براون تتفوق على بيركلي: "آريان"يتخذ قراراً غير تقليدي
"أريان ساوهني"، الطالب المتفوق من دفعة هذا العام في أكاديمية دبي الدولية، كان عليه مؤخراً اتخاذ قرار صعب للغاية، ألا وهو الاختيار بين جامعة "براون" أو "بيركلي".
كان "آريان" مسروراً للغاية بقبوله في برنامج علوم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا في "بيركلي"، والذي يُعتبر من بين أفضل البرامج في العالم، متساوياً مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) و"كارنيجي ميلون" و"ستانفورد"، وفقاً لتصنيف "أفضل كليات علوم الكمبيوتر" في موقع "أخبار الولايات المتحدة" (US News). وحينها، بدا مستقبل "آريان" مؤكداً.
لكن الأمور تغيرت عندما وصلته رسالة قبول أخرى من جامعة "براون"، وهي عضو في رابطة "آيفي ليج" (Ivy League) المرموقة والمعروفة بنظامها التعليمي المتقدم والمبتكر المسمى "المناهج المفتوحة". يتيح هذا النظام للطلاب السيطرة على دراستهم إلى أقصى حد، حيث يتم الاستغناء عن النظام التقليدي القائم على التخصص الذي تتبعه معظم الجامعات الأمريكية. بدلاً من ذلك، يسمح للطلاب باتباع "اهتمامات" تتناسب مع توجهات كل فرد، مما يمنحهم المرونة لتصميم مسارات تعليمية تلبي شغفهم الشخصي وأهدافهم الأكاديمية.
من الناحية النظرية، وبالنسبة للكثيرين الذين يميلون إلى الأرقام الدقيقة بدلاً من التفاصيل، بدا أن "بيركلي" هي الخيار الواضح، حيث احتل برنامج علوم الكمبيوتر في "براون" مرتبة أدنى بكثير في تصنيفات "أخبار الولايات المتحدة" (US News) و"كيو اس وورلد" (QS World) وغيرها من التصنيفات الجامعية الكبرى.ومع ذلك، يعكس اختيار "آريان" "غير التقليدي" سطحية هذه التصنيفات التي أصبحت تهيمن على أحلام الطلاب في الإمارات.
بعد التشاور مع الخريجين والأساتذة والطلاب الحاليين ومستشاره في مجموعة هيل التعليمية، اختار "آريان" جامعة "براون"، وهو قرار كان مفاجئاً لبعض زملائه في المدرسة ومحيطه. ومع ذلك، يعكس تفكيره أحد شعاراتنا الأساسية: "ابحث عن ما يناسبك".
كطالب لديه اهتمامات متنوعة تشمل الذكاء الاصطناعي والفلسفة والأعمال وعلم النفس والتعليم، كان "آريان" على دراية تامة بالصعوبات التي قد يواجهها في التسجيل المتبادل للفصول الدراسية في مختلف الأقسام في "بيركلي"، الجامعة المعروفة ببيروقراطيتها المعقدة. وهذا يعتبر نتيجة غير مفاجئة لعدد الطلاب الجامعيين الذي يتجاوز 32,831 مقارنة بـ 7,222 في "براون". في ظل الازدحام في "بيركلي"، سيجد "آريان" نفسه سمكة صغيرة في بحر كبير، مما يتطلب منه المنافسة الشديدة للحصول على فرص بحثية قيمة في المختبرات والانخراط في محاضرات كبيرة.
بالنظر إلى النسبة المتفوقة للطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس في جامعة "براون"، فهذا يعني أن "آريان" سيكون قادراً على العمل عن كثب مع أعضاء هيئة التدريس، حيث لن يكون "مجرد طالب وسط حشد كبير". بالإضافة إلى ذلك، ستجد اهتمامات آريان المتنوعة عبر التخصصات الدعم المطلوب بدلاً من التثبيط، مما يمكّنه من الحصول على التعليم المتكامل الذي يسعى إليه.
وأخيراً، نظر في إمكانات التواصل بين الجامعتين، فرغم أن "بيركلي" تقع بالقرب من قلب وادي السيليكون، إلا أنها تفتقر إلى تنوع الطلاب من خلفيات متعددة. فبحكم كونها جامعة عامة (وهو ما يعني في السياق الأمريكي أنها تعتمد على التمويل الحكومي، فضلاً عن الرسوم الدراسية)، فإن غالبية طلاب الجامعة هم من سكان كاليفورنيا. في الواقع، من بين 14,565 طالباً تم قبولهم كطلاب سنة أولى في جامعة كاليفورنيا في "بيركلي" عام 2023، كان 10,994 منهم من كاليفورنيا.
يمكن القول إن نظام جامعة كاليفورنيا يواجه تحديات متزايدة في استقباله للطلاب الدوليين. حيث يرى العديد من سكان الولاية أن هؤلاء الطلاب "يحتلون أماكن" مخصصة للطلاب المحليين، الذين يمولون النظام من خلال ضرائبهم. وقد أدى هذا الانطباع إلى تراجع ملحوظ في أعداد الطلاب الدوليين المقبولين في مختلف الجامعات.
وعلى النقيض من ذلك، تجذب جامعة "براون" مجموعة متنوعة من الطلاب من جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، حيث تتمتع بمكانة مرموقة كجزء من رابطة "آيفي ليج". وهذا يمنحها القدرة على استقطاب شريحة متميزة من الطلاب وغالباً ما يكونون من خلفيات أكاديمية رفيعة، مثل الطلاب من المدارس الثانوية الخاصة النخبوية على الساحل الشرقي. وقد أُعجب "آريان" بشكل خاص بحيوية مشهد الشركات الناشئة في "براون"، الذي يوفر له فرصاً أكبر وموارد مالية وفيرة، مع مستوى تنافسي أقل مقارنةً بتلك التي تُعرف بها جامعة "بيركلي".
في النهاية، اتخذ "آريان" قراره بالالتحاق بجامعة "براون" في الخريف بناءً على فهم عميق ليس فقط للجامعات التي قبلته، بل أيضاً لرؤيته الشخصية ودوافعه وأهدافه التعليمية. تعكس حالته أحد المبادئ الأساسية لفلسفة مجموعة هيل التعليمية، حيث لا يمكن لأي مقياس أو تصنيف أن يتفوق على الفهم النوعي الشامل لمفهوم "الملاءمة".
الكاتب مستشار تعليمي في مجموعة هيل التعليمية