من حرية الإبداع إلى الانضباط التكتيكي.. الزمن يغير وجه كرة القدم

الوعي التكتيكي مبكر جداً ويصعب تحقيق التوازن بين متعة اللعب وإظهار المهارة، دون الإخلال بمتطلبات الانضباط
من حرية الإبداع إلى الانضباط التكتيكي.. الزمن يغير وجه كرة القدم
تاريخ النشر

منذ أن بدأت في كتابة هذا العمود أسبوعياً، لاحظت أن ذكرياتي مع مانشستر يونايتد هي أكثر ما يثير فضول القراء في رسائلهم إلينا.

ورغم ذلك، فإن العديد من الأسئلة تتمحور حول الفروقات بين كرة القدم اليوم وبين ما كانت عليه خلال الفترة التي قضيتها في قمة اللعبة في إنجلترا.

يميل الناس إلى تصوير الأمر وكأن القدرات البدنية اليوم تفوق على ما كانت عليه في السابق بأشواط، وعلى الرغم من صحة ذلك إلى حدٍ ما، إلا أنني لا أتفق مع ذلك تماماً، فقد وصلت إلى إنجلترا في فترة كانت اللياقة البدنية والنظام الغذائي في صميم خطط الفوز بالألقاب.

ما أراه أكبر فارق هو مدى الوعي التكتيكي الذي يُطلب من اللاعبين الآن. إذ يتم تدريبهم بدقة على أماكن تمركزهم في الملعب طوال الوقت، أعتقد أن هذا أحد أسباب تراجع الإبداع والبراعة في كرة القدم، حسب قول النقاد.

في الدوري الإنجليزي اليوم، كل اللاعبين تقريباً يتدربون بنفس الطريقة، من الأندية الكبرى حتى الصغيرة، يتلقون تعليمات تكتيكية متشابهة تُعد أولوية. أما في فترتي، فكنا نفهم التكتيكات الأساسية، لكن كنا نملك حرية التصرف.

يبدأ الوعي التكتيكي لدى اللاعبين في سن مبكرة جداً ومن الصعب عليهم تحقيق التوازن بين الحفاظ على متعة اللعب وإظهار المهارة، دون الإخلال بمتطلبات الانضباط. بصراحة، أنا سعيد لأن فترة لعبي في كرة القدم للناشئين كانت خالية من الهموم!

إذا تحدثت إلى أي لاعب من جيلي وطرحت هذا السؤال، فلا شك أنك ستسمع منه في مرحلة ما كلمة واحدة عن الفرق: السرعة.

اللعبة اليوم باتت سريعة للغاية، لدرجة أنني حين أشاهد مباريات من فترتي مع مانشستر يونايتد، أشعر وكأن الزمن كان أبطأ. الكرة تنتقل الآن من طرف إلى آخر بسرعة البرق، وفي ظل هذه الوتيرة، تحدث عمليات الضغط على الخصم في لمح البصر. ولهذا نرى الفرق تلجأ إلى خطط تكتيكية مبتكرة لكسر الضغط.

أحد أبرز الفروقات أيضاً أن الحدود بين ما هو مقبول جسدياً وما هو مرفوض أصبحت غير واضحة كما كانت. ورغم أن اللعبة لا تزال تعتمد بشكل كبير على التلامس، لكن التدخلات الآن تتم بقوة وعدوانية أقل مما كان في السابق.

ويبدو أن الحكام في إنجلترا يتعرضون للكثير من الانتقادات، لكن الحقيقة هي أنهم أفضل من أي وقت مضى، ويسيطرون على اللعبة بشكل أكبر بكثير.

هل من الجيد أم السيئ أن يغيب بعضٌ من هذه القوة الجسدية عن اللعبة؟ أعتقد أن عليك سؤال الجماهير عن ذلك.

التدخلات العنيفة تشعل المدرجات وتُلهب الحماس، لكنها في الوقت نفسه تضع سلامة اللاعبين على المحك.

ومع التقدم في علوم الرياضة وزيادة القوة البدنية لدى اللاعبين، باتت التدخلات الخشنة أكثر خطورة وقد تُسبب أضراراً حقيقية.

في المجمل، يظل كل جيل من اللاعبين مؤمناً بأنه عاش العصر الذهبي للعبة، لكن ما يهم فعلاً هو أن يشعر المشجعون بالإثارة والمتعة، فذلك هو جوهر كرة القدم.

(فاز المدافع الفرنسي السابق ميكائيل سيلفستر بخمسة ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز مع مانشستر يونايتد. وكان أيضاً عضواً في فريق يونايتد الذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2008)

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com