتكيف والفخر الثقافي الدائم".

قصص إماراتية لم ترو بعد

أطلق المشروع بالفعل الزخم لسلسلة وثائقية كاملة تركز على التراث الإماراتي، مما يوسع تأثير الجامعة في سرد القصص الثقافية. يخطط فؤاد الآن لمواصلة استكشاف القصص الإماراتية غير المروية، من مجتمعات الصحراء إلى التقاليد الساحلية لصيادي اللؤلؤ.

أوضح فؤاد: "هناك الكثير في الإمارات أكثر من ناطحات السحاب. بلدنا مليء بالقصص الغنية والمتنوعة التي لم يشهدها العالم". "أريد أن أكون جزءًا من الجيل الذي يوثقها قبل أن تتلاشى".

عند سؤاله عن أكثر اللحظات تأثيراً أثناء التصوير، تذكر فؤاد محادثة مع أحد كبار القبيلة. "قال لي: 'الآن لدي ما أُظهره لأطفالي وأحفادي'. هذه اللحظة أثرت فيّ بعمق – أن هذه لم تكن قصتي فقط، بل قصتهم".

"هذه السنوات الثلاث الماضية لم تعدني فحسب – بل دفعتني. تعلمت أن أروي قصصًا مهمة، والآن أنا مستعد لأخذها إلى العالم".

يقدم فؤاد هذه النصيحة أيضًا: "كن أصيلًا. ابدأ بالقصص التي تحركك. تحدث إلى أجدادك وجيرانك. أقوى القصص غالبًا ما تكون أمامك مباشرة – في انتظار أن تُروى".

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com