ارتفاع حالات الإنفلونزا والأطباء يؤكدون أهمية اللقاح
مع تقلبات الطقس وانخفاض درجات الحرارة وعودة العديد من السكان من الإجازات الصيفية، سجلت المستشفيات في الإمارات زيادة ملحوظة في حالات المرض بين السكان، وفقاً لما أشار إليه الأطباء.
تتركز الحالات التي تم تسجيلها في المستشفيات على أشخاص يعانون من أعراض الحمى والإرهاق ومشاكل في الجهاز التنفسي.
وقد عانى كريم الشيخ، مدير مبيعات ميداني يبلغ من العمر 34 عاماً في دبي، من ظهور أعراض الأنفلونزا بشكل مفاجئ بعد عودته من رحلة إلى الهند. وقال: "ظهرت الأعراض فجأة بعد عودتي من الإجازة. اعتقدت أنها مجرد أعراض إرهاق السفر، ولكن خلال يوم واحد، ارتفعت حرارتي وبدأت أشعر بآلام في جسمي. لذا توقفت عن العمل منذ أربعة أيام ولم أعد قادراً على القيام بمهامي بشكل طبيعي".
وبالمثل، مرت "ماريا لوبيز"، وهي فلبينية تبلغ من العمر 28 عاماً وتعمل كمديرة تسويق في سلسلة سوبرماركت، بتجربة مشابهة. وقالت: "أخذت إجازة لعدة أيام حيث جاء أبناء عمومتي وأصدقائي إلى دبي. وبعد عودتي إلى العمل، أصبت بالمرض بعد يومين. كان السعال وآلام العضلات سيئاً لدرجة أنني لم أستطع النهوض من السرير. كنت في إجازة مرضية منذ يومين، ونصحني الطبيب بالراحة التامة قبل العودة إلى العمل".
ارتفاع حالات الانفلونزا
قالت الدكتورة "نيشي سينغ"، استشارية في علم الفيروسات وأستاذة مساعدة في الأمراض المعدية في "ميدكون إف زد سي"، إن هذا الوقت من العام هو الأكثر شيوعاً لانتشار فيروسات الإنفلونزا. وأوضحت: "هذا هو الوقت الذي يبدأ فيه الطقس بالبرودة وترتفع فيه الرطوبة، ويعود الكثيرون من رحلاتهم من مناطق مختلفة من العالم. حيث تعتبر هذه الظروف مثالية لانتشار الفيروسات التنفسية".
وفقاً للمتخصصين في الرعاية الصحية، يعود العديد من السكان من مناطق مختلفة حاملين معهم سلالات جديدة من الإنفلونزا، لتجد بيئة مناسبة للانتشار بين من لم يتعرضوا لهذه السلالات. وقالت الدكتورة "سينغ": "يمكن أن تستمر أعراض الإنفلونزا لمدة تتراوح بين خمسة إلى سبعة أيام، وتشمل الحمى الخفيفة وآلام الجسم والصداع وسيلان الأنف. ومع ذلك، فإن استمرار الأعراض لأكثر من أسبوع أو ظهور أعراض مثل آلام الصدر أو زيادة الإفرازات أو التغيرات العصبية يتطلب استشارة طبية فورية".
أهمية اللقاح
يلعب لقاح الإنفلونزا دوراً حاسماً في الوقاية من انتشار المرض ومضاعفاته. وأكدت الدكتورة "جايا جيثا"، أخصائية في الطب الباطني بمستشفى زليخة، أن اللقاح مهم بشكل خاص للفئات المعرضة للخطر مثل كبار السن والأطفال والأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي. وقالت: "حتى إذا لم يتم تلقي اللقاح قبل موسم الإنفلونزا، فإنه لا يزال فعالاً إذا تم إعطاؤه خلال الموسم".
يتم تحديث لقاحات الإنفلونزا كل عام لمكافحة أكثر سلالات الإنفلونزا انتشاراً من النوعين A وB المنتشرة في جميع أنحاء العالم. يمكن للقاح أن يقلل من حدة الأعراض في حالة الإصابة، كما يقلل من خطر نقل العدوى للآخرين.
وأضاف الأطباء أنه بالإضافة إلى اللقاح، تلعب التدابير الوقائية الأساسية مثل غسل اليدين بانتظام وتجنب الاتصال المباشر مع المصابين والحفاظ على النظافة العامة دوراً مهماً. وقالت الدكتورة "سينغ": "ينتشر فيروس الإنفلونزا بشكل رئيسي من خلال الرذاذ عندما يسعل أو يعطس الأشخاص، ويمكن للأيدي المصابة أن تنقل الفيروس أيضاً. لذا، فإن الحفاظ على نظافة اليدين أمر أساسي".
متى يجب طلب الرعاية الطبية
ينصح الأطباء بالراحة والترطيب وتناول مسكنات الألم البسيطة لعلاج أعراض الإنفلونزا. وقالت الدكتورة "سينغ": "في حالات الإنفلونزا البسيطة، تكون الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية مع العلاجات المنزلية المهدئة كافية. ومع ذلك، بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للخطر، يمكن أن تساعد الأدوية المضادة للفيروسات مثل أوسيلتاميفير إذا تم تناولها في وقت مبكر من المرض في تخفيف الأعراض والحد من انتشار الفيروس".
وأكد المتخصصون في الرعاية الصحية أن معظم الحالات يمكن علاجها في المنزل، لكن من المهم معرفة متى يجب طلب الرعاية الطبية. وقالت الدكتورة "جيثا": "إذا كان المريض، وخاصةً من الفئات الأكثر عرضة للخطر، يعاني من أعراض متفاقمة مثل الحمى المستمرة أو آلام الصدر أو ضيق التنفس أو التعب الشديد، فعليه استشارة الطبيب فوراً".
كما يجب على الأسر التي ترعى شخصاً مصاباً بالإنفلونزا أن تتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار الفيروس داخل المنزل. وأضافت الدكتورة "جيثا": "إن عزل الشخص المريض في غرفة منفصلة، وضمان التهوية الجيدة، وتعقيم المناطق المشتركة بانتظام يمكن أن يساعد في تقليل خطر انتقال العدوى".
ارتفاع عدد الحالات مرتبط بعودة المسافرين
مع عودة الكثير من سكان الإمارات من إجازاتهم، تشهد البلاد زيادة كبيرة في حالات الإنفلونزا. وقالت الدكتورة "جيثا": "مع عودة الكثيرين من مختلف أنحاء العالم، أصبح هناك تبادل حتمي لسلالات جديدة من الإنفلونزا، كما أن التجمعات المتكررة تزيد من سرعة انتقال العدوى".
بالنسبة لأولئك الذين لم يصابوا بالمرض، يحث الأطباء على اتخاذ تدابير وقائية والبقاء يقظين. وقالت الدكتورة "سينغ": "هذا هو الوقت المثالي للحصول على اللقاح إذا لم تكن قد أخذته. فيروس الإنفلونزا شديد العدوى، ولكن مع الرعاية المناسبة والعلاج والوقاية، يمكن التحكم فيه بفعالية".