
عندما خطت هيا قواس نحو الكعبة المشرفة ، شعرت وكأنها انتقلت إلى عالم آخر. تسبب منظر هذا البناء الحجري المقدس في تهاطل دموعها، وتسارعت نبضات قلبها فرحًا. قالت لصحيفة خليج تايمز: "كأنني انتظرت هذه اللحظة طوال حياتي".
قواس من بين آلاف الحجاج الإماراتيين الذين سافروا إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج . هذا العام، اتخذت السلطات السعودية إجراءات أكثر صرامة لحماية الحجاج من الحر الشديد ، حيث من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية. ويبدأ الحج اليوم الأربعاء 4 يونيو ويستمر حتى يوم الاثنين 9 يونيو.
الحج فريضة دينية على جميع المسلمين، باستثناء كبار السن، أو ذوي الإعاقة، أو غير القادرين ماليًا. إنه محطة روحية في حياة كل مسلم، حيث يقف الناس من مختلف مشارب الحياة - أغنياء وفقراء، صغارًا وكبارًا - معًا بثياب بيضاء متطابقة، مُجرّدين من المكانة الاجتماعية ومتعلقات الدنيا.
قالت قواس، في إشارة إلى رحلتها إلى مكة: "كانت تلك أيام إرهاق جسدي، لكنني شعرت بنوع من السلام النفسي والروحي لم أعرفه من قبل. شعرتُ بقربٍ حقيقي من ربي، وكأن ذنوبي تذوب مع كل دمعة، وكل طواف، وكل ضعف".
عبد الرحيم شريم، زوج قواس، انتابته المشاعر نفسها، وغمرته الفرحة عند رؤية الكعبة المشرفة. هذه أول مرة يؤدي فيها فريضة الحج، ويستعد شريم، ومعه حوالي 1.8 مليون حاج، لرحلة طويلة وشاقة. ستزيد درجات الحرارة المرتفعة من إرهاقه، لكنه أكد أن الأمر يستحق العناء.
وأعرب شريم، الذي يؤدي فريضة الحج لأول مرة، عن مشاعره. صحيح أن درجات الحرارة المرتفعة تزيد من الإرهاق البدني، إلا أن شريم يعتقد أن التجربة تستحق العناء. قال: "زال عني كل تعب السفر، وشعرت براحة بالغة".
عندما تحدثت صحيفة خليج تايمز آخر مرة مع سارة تيري، كانت تستعد للانطلاق في رحلة ليلية إلى منى، وهي منطقة تقع على بعد 8 كيلومترات جنوب شرق مدينة مكة المكرمة والتي تضم مئات الآلاف من الخيام لاستيعاب الحجاج.
ستستقلّ هذه الأمّ، وهي ربة منزل من جنوب أفريقيا، حافلةً مع مجموعتها، متجهةً إلى منى الساعة الثانية والنصف فجرًا. ومن هناك، تتوقع أن تكمل رحلتها من عرفات إلى مزدلفة.
"هناك أوقات قد يستغرق فيها مسار الحافلة ساعة إضافية للوصول إلى فندقنا، ولكن ذلك كان بسبب إغلاق الشرطة حول منطقة مكة المكرمة، ولكن الحمد لله أننا نستطيع أن نتحمل القليل من الإزعاج من أجل المكافأة الأكبر لهذه الرحلة"، قالت.
وأضافت تيري أنها استعدت للحرارة بارتداء الحجاب القطني واستخدام المنتجات غير المعطرة، حيث لا يجوز للمسلمين في الإحرام استخدام العطور أو المنتجات ذات الرائحة القوية.
رغم سفرها مع زوجها، وجدت الرفقة والدعم من امرأتين التقت بهما خلال الرحلة. قالت: "كوّنتُ صداقتين، وكأننا نعرف بعضنا منذ زمن طويل". وأضافت: "الدعم والألفة والرفقة التي تحصلين عليها لا مثيل لها في فترة قصيرة. إنها شيء تحتاجه أثناء وجودك هنا، لأنك في كثير من الأحيان لن تكوني مع شريك حياتك".
جاسم خطيبي، مقيم في دبي، يسافر أيضًا مع زوجته وأفراد عائلته لأداء فريضة الحج. "لم نبدأ رحلتنا إلى منى بعد. بسبب الحر الشديد، سنسافر إما في وقت متأخر من هذا المساء أو في وقت مبكر من صباح الغد."
ليالي التشريق في منى، هي ليالي الحجاج، حيث يتلوا القرآن الكريم، ويصلون، ويصلون، ويذكرون، ويستمعون إلى الدروس الدينية. يقيم جاسم ومجموعته حاليًا في حي العزيزية القريب من المشاعر المقدسة.
ووصف الخطيبي الحشود هذا العام بأنها ضخمة، ورغم أن السفر إلى الأماكن المقدسة صعب بسبب الحرارة، إلا أنه أشار إلى أن معظم الحجاج يبقون داخل أماكن إقامتهم خلال الجزء الأكثر حرارة من اليوم.
قال: "خلال فترة ما بعد الظهر، نادرًا ما يخرج أحد إلى الخارج، فالجو حار جدًا. يبقى معظم الحجاج داخل فنادقهم أو أماكن إقامتهم حتى تنخفض درجات الحرارة". وأضاف جاسم أن الكثيرين يفضلون زيارة المسجد الحرام في المساء أو الصباح الباكر.
رغم الحر الشديد والعدد الكبير من الحجاج، أشاد جاسم بالمنظمين لضمانهم تجربة سلسة وآمنة. وأضاف: "هناك لافتات واضحة، وإعلانات دورية، وأشخاص يساعدوننا طوال الطريق. هذا يمنحنا راحة البال، وخاصة لكبار السن في مجموعتنا".
ترعى منظمات في مختلف أنحاء الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك مركز أبوظبي لإعادة التأهيل ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، رحلات الحج المجانية للإماراتيين غير القادرين على تحمل تكاليف الحج، بما في ذلك كبار السن والأرامل والمطلقات.
كما ستقوم بعثة الحج الرسمية للدولة برعاية حجاج دولة الإمارات في المشاعر المقدسة من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية لهم وإعدادهم لرحلاتهم.