الاستهلاك غير الواعي للطعام  أمام الشاشات  يساهم في عادات صحية وزيادة الوزن والعزلة
الاستهلاك غير الواعي للطعام أمام الشاشات يساهم في عادات صحية وزيادة الوزن والعزلة

أخصائيون: تناول الطعام أمام الشاشات يعزز العزلة ويزيد الوزن

يُطلق على هذا السلوك اسم ظاهرة "طفل الـ iPad"، وهو ما يثير قلق الخبراء بشأن تأثيراته على الصحة العقلية والصحة العامة.
تاريخ النشر

في صيحة جديدة، أصبح البالغون مثل أقرانهم من الصغار سناً، بحيث يعتمدون على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والشاشات الأخرى لجذب انتباههم. ويلاحظ هذا حتى خلال معظم الأنشطة الأساسية مثل أوقات الوجبات.

هذا السلوك الذي يُطلق عليه غالباً ظاهرة "طفل الـ iPad"، أثار قلق الخبراء بشأن الآثار الضارة التي يمكن أن تحدثها على الصحة العقلية والصحة العامة.

سواء كان هؤلاء الأفراد يستخدمون تطبيقات الوسائط الاجتماعية أو يشاهدون برامج مسلية أو يلعبون ألعاب الفيديو فإن لديهم شيئاً واحداً مشتركاً وهو الشعور بالانفصال. ويحذر الخبراء من أن الاستهلاك غير الواعي للطعام أثناء تناوله أمام الشاشات يمكن أن يساهم في عادات الأكل غير الصحية وزيادة الوزن والعزلة.

وقالت "سامانثا لونا"، وهي أمريكية تعمل كمديرة تنفيذية في مجال التسويق وتبلغ من العمر 32 عاماً، "بعد يوم طويل في العمل، أريد فقط أن أقطع الاتصال وأن أريح عقلي. إن مشاهدة برنامجي المفضل أثناء تناول الطعام يساعدني على الاسترخاء، لكنني أعلم أنها ليست عادة صحية"، وغالباً ما تتناول العشاء أمام التلفزيون وتتصفح وسائل التواصل الاجتماعي على هاتفها بلا تفكير.

مع الحفاظ على نمط حياة صحي، تعتبر سامانثا هذه اللحظات وقتاً خاصاً لها للاسترخاء بعد يوم مرهق. "باعتباري شخصاً يعيش بمفرده، أصبح من المعتاد بالنسبة لي أن أتناول الطعام في صمت وأريح ذهني كما يقولون." وأضافت: "إنها عادة التخلص من التوتر".

في حين أن العيش منفرداً يمكن أن يشجع على هذه العادة، إلا أن البعض يجدون أنفسهم منعزلين حتى أثناء وجود الصحبة. "ليام هاربر"، وافد بريطاني يبلغ من العمر 25 عاماً، يعيش مع شريك سكن ولكنه غالباً ما يتناول العشاء بمفرده أثناء لعب ألعاب الفيديو. وقال: "إن تناول الطعام أثناء اللعب أكثر متعة بالنسبة لي، أشعر وكأنني أقوم بمهام متعددة وأستفيد من وقتي إلى أقصى حد".

إلا أن ليام يعترف بأن هذه العادات جعلته يفتقر إلى الوعي والإدراك أثناء تناول الوجبات. "أدركت أنني لم أكن مهتماً بما أكلته أو كميته".

وتعترف عائشة هـ، وهي محاسبة إماراتية تبلغ من العمر 24 عاماً، بأنها عادة ما تأكل بمفردها على مكتبها وتفتح جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها وتشغّل العديد من تطبيقات الوسائط الاجتماعية. "أشعر أنني بحاجة إلى الترفيه باستمرار. إن تناول الطعام أثناء تصفح هاتفي هو أكثر متعة بالنسبة لي".

بالنسبة لعائشة، تعيش مع عائلتها ولكن لا تزال تختار تناول الطعام بمفردها أو استخدام هاتفها أثناء تناول وجباتها، وقد تسبب هذا في تدخل أفراد أسرتها في بعض الأحيان. واعترفت "غالباً ما يأخذ والداي هواتف أشقائي الصغار وأجهزة iPad الخاصة بهم أثناء أوقات تناول الطعام، لذلك غالباً ما أتلقى نصائح مفادها أن أكون قدوة صحيحة، لكنها عادة ولا أستطيع تغييرها" .

العزلة الاجتماعية

يشرح هذه الظاهرة الدكتور وليد العمر، أخصائي الطب النفسي في مستشفى ميدكير الشارقة ومستشفى ميدكير الملكي التخصصي بالقصيص. "عندما ينخرط شخص ما في هذا السلوك بشكل متكرر، يمكن أن يكون له تأثير ضار على صحته الاجتماعية".

ويشير إلى أن تناول الطعام بمفردك أثناء التركيز على الشاشة "يحد من فرص التفاعلات المباشرة الهادفة والتي تعتبر بالغة الأهمية لتطورنا العاطفي والاجتماعي".

الدكتور وليد العمر
الدكتور وليد العمر

وشدد أيضاً على أن انخفاض التفاعلات الاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالعزلة عن الأصدقاء والعائلة. "هذا الانفصال العاطفي والجسدي يمكن أن يعزز مشاعر الوحدة، حيث يصبح الفرد معتاداً بشكل متزايد على الأنشطة الانفرادية بدلاً من المشاركة النشطة في شبكة الدعم الاجتماعي".

ولمواجهة هذا التحدي، يؤكد الدكتور العمر على أهمية النهج الشامل. وقال: "إن دمج ممارسات اليقظة الذهنية مثل الأكل الواعي والمشاهدة الواعية، يمكن أن يساعد الأفراد على استعادة الشعور بالحضور والاتصال بتجاربهم".

بالإضافة إلى ذلك، فإن وضع حدود وجداول زمنية واضحة لاستهلاك التلفاز، بالإضافة إلى الانخراط في أنشطة بديلة توفر الاسترخاء والاستمتاع، يمكن أن يكون مفيداً للغاية.

وفقاً لمها عجاوي، مدربة الصحة المعتمدة في الطب الوظيفي، فإن تناول الطعام بمفردك أثناء مشاهدة شيء ما أو التواجد على هاتفك أو التلفزيون أو جهاز iPad يمكن أن يؤثر على الصحة العقلية والجسدية.

وأشارت الخبيرة إلى أن "الزمن تغير، وكذلك وحدة الأسرة، حيث أصبحت الحياة مزدحمة الآن وتوقفنا عن تناول العشاء مع العائلة أو حتى مع الأصدقاء، وبعد العمل يفضل الناس الآن العزلة ومشاهدة بعض التلفاز في صمت. وحتى خلال النهار أصبحت هذه هي القاعدة".

مها عجاوي
مها عجاوي

وأشارت ملاحظات عجاوي إلى أن الاعتماد على الشاشة أثناء تناول الطعام يمكن أن يجعلك أكثر عزلة. ويؤدي هذا أيضاً إلى ارتفاع معدلات السمنة كنتيجة مباشرة لسلوك تناول الطعام القائم على الشاشات.

"عندما تأكل دون وعي أثناء المشاهدة، فإنك تتناول لقيمات كبيرة دون أن تعرف ما تأكله أو مقدار ما تأكله. كذلك قد تكون متوتراً طوال الوقت، بالتالي يجب أن يكون تناول الوجبات شيئاً ممتعاً وليس عملاً روتينياً أو ترفيهاً". عليك أن تكون واعياً أنك تغذي جسدك وليس فقط إلقاء الطعام في جسمك.

وللمساعدة في ذلك، نقترح إجراء مكالمة هاتفية مع صديق أو أحد أفراد العائلة عبر Zoom أو منصة مماثلة أثناء تناول الطعام. هذا يمكن أن يعزز التواصل ويشجع على تناول الطعام بوعي.

انتبه لما تأكله

وأشارت "ميلاني دسوزا"، أخصائية التغذية في مستشفى أستر بالشارقة، إلى أن هذه العادة يمكن أن تساهم في زيادة الوزن والسمنة. ويمكن أن تؤثر على مستويات التمثيل الغذائي والطاقة. وذكرت أن "بعض المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بالإفراط في مشاهدة التلفزيون أثناء تناول الطعام تشمل عسر الهضم والانتفاخ والإمساك ومشاكل أخرى في المعدة وقلة حركة العضلات ومشاكل الصحة العقلية واضطرابات دورة النوم".

وللتخفيف من الآثار الجسدية السلبية الناجمة عن الإفراط في مشاهدة التلفاز أثناء تناول الطعام، توصي دسوزا بتجنب عوامل تشتيت الانتباه وتناول الطعام ببطء واختيار الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل الأطعمة الكاملة وطرق الطهي الصحية مع الترطيب والحركة الكافية.

ميلاني دسوزا
ميلاني دسوزا

وأضافت: "كل هذا يجب أن يقترن بالنوم الجيد بسبب ضعف الأمعاء وزيادة فرص زيادة الوزن ومقاومة الأنسولين".

قدمت دسوزا العديد من الاستراتيجيات للانتقال تدريجياً من الإفراط في مشاهدة التلفزيون أثناء تناول الطعام، مثل خيارات الوجبات الخفيفة الصحية وتجنب تناول الطعام مباشرة من العبوة وتحديد كمية وتقليل المشروبات السكرية وتخطيط الوجبات".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com