الشاعرة "أمل حاجي" ..أنفاس حروف وظلال حنين

تؤمن أن الشعر الحقيقي يُكتب عندما تلهم الروح، لا عندما يُفرض القلم
أمل حاجي

أمل حاجي

تاريخ النشر

على ضفاف الكلمة ووهج المعنى، تولد القصص والقصائد كما تولد النجوم في ليلٍ صافٍ تُضيئه الحروف. هناك حيث يتقاطع الصمت مع البوح، تلتمع تجربة الشاعرة "أمل حاجي" التي جعلت من الكتابة جناحًا تُحلّق به فوق حدود الذات، ومن الحزن نبعًا يفيض شعرًا وإلهامًا. في هذا الحوار، نقترب من روحٍ تكتب كما تتنفس، ونكتشف كيف صاغت أمل عالمها الخاص بين دفء الحكاية ونبض القصيدة.

في عالمٍ تتلاطم فيه الكلمات وتتشابك المعاني، يعلو صوتها بفرادةٍ دافئة تصافح القلوب قبل العيون. قلمها ليس مجرد أداةٍ للكتابة، بل وطنٌ صغير تؤوي إليه مشاعرها وتستعيد عبره دفءَ التجارب وصدق الحنين. جعلت من الحرف مرآةً لنفسها، ومن الكتابة وسيلةً للبوح وللتعافي، فحولت الحزن إلى فنّ، والحنين إلى ضوءٍ يسكن القصائد.

منذ خطواتها الأولى في درب الأدب والشعر نسجت أمل عالماً من المعاني يعكس رؤيتها للجمال والإنسان والوطن، لتصبح قصائدها شهادةً على رحلةٍ إنسانية تنبض بالحياة وتفيض صدقًا ووجدانًا.

البدايات والجذور

تقول أمل: وُلدت ونشأت في أبوظبي، حيث تربيت في كنف وطنٍ أفتخر بالانتماء إليه، رغم أن جذوري صومالية. درست التصميم الجرافيكي وحصلت على دبلوم في المجال، وكان عملي الإعلامي، الممتد بين التصوير والتحرير وإدارة المحتوى، امتدادًا طبيعيًا لشغفي بالجمال والتعبير.

ميلاد الكتابة

تستعيد أمل ذكرياتها قائلةً:
"كنت شغوفة بالقراءة منذ الصغر، ولم أطرق باب  الشعر والكتابة حتى جذبتني إليها دون استئذان. بدأت رحلتي وأنا في الرابعة عشرة، مدفوعةً بتفوقي في اللغة العربية ورغبةٍ جامحة في التعبير عن نفسي. فقدت والدي في طفولتي، فكانت الكتابة لي دواءً وملاذًا، ألجأ إليها كلما اشتقت إليه. وعندما أنتهي من التدوين، أشعر بأنني استعدتُ شيئًا من طمأنينتي."

الحرف الأول

تتحدث أمل بابتسامةٍ دافئة:
"كانت أمي – حفظها الله – أول من آمَن بي، قارئتي الأولى وجمهوري الدائم. ومعها أيقظ أساتذتي في المدرسة شغفي بالكلمة وشجعوني على المضي في هذا الطريق. لا تزال تلك الأيام محفورة في ذاكرتي بحبٍ كبير، خصوصًا عندما نُشر أول نصٍّ لي في صحيفتكم الموقرة، وكان إهداءً لأمي الحبيبة."

أعمال تتنفس الوجدان

تملك أمل في رصيدها الأدبي أربعة إصدارات تكلّل مسيرتها الشعرية والمقالية:
ديوانها الأول "أنفاس أنثى" (بيروت، 2016)، و"مريضة بك" (دار هماليل، 2019)، إضافة إلى مشاركتها في إصدار جماعي بعنوان "أصوات" (دار مداد، 2019)، وأخيرًا ديوانها "في ظل أغنية" (الشارقة، 2023).
وتكشف عن عملٍ جديد قيد الطباعة تقول عنه: "كل ديوان هو ولادة جديدة، لكنه يبقى مريضة بك الأقرب إلى قلبي، فهو ابني المدلل ومشروعي الأصدق."

منبع الإلهام

ترى أمل أن الإلهام يتشكل وفق نوع النص وروح الموقف. في المقال الأدبي تخاطب القلوب وتلامس المجتمع بلغةٍ شفافة، أما في قصيدة النثر، فهي تسلّم نفسها للنص وتتركه يقودها نحو عوالم الشجن. تقول: "كل نصٍّ أنتهي منه هو خلاصة تجربةٍ وجدانية، مطرزةٌ من نبضي ووعيي."

العناوين… لحظات ميلاد أخيرة

تؤكد الكاتبة أن العنوان عندها يولد في اللحظات الأخيرة قبل الطباعة، وكأنه وحي اللحظة الختامية التي تختصر روح النص. فقد حدث ذلك في «أنفاس أنثى» و«مريضة بك»، حيث انبثق الاسم فجأةً ليصير توقيعًا أزليًا لكل عمل.

التحديات ومسيرة الإصرار

تعترف أمل أن الرحلة الأدبية ليست سهلة، فالشاعر يعاني من تقلبات الإلهام، ومن صعوبة النشر وتحمل تكاليف الإنتاج. لكنها تؤمن أن الشعر الحقيقي يُكتب عندما تلهم الروح، لا عندما يُفرض القلم.

 زمن السرعة

تقول أمل إن الكلمة مسؤولية، وإن الكاتب حامل رسالة يُضيء بها العقول ويزرع الوعي عبر الأجيال. ترى أن "وسائل الإعلام أصبحت المؤثر الأكبر في تشكيل الرأي العام، لذا فإن التحلي بالأخلاق المهنية والبحث عن المعلومة الموثوقة واجب على الجميع، لا الكُتاب وحدهم."

المشاريع الجديدة

تكشف الكاتبة عن ديوانٍ جديد تسلك فيه مسارًا مغايرًا لنصوصها السابقة، تصفه بأنه "مفاجأة" تأمل أن تلامس نبض المتلقي، إضافةً إلى عملٍ آخر يهتم بالتراث الشعبي الإماراتي وعبق الأصالة.

الوطن في قلب الحرف

تعتبر أمل أن الوطن هو الحضن الأول للأديب، وأن الكتابة له تعبير عن الامتنان والانتماء. "من خلال الكلمة نخلّد حب الوطن ونزرع قيم الفخر والاعتزاز في قلوب الأجيال."

رسالة الحرف الخالدة

تختم أمل حديثها بنبرة مؤثرة:
"رسالتي الخالدة التي أريدها أن تبقى في نصوصي هي السلام الدائم... ذلك الشعور النقي الذي يصنع الحب ولا يحتاج مقابلاً."

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com