
يعاني أكثر من 30% من سكان الإمارات العربية المتحدة من ارتجاع المريء، وهي مشكلة هضمية شائعة قد تتطور إلى مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD). ومع ذلك، تُعدّ هذه المشكلة الشائعة معرضة لخطر التطور إلى حالة أكثر خطورة، لذا فإن الفحوصات الدورية والتدخل الطبي في الوقت المناسب أمران بالغا الأهمية.
ويسعى الأطباء في الإمارات العربية المتحدة إلى رفع مستوى الوعي بهذه الحالة، خاصةً لدى المرضى الذين يعانون من ارتجاع مستمر أو طويل الأمد. ورغم سهولة السيطرة على المرض في كثير من الأحيان، إلا أن ارتجاع المريء يحمل خطر الإصابة بمريء باريت، وهي حالة مرتبطة بزيادة احتمالية الإصابة بسرطان المريء.
"مايكل أنتوني جون كاسلبيرج"، رجل بريطاني يبلغ من العمر 53 عاماً، طلب المساعدة الطبية بعد معاناته من اضطراب في حركة الأمعاء، وألم في الصدر، وارتجاع حمضي حاد. كان تشخيص حالته خطيراً ومعقداً: التهاب متوسط في المريء ناتج عن ارتجاع حمضي (التهاب المريء الارتجاعي من الدرجة ب)، وفتق حجابي كبير، ومريء باريت، والتهاب معدي اثني عشري تآكلي، وسلائل قولونية متعددة.
وأشار طبيبه المعالج إلى أن "هذه الحالات نادرة ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، وخاصة احتمال الإصابة بالسرطان في حالة مريء باريت".
وتحدث فتوق الحجاب الحاجز الكبيرة، مثل فتق كاسلبيرج، في أقل من خمسة بالمائة من حالات الفتق. في المقابل، يُصاب حوالي 1-2 بالمائة من المصابين بالارتجاع المعدي المريئي المزمن بفتق باريت.
الخبراء الطبيون يدلون برأيهم
وأكد الدكتور سانديب باتيل، أخصائي الجراحة العامة في مستشفى وعيادة أستر سيدارز في جبل علي، على فوائد العلاج الجراحي.
"تُعد عملية ثني قاع المعدة بالمنظار تقنيةً فعّالة للغاية وقليلة التوغل لعلاج فتق الحجاب الحاجز الكبير والارتجاع الحمضي الشديد. ويشهد على فعاليتها معدل النجاح المرتفع لهذه العملية عالمياً، والذي يتراوح بين 90% و95%."
في شرحه لكيفية تسبب ارتجاع المريء في الإصابة بمريء باريت، قال الدكتور أخيليش سابرا، أخصائي جراحة الجهاز الهضمي في مستشفى برايم: "ارتجاع المريء هو اضطراب هضمي مزمن، حيث يتدفق حمض المعدة أو العصارة الصفراوية (ارتجاع) إلى المريء، مما يُهيّج بطانته. يحدث هذا التدفق العكسي بسبب ضعف أو ارتخاء العضلة العاصرة المريئية السفلية (LES)، وهي صمام عضلي يمنع عادةً محتويات المعدة من العودة إلى الأعلى".
وأوضح كيف يتفاعل الجسم مع هذا الضرر مع مرور الوقت.
"يعني ارتجاع المريء المزمن استمرار ارتجاع حمض المعدة إلى المريء لفترة طويلة. يُهيّج هذا الحمض بطانة المريء ويُلحق بها الضرر. لحماية نفسه، يُغيّر الجسم الخلايا الطبيعية في تلك المنطقة إلى نوع مختلف - خلايا قادرة على تحمّل الحمض بشكل أفضل. يُسمى هذا التغيير في الخلايا بمريء باريت. مع أن هذه هي طريقة الجسم للتأقلم، إلا أن هذه الخلايا الجديدة ليست طبيعية في المريء، وقد تتحول أحياناً إلى سرطان مع مرور الوقت."
الكشف المبكر هو المفتاح
وأكد الدكتور نجيب صلاح عبد الرحمن، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى إنترناشيونال مودرن دبي، على أهمية الوعي.
"الأهم هو الكشف المبكر والمراقبة الدورية. إذا تم اكتشاف المرض مبكراً، فإن خيارات العلاج، مثل الاستئصال بالمنظار، يمكن أن تمنع تطوره إلى سرطان. ينبغي على المرضى أيضاً التركيز على إدارة ارتجاع المريء على المدى الطويل من خلال تعديل نمط الحياة، والعلاج بتثبيط الحموضة، وتجنب التدخين أو السمنة - وجميعها عوامل خطر معروفة".
حذّر من أن الأعراض ليست واضحة دائماً. "قد لا تظهر أعراض ملحوظة على العديد من المرضى، ولذلك يجب على المصابين بارتجاع المريء المزمن (وخاصةً لأكثر من خمس سنوات) الخضوع لتنظير داخلي للفحص."
فهم مخاطر الإصابة بالسرطان
قدم الدكتور محروس الرجال، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي في المستشفى السعودي الألماني في عجمان، بعض وجهات النظر حول مخاطر الإصابة بالسرطان:
"بلغ خطر الإصابة بالسرطان لدى المرضى غير المُشخصين بخلل الأنسجة بسبب مريء باريت حوالي 0.5% سنوياً. ومع ذلك، أشارت دراسات أحدث إلى أن خطر الإصابة بالسرطان لدى هؤلاء المرضى أقل من ذلك، إذ يتراوح بين 0.12% و0.33% سنوياً فقط."
ومع ذلك، يتفق الأطباء على أن الفحوصات المنتظمة والتدخل في الوقت المناسب أمران حاسمان للحد من المخاطر وتحسين نتائج المرضى.
تشمل علامات التحذير الشائعة حرقة المعدة المستمرة، وصعوبة البلع، وإحساس بوجود طعام ملتصق في الصدر، والسعال المزمن أو بحة الصوت - على الرغم من أن ليس كل شخص يعاني من الأعراض.